إذا كان الشباب السوري وجد في المطالبة بالحرية وإنهاء حكم آل الأسد مخلصاً من الظلم المفروض عليه، فإن المعتقلين القابعين في أقبية السجون الأسدية منذ سنوات وبتهمهم المختلفة لجأوا إلى الإضراب عن الطعام كوسيلة من الممكن أن تخفف الضغط عليهم بعد قرارات المحاكم القضائية الجائرة بحقهم.
المعروف عن النظام السوري وسائل التعذيب الوحشية التي يمارسها على المعتقلين في سجونه والتي أدانها الكثيرون من غير أي نتيجة تذكر لتوقفها أو المحاسبة عنها، وعلى إثر ذلك وتحت التعذيب المستمر يدلي المعتقلين باعترافات لا تخصهم أبدا إلا أن اعترافهم باعتقادهم سيقلل من حدة تعذيبهم.
ولعل إضراب المعتقلين المفتوح عن الطعام على خلفية نشاطات سياسية في سجن طرطوس المركزي المستمر منذ بداية الشهر الحالي إلى الآن خير دليل، وأعربت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن تخوفاتها الجدية على صحة وحياة المعتقلين وسط تهديدات طائفية من قبل سجناء آخرين، وأوردت أسباب الإضراب أولاً إلى صدور أحكام تعسفية جائرة من قبل ما تسميه السلطات السورية ” محكمة مكافحة الإرهاب، محكمة جنايات الإرهاب” بدمشق حيث حكمت على 36 معتقلاً سياسياً في السجن المذكور بأحكام تترواح ما بين السجن 12 عاماً وما بين الحكم المؤبد، ثانياً تعرضهم للتمييز في المعاملة على أساس طائفي على يد إدارة السجن أولاً ومن سجناء جنائيين ينتمون للطائفة العلوية الحاكمة.
إضرابات مماثلة شهدتها أقبية النظام في سجني حماة وحمص المركزيين خلال سنوات الحرب السورية، ففي سجن حماة المركزي نشرت صفحة “حماه هون” في يونيو 2015، خبراً بدأت عنوانه بعبارة “الموت البطيء”، مشيرةً إلى إضراب ينفذه معتقلو الثورة السورية في سجن حماه المركزي، ونقلت الصفحة إفادة أحد المعتقلين في السجن المذكور، والذي قال فيها إن “650 سجينًا”، من معتقلي الرأي، الذين اعتقلتهم قوات النظام خلال الأعوام الثلاثة الماضية، صدرت بحقهم “أحكام تراوحت بين الإعدام والسجن 12 عامًا، وتناقلت بعد الخبر السابق مواقع إخبارية خبر زيارة قائد شرطة حماة برفقة عدد من الضباط سجن حماة المركزي في محاولة لفك إضراب المعتقلين عن الطعام، حيث قابله المعتقلين برفض الدخول إلى الزنزانات مرددين عبارات منها ” إضراب إضراب حتى تفتح الأبواب” بالإضافة للتظاهر السلمي ضمن الممرات، وبالمقابل رد قائد شرطة حماة بقطع الكهرباء والماء عن المعتقلين كوسيلة للضغط عليهم.
أما سجن حمص المركزي في نوفمبر 2014 أعلن مئات المعتقلين عن إضرابهم عن الطعام لحين يتم الإفراج عنهم من سجون الأسد، وقال المعتقلون في رسالة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي إن 1890 معتقلًا فيه قرروا الإضراب عن الطعام “بعد وعود كثيرة من قبل مدير السجن عبدو كرم، وعضو مجلس الشعب وعضو المصالحة الوطنية في محافظة حمص نواف الملحم، وأيضا وعود من قبل محافظ حمص طلال البرازي، وكذلك وعود من قبل عضو المصالحة في حمص الشيخ عصام المصري، بقيامهم بعملية تسوية أوضاع معتقلي سجن حمص كافة، على غرار ما حدث في حمص القديمة”، إلا أنهم تفاجؤوا بالتسوية المحصورة بتسوية أوضاع معتقلي 2014 فقط البالغ عددهم 65 معتقل.
أوضاع سيئة يواجهها معتقلو الرأي والإرهابيون في ظلمات سجون الأسد كما يقول النظام السوري عنهم ابتداء من عدم وجود مذكرة اعتقال لهم ورفض إخلاء سبيلهم و تحويلهم إلى محكمة جنايات الإرهاب وغض النظر عن سبب توقيفهم الأمني، انتهاء باستشهاد أكثر من 10 آلاف منهم تحت التعذيب من أصل أكثر 300 ألف معتقل سوري والعدد بازدياد، فإلى متى سيبقى المعتقلون هم صوت من لا صوت لهم في ظل الصمت العالمي المخزي حول قضيتهم التي ضاعت هويتها مع ضياع مئات الآلاف منهم عن أهاليهم من غير أي خبر عنهم أو حتى معرفة ما إذا كانوا أحياء أم أموات؟.
المركز الصحفي السوري – محار الحسن