موت دمار أشلاء دماء براميل غدر هذه عناوين كبيرة للإصلاح الذي وعد به أسد القرداحة عناوين يعيشها السورين الأباة الصابرين في الداخل السوري الذي يصرون على الصبر والصمود أمام آلة القتل التي تعيث فسادا في سورية لتنجز برامج الاصلاح التي وعد بها نيرون سورية إصلاح طال الجحر قبل البشر ثلاث سنوات مرت من عمر الإصلاح وما تم إنجازه كبير وكثير و فوق أن يحصى ويُعد دمار حل في كل مكان فقد قتل أكثر من 150ألف شهيد و تهجير أكثر من خمسة ملاين شخص من منازلهم و أعاقة أكثر من 400 الف شخص و أكثر من مليون طالب خارج مدارسهم وتدمير أكثر 200 الف منزل هذا ما قدمه ديكتاتور سورية بمساعدة أصدقائه الروس والإيرانيين وصمت المجتمع الدولي ومساوماالصحفي أحمدت العرب على تضحيات الشعب السوري
ولكن بعيد عن كذب النظام و إدعاءاته أقول إنه ثمة إصلاح نلمسه في المدن المحررة فالإصلاح الحقيقي الذي حصل هو إصلاح الفكر من خلال حذف المصطلحات (الممانعة . تحرير الجولان , مقاومة المشروع الأنبريالي …) مصطلحات صدقها المواطن المسكين وعاش على أوهام مصطنعة لعقود مرت آمن ذاك المسكين بالممانعة وبالفزاعة الاسرائيلية ولم يدرك بفكره الذي كان يسخره لتأمين لقمة عيشه له ولأولاده بأن الطغاة ليكون طغاة يستمدون قوتهم من الدماء والكذب وخداع الشعوب واصطناع الفزاعات التي تدفع المواطن المحتسب الصابر ليصل ليله بنهاره ليقدم كل طاقاته لبناء وطن ليقوده طاغية يستغل الدين والمفردات الرنانة ليغشى بها على فكر المواطن المحتسب حتى لا يستطيع ذاك المسكين أن يدرك ماهية هؤلاء الطغاة و أفكارهم وما يخططون له
الإصلاح الذي لمسناه ونلمسه عندما نجالس السوريين داخل سورية هو مقدار التضحية المستعد لها السوري في سبيل الخلاص ونيل الحرية
أبو عبد لله من ريف حماة الشمالي رجل في العقد الخامس من العمر قدم أبنه البكر عبد لله الطالب في كلية الحقوق قربانا للحرية في ساحات الشرف والعزة وهجر بيته الذي دمرته إصلاحات الأسد وترك أرضه التي كان يقتات بها وتسد حاجته ويصرف منها على عائلته وجامعات ومدارس أبناءه نزح إلى قرية يحسبها هو سالمة نوعا ما يحدثني وهو يلف سيكارة تبغ بأوراق الشام التي طالما تغنى هو بمآثر الشام يلف سيكارة التبغ وهو يردد ويقول أبنائي وأرضي وبيتي فداء للثورة والثوار يقولها وهو يتنهد والدموع تملئ محاجر عيونه التي تشعر بمرارة الحياة عندما تبصرهما ثم يجمع قواه يتنهد بعمق وهو ينهي إشعال سيكارته و تشعر بالصدق يقطر في حديثه يكمل ويقول 40 عام ونحن مخدوعين بكذبة ممانعة وتحرير الجولان وفلسطين بل تحرير العالم من عبوديته ولا نرى القيود التي تحيط بأعناقنا كذبة كبيرة عشناها ووهم كبير كان يزرع في رؤوسنا ويسترسل بالحديث عن خدمته العسكرية وكيف كان يتفانى في سبيل شي غير موجود ثم ينتقل ليتحدث عن صعوبات الحياة التي يعيشها الآن في ضل هذه الحرب ثم يعود ليكرر ويؤكد بنهاية حديثه فيقول (ليس مهم المال أو الولد أو الارض بل الاهم هو أن تنتصر الثورة وإن لا تذهب تضحيات الشباب دون فائدة )على حد تعبيره
وقد عرت الثورة الأبية الأسد وقصة الممانعة الزائفة أيضا عرت وكشفت الكثير من الرموز السياسية والفن وبعض الرموز الدينية و الشخصيات الاجتماعية كشفت ثورة السوريين مدى كذب ودجل هذه الشخصيات التي طالما تغنت بالإنسانية و التضحية المزعومة التي كانوا يضحونها في سبيل المواطن المسكين الصابر
والإصلاح الأخر الذي تلمسه في في كل قرية وفي كل منزل هو التآخي الذي حصل بين الأسر السورية في كل الأماكن فلا يخلو بيت من عائلة نازحة فتجد صاحب البيت يستضيف عائلة في منزله من القرى المجاورة ويقتسمون مر الحياة وصعوبتها في ضل الحصار الخانق الذي تعاني منه القرى والمدن المنتفضة فأبو محمد من أهالي جبل شحشبو رجل في الستين عمره رغم فقر حاله فهو يستضيف عائلتين من بلدة كفرنبودة المدمرة منذ عام كامل ويقول لي وهو ذاهب للبحث عن الخبز له ولضيوفه أنا سعيد كوني استطيع أن أقدم شي في هذه الثورة المباركة ولو كان يسير وقد أصبحنا نحن وضيوفنا عائلة واحد لا نستطيع الاستغناء عن بعض فعندما يذهبون في زيارة لأقاربهم نفتقدهم كثيرا و ننتظر عودتهم بفارغ الصبر وأبنائي لا يستطيعون فراق أبناءهم فهم جزء منا ونحن جزء منهم
فأينما تيمم وجهك تجد التآلف والتعاون هو العنوان الابرز لمرحلة لم تمر في التاريخ على شعب لم يمر على شعب ما يمر على السوريين ومع كل هذا الدمار والقتل والفقر وقلة الموارد تجد الناس يقدمون كل مالديهم لأخوتهم النازحون من قرى أو محافظات ثانية فوجدنا في بعض القرى كل أسرة تقيم معها أسرة هاربة من الموت ليس هذا فقط بل احيانا تجد النازح الذي ساعدته الظروف ليجد منزل له يستقبل نازحين آخرين من قرى أخرى قمة العطاء والتضحية يسطرها السوريون
هذا هو السوري وهذه جزء مما لمسته على الواقع جزء من النصر الذي نحصد ثماره قبل النصر لمن نلمس قبل الثورة هذا الحب العظيم للتضحية هذه إصلاحات نشاهدها في كل مكان إسقاط أقنعة عن رموز طالما كنا نعتبرها مثالا يحتذى تعاون وتآلف بين السوريين الذين يقتسمون غرفة النوم ورغيف الخبز بهؤلاء الناس سننتصر على طغمة الفساد