تنافست أنجيلينا جولي مع رستم غزالي، قبل يومين، في تصدر الأخبار السورية، وحضرا نجميْن في مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما في صفحات السوريين، النشطاء والمعلقين والمنفيين والمشتتين والمتعبين والمكلومين بمآسي أهاليهم في الداخل والمهاجر ومخيمات اللجوء. استنفر خبر وفاة رستم غزالي أرشيفاً من المخازي والجرائم والسرقات والقذارات التي تعصى على العد، وهو الذي مات تسمماً أو غيلة أو قتلاً أو بأي كيفية أخرى في مستشفى مكث فيه منذ نحو ثلاثة شهور، وقد أقيل من موقعه رئيساً للأمن السياسي، بعد زعرنةٍ في مشاجرة. ومعلوم أنه كان أحد متعهدي التشبيح في البطش بالسوريين المحتلين تحت حكم آل الأسد ومافياته، وأذنابه من طراز رستم غزالي الذي لا تقع في سيرته غير العطرة على مقطعٍ عابر طيب، إلا إذا اعتبرنا هدية حسن نصرالله، قبل عشر سنوات، له “بندقية المقاومة” كذلك، إبّان كان صاحب سطوة أمنية في لبنان، ومهرباً محترفاً، وقبيضاً من رفيق الحريري. حتى إذا عاد إلى سورية، واصل مأثوراته تلك وبحرفية أعلى، وازت بين التسلط والقمع التقليديين مع مراكمة ثروات من النهب، وبيع النفط المسروق مع أقاربه وأزلامه. ورجل بهذه السجايا، لا يُؤاخذ السوريون على بهجتهم بموته، وإن اشتهوا أن يحظى بقصاص عادل، لعل أنفساً كثيرة ترتاح في مدافنها، أزهقها هذا الرجل، تبعا للمواقع التي تولاها والأوامر التي أصدرها.
ليس من مهمات أنجيلينا جولي، النجمة الأميركية الحسناء، والتي اختارتها الأمم المتحدة سفيرة النيات الحسنة لها لشؤون اللاجئين، أن تعدد جرائم رستم غزالي، ومنها أنه أحد المسؤولين عن مأساة أربعة ملايين لاجئ سوري، يغالبون أوضاعاً قاسية في مخيمات في لبنان وتركيا والأردن، زارتها الممثلة الشهيرة، وشعرت بمأساتهم، وهي التي تتبنى طفلاً منهم (وثلاثة غيره من كمبوديا وفيتنام وإثيوبيا). في يوم وفاة غزالي، كانت تتحدث أمام مجلس الأمن الدولي عن هذه الكارثة، وقالت إن المجلس لا يستخدم صلاحياته لحماية السوريين، وطالبت الدول الأعضاء فيه بالوحدة، من أجل إنهاء الصراع الذي يسبب هجرة هؤلاء المغلوبين، ودعت ممثلي هذه الدول بالذهاب إلى تلك المخيمات، حيث اللاجئون ضحايا صراع لا يشاركون فيه. قالت ما يجب أن يقال، في كلمة مثقلةٍ بحس أخلاقي عال، وبروح إنسانية، وجاءت على كارثة غرق المهاجرين في البحر، وذكّرت بأن اليأس المطلق ما يدفع هؤلاء الهاربين إلى مغامرتهم تلك.
ليست أنجيلينا جولي (40 عاماً) نجمة سينما، اعتبرت الأكثر فوزاً بالجوائز في هوليود، فحسب، بل شابة أميركية ذات شعور إنساني أنيق. تنفق على جولاتها التفقدية في أماكن اللجوء في العالم، في كمبوديا والصومال ودارفور وأفغانستان وباكستان مثلا، من مالها الخاص، بل وتتبرع لأطفال كمبوديا بخمسة ملايين دولار، ومليون لمنكوبي دارفور، ومليون لمنظمة أطباء بلا حدود، ومليون لمنظمة إنسانية أخرى. تحضر أخبارها ممثلةً في هذا الفيلم وذاك، وزوجةً ومطلقة، وتحضر أخبار خلافاتها مع والدها الذي كان أول أفلامها معه، وتأتي أخبار على نيتها الاعتزال. وإلى هذا كله، ثمة هذا الجهد الإنساني البالغ والفريد. وقد يدهشك إفراطها في انشغالها بالجرحى في العراق، وكذا بالأيتام من اللاجئين السوريين، وبضحايا النزاعات في مطارح مسلمين وبوذيين ومسيحيين وأيزيديين. ونظن أن نداءاتها عالية القيمة في مجلس الأمن، ومن خلاله العالم كله، من أجل إنقاذ السوريين، تجعل لها موقعا بديعا في قلوب أبناء سورية في كل مكان، إلا أمثال بشار الجعفري، ممثل الأسد في الأمم المتحدة، والذي سخر منها ومن كلمتها للعالم. من الحماقة والبلاهة أن يُعمد إلى مفاضلةٍ بين هذه الشابة النجمة وغير المأسوف عليه رستم غزالي، ولم تُعن السطور السابقة بذلك، بل بالمفارقة الكاشفة في غضون التغريبة السورية الراهنة.
ليس من مهمات أنجيلينا جولي، النجمة الأميركية الحسناء، والتي اختارتها الأمم المتحدة سفيرة النيات الحسنة لها لشؤون اللاجئين، أن تعدد جرائم رستم غزالي، ومنها أنه أحد المسؤولين عن مأساة أربعة ملايين لاجئ سوري، يغالبون أوضاعاً قاسية في مخيمات في لبنان وتركيا والأردن، زارتها الممثلة الشهيرة، وشعرت بمأساتهم، وهي التي تتبنى طفلاً منهم (وثلاثة غيره من كمبوديا وفيتنام وإثيوبيا). في يوم وفاة غزالي، كانت تتحدث أمام مجلس الأمن الدولي عن هذه الكارثة، وقالت إن المجلس لا يستخدم صلاحياته لحماية السوريين، وطالبت الدول الأعضاء فيه بالوحدة، من أجل إنهاء الصراع الذي يسبب هجرة هؤلاء المغلوبين، ودعت ممثلي هذه الدول بالذهاب إلى تلك المخيمات، حيث اللاجئون ضحايا صراع لا يشاركون فيه. قالت ما يجب أن يقال، في كلمة مثقلةٍ بحس أخلاقي عال، وبروح إنسانية، وجاءت على كارثة غرق المهاجرين في البحر، وذكّرت بأن اليأس المطلق ما يدفع هؤلاء الهاربين إلى مغامرتهم تلك.
ليست أنجيلينا جولي (40 عاماً) نجمة سينما، اعتبرت الأكثر فوزاً بالجوائز في هوليود، فحسب، بل شابة أميركية ذات شعور إنساني أنيق. تنفق على جولاتها التفقدية في أماكن اللجوء في العالم، في كمبوديا والصومال ودارفور وأفغانستان وباكستان مثلا، من مالها الخاص، بل وتتبرع لأطفال كمبوديا بخمسة ملايين دولار، ومليون لمنكوبي دارفور، ومليون لمنظمة أطباء بلا حدود، ومليون لمنظمة إنسانية أخرى. تحضر أخبارها ممثلةً في هذا الفيلم وذاك، وزوجةً ومطلقة، وتحضر أخبار خلافاتها مع والدها الذي كان أول أفلامها معه، وتأتي أخبار على نيتها الاعتزال. وإلى هذا كله، ثمة هذا الجهد الإنساني البالغ والفريد. وقد يدهشك إفراطها في انشغالها بالجرحى في العراق، وكذا بالأيتام من اللاجئين السوريين، وبضحايا النزاعات في مطارح مسلمين وبوذيين ومسيحيين وأيزيديين. ونظن أن نداءاتها عالية القيمة في مجلس الأمن، ومن خلاله العالم كله، من أجل إنقاذ السوريين، تجعل لها موقعا بديعا في قلوب أبناء سورية في كل مكان، إلا أمثال بشار الجعفري، ممثل الأسد في الأمم المتحدة، والذي سخر منها ومن كلمتها للعالم. من الحماقة والبلاهة أن يُعمد إلى مفاضلةٍ بين هذه الشابة النجمة وغير المأسوف عليه رستم غزالي، ولم تُعن السطور السابقة بذلك، بل بالمفارقة الكاشفة في غضون التغريبة السورية الراهنة.
معن البياري – العربي الجديد