لم تتوقع إيمان أن تكون المعونات الإغاثية هي الدخل الوحيد لأسرة أم محمد، الأرملة منذ سنوات، والمقيمة مع عائلتها المكونة من 13 شخصًا معظمهم من الأطفال في مدينة إدلب.
تعيش عشرات العائلات التي فقدت معيلها في محافظة إدلب معتمدة على السلل والمعونات الإغاثية، إذ إن معيل الأسرة غالبًا ما يكون امرأة، وخياراتها محدودة بقيود المجتمع وأعرافه بالغة الصعوبة.
كانت أم محمد تعمل على إعالة نفسها سابقًا عن طريق صنع “المونة” والطبخات الشعبية صعبة التحضير، “الكبة واليبرق وغيرها”، وتقوم ببيعها للعائلات الميسورة، فتوفر بذلك نفقتها وتكفي نفسها مؤونة الطلب، لكن ارتفاع أسعار المواد الأولية مؤخرًا، إضافة إلى المرض الذي ألمّ بها، منعها عن العمل، كما أن إصابة ابنها بعاهة دائمة وفقدان ابنتها لزوجها ومجيئهما كليهما للعيش معها إضافة لأطفالهما العشرة جعل وضعهم المادي مترديًا للغاية.
في حزيران 2014 نشرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين تقريرًا ذكرت فيه أن “عشرات الآلاف من النساء السوريات وقعن في دائرة المشقة والعزلة والقلق بسبب اختفاء أو مقتل أزواجهن”، وبحسب التقرير فإن نقص المال يمثل الصعوبة الكبرى، حيث تكافح المرأة وحدها من أجل البقاء لسداد أجر البيت وإطعام أطفالها، فيما لا تملك الهيئة السورية لشؤون الاسرة أي إحصائيات رسمية بهذا الخصوص”.
توفي زوج الابنة بعد صراع مع مرض عضال، كما أصيب الابن بحادث سير سبب له عاهة دائمة في أطرافه السفلية، فقدت الأولى معيلها وفقد الآخر إمكانيته للعمل ما دفع كليهما للعيش مع والدتهما للتخفيف من عبء أجرة المنزل، كحلّ مرحليّ بسبب ظروفهم المادية الصعبة.
وتعتبر إدلب من أكثر المناطق تغطية للحاجة الإغاثية في المناطق “المحررة”، بسبب قربها من الحدود التركية وسهولة وصول المواد إليها، ما يجعل عشرات العوائل ممن لا معيل لهم تقتات من هذه السلل والمعونات، الأمر الذي أدى لتبعات سيئة للغاية.
تقول إيمان الشامي، المسؤولة عن الإغاثة بمنظمة “ركين”، لعنب بلدي، إن “الكثير من النساء المعيلات ينتظرن السلة بفارغ الصبر، إذ يكتفين بها لإعالة أسرهن، وأكدت أنها حاولت مساعدتهن ليعملن أعمالًا يدوية لتحسين وضعهن المادي، إلا أن معظمهن لم يبدين تجاوبًا معها”.
نساء كثيرات بذلن وسعهن لرعاية أسرهن، ونساء أخريات فضلن اعتماد السلل الإغاثية كمصدر دخل وحيد، رغم وجود من يمتنعن عن الطلب مطلقًا، وتضيف إيمان الشامي قائلة “إن التوعية باتت مطلوبة لحسن إدارة المرأة لمنزلها ولجعلها أكثر فاعلية، إذ إن تلك المعونات التي تعتمد بعضهن عليها لربما توقفت فجأة وستكون نتائج ذلك سلبية جدًا فيما لو حدث ذلك”.
ربما كان النصب التذكاري الذي يتوسط برلين المعروف بـ “امرأة الأنقاض” محفزًا كبيرًا لدفع النساء الألمانيات للمشاركة في ميدان العمل، إذ عبر عن مشاركتهن في إزالة آثار الدمار بعد الحرب العالمية الثانية التي أنهكتها، وتقول المؤرخة الألمانية ليوني تريبر “كانت هناك نساء مجتهدات وقويات أقدمن حتى على إزالة الأنقاض، ورغم أنها لاقت رواجًا إعلاميًا كبيرًا إلا أنهن شكلن أقلية صغيرة في المجتمع”.
عنب بلدي