ازداد ارتفاع أسعار المواد الغذائية في جنوب دمشق بشكل جنوني، ومن أجل إيصال صوت الجنوب الدمشقي المنسي إلى كل المنظمات العالمية، والمجتمع الدولي للضغط على النظام الذي يعمد على إخضاع الناس وتركيعهم باستخدام سلاح الجوع، أطلق ناشطون حملة على شبكة التواصل الاجتماعي أسموها «أنا جوعان».
ومع استمرار قوات الأسد بإغلاق معبر ببيلا – سيدي مقداد وهو المعبر الوحيد الذي يمكن من خلاله إدخال بعض المواد الغذائية إلى مناطق الجنوب، عاد شبح الموت جوعا ليهدد ما يقارب مئة ألف شخص يعيشون في جنوب دمشق بسبب عدم قدرتهم على تأمين الطعام لندرته تارة، وتارة أخرى بسبب غلائه بشكل خيالي.
ومن مناطق الجنوب الدمشقي مخيم اليرموك أحد أكثر المناطق في سوريا تأثرا بالحصار، حيث يقبع المخيم تحت حصار خانـــق منذ ما يقـــارب العــامين فقد خلالها 177 من أبنائه، 20 منهم منذ مطلع العام الحالي، وشهدت حملة «أنا جوعان» مشاركة واسعة خاصة من ناشطي المخيم، وعدد من الناشطين الفلسطينيين والسوريين المقيمين في الخارج.
وتحدثت الناشطة سوزان أحمد عن بعض الاسرائيليين الذين يتعجبون من سياسة بشار الأسد الفاشية مشيرين إلى أن اسرائيل لم تجوع الفلسطينيين في تاريخها، بل تحولت أساليب «بشار الأسد» إلى تهديدات ترسلها اسرائيل للفلسطينيين في مفارقة عجيبة، وشارك عدد من الصحافيين والشخصيات المشهورة كفاطمة التريكي بدعوتهم للمشاركة في الحملة لإيصال أنين الجوعى للعالم، وكتب «محمد خير موسى» عن تقصير الجميع في مساعدة الجائعين ولو بأبسط الاشكال الممكنة فقال «بالله عليكَ ـ أيها الميت جوعا في اليرموك ـ أغلق عينيك، فلَن ترى في وجوهنا إلَّا عار خذلانك، وقبح نسيانك» كما بث الناشطون العشرات من شرائط الفيديو حول واقع أهل المخيم و الحالة المأساوية التي وصل إليها الأهالي والأطفال بسبب الجوع الشديد وانعدام مقومات الحياة.
كتب الصحافي مطر اسماعيل على صفحته الشخصية على «فيسبوك» مشيرا إلى سوء الأوضاع في المخيم والتي تفضي إلى الجنون، فثلاثة من خاطفي الحياة يسيطرون على المخيم «الجوع، والاقتتال الداخلي، وعمليات الاغتيال».
ونشر صــــورا ظهر فيها أشخاص لم يتبقى من أجسادهم سوى العـــظم المغطى بطبـــقة رقيــقة من الجلد، ومنهم من فارق الحياة بسبب نقص الغذاء.
وتحدث الناشط «حسان تقي الدين» من الغوطة الشرقية عن تجربته في الحصار بمنطقة الجنوب قبل عودته إلى الغوطة الشرقية مبينا تشابه أحوال المنطقتين ماعدا انقطاع المياه عن مناطق في الجنوب منذ ما يزيد عن ستة أشهر، أما الناشط والمصور رامي السيد فقام بنشر عدد من الصور مرفقة بعبارات تتحدث عن حكم جريمة التجويع في القانون الدولي وعن جهل كل من لم يجرب الجوع بالإحساس الناتج عنه.
يقع مخيم اليرموك جنوب العاصمة دمشق وقتل فيه مايقارب 1200 شخص نتيجة قصف قوات بشار الأسد مدعومة بالميليشيات الفلسطينية الموالية لها، وقد مضى على انقطاع الكهرباء في المخيم أكثر من عامين، فيما حرم أهالي المخيم من المياه الصالحة للشرب منذ مايزيد عن الستة أشهر، وقال ناشطو المنطقة أن سعر كيلو الرز جراء الحصار وصل إلى 80 دولار وسعر ربطة الخبز إلى 50 دولار.
في السياق نفسه أعلن مركز الشتات الفلسطيني للإعلام أن حياة ثلاثة آلاف طفل مهددة بالموت جوعا، أو مرضا في ظل الحصار المفروض على المخيم وأكد المركز أن انعدام المواد الغذائية الرئيسة الضرورية لنمو الجسم ومقاومته للأمراض، وكذلك انعدام حليب الأطفال والأدوية، أسفر إلى وفاة العشرات من الرضع حديثي الولادة كان آخرهم الرضيع محمد العصار (20 يوما) توفي في أول أيام شهر آذار/ مارس من العام الجاري.
طالب أهالي المخيم الأمم المتحدة العمل على إنهاء مأساتهم والضغط على النظام للسماح بإدخال المساعدات الإغاثية والطبية، وفتح ممر آمن لدخول وخروج الأهالي وعودة المهجرين إلى مخيمهم، بالإضافة إلى تحييد اليرموك عن الصراع السوري، هذه التقارير المأساوية وبعض الحملات التي تم تنظيمها كحملة «أنا جوعان» دفعت منظمة الأنرروا للضغط على النظام للسماح بإدخال بعض من المواد الغذائية إلى المخيم، وهو ما حصل بالفعل حيث قامت الأنروا بتوزيع بعض المساعدات الغذائية في الخامس من شهر آذار/ مارس الجاري على عدد من أهالي المخيم عند مدخل المخيم من جهة الزاهرة وهو ما اعتبره كثيرون مجرد مناورة من قبل النظام لتنفيذ أجندته الخاصة من جهة اظهار أنه يسمح بإدخال الغذاء للمدنيين في الأماكن المحاصرة تطبيقا لقرار مجلس الأمن، وهو مالم يحدث على الإطلاق إذ تعتبر هذه المساعدات الأولى منذ ما يقارب الثلاثة أشهر في انتظار التوصل إلى حل جذري لمأساة الجوع في المخيم وجنوب دمشق.
أحمد الدمشقي – «القدس العربي»