نشرت صحيفة “إيكونوميست” أمس الأوّل 10 آذار/مارس، تقريراً اطلع عليه المركز الصحفي السوري وترجمه بتصرف عن زوجة رأس النّظام “أسماء الأسد” والأدوار والمهام التي قامت بها في سوريا.
بعد عشر سنوات من الربيع العربي الذي انقلب فيه ملايين الأشخاص في الشرق الأوسط على الأنظمة القمعية، احتفظت الأسرة الحاكمة في سوريا بالسلطة ولكنّ ذلك كلّفها ثمناً باهظاً، فقد قتلت قوات النظام مئات الآلاف من السوريين وعذبت أكثر من 14 ألف شخصٍ حتى الموت، وهجّرت نصف السكان من ديارهم، ما سبّب أكبر أزمة لاجئين من الحرب العالمية الثانية.
وصفت الحكومة الأمريكية “أسماء” بأنّها واحدة من أسوأ المستفيدين من الحرب في سوريا، فلم يعد صعودها في عائلة الأسد مجرد مادة للقيل والقال مع كثرة الهمسات بأنّها يمكن أن تخلف زوجها رأس النّظام في منصب الرئاسة.
ولدت أسماء الأخرس عام 1975 في منطقة أكتون غربي لندن من أسرة محافظة ثقافياً, وكانت تعرف في مدرستها الابتدائية بكنيسة إنكلترا المحلية باسم “إيما” وبشكل يصعب تمييزها كسورية هناك.
درست أسماء في واحدة من أقدم مدارس البنات الخاصة في بريطانيا “كوينز” في شارع هارلي بالقرب من عيادة والدها الطبية الخاصة, وحصلت على درجة علمية في علوم الكمبيوتر من كلية لندن.
لم تكن أسماء ممن يرغبن بالعودة إلى الوطن الأم سوريا أو تهتم لأمرها كوطن تنتمي إليه فكانت زياراتها إلى دمشق, كانت تمضي معظم وقتها في فندق الشيراتون كسيدة إنكليزية لا تريد أن يكون لها علاقة بسوريا.
ساعد عمّ أسماء رأس النظام السابق حافظ الأسد بالاستيلاء على السلطة, واستخدمت والدتها تلك الصلة وحصلت على وظيفة في السفارة السورية في لندن وحرصت على تنظيم اللقاء بين ابنتها “أسماء” ونجل رأس النظام “بشار الأسد” عندما كان يدرس الطب في لندن.
عندما تسلّم رأس النّظام “بشار” السلطة عقب وفاة والده في شهر حزيران/يونيو من عام 2000 كانت أسماء ماتزال تعمل في مكتب في “جي بي مورغان” وكانت قد فازت للتو بمقعد في كلية هارفارد للأعمال, إلاّ أنّها اختفت فجأة لمدّة ثلاثة أسابيع دون سابق إنذار لتعود بعدها وتعلن ارتباطها بشاب سوري, وعندما سألها أحد الصحفيين عما إذا كانت قد شعرت بالندم لتركها فرصتها في كلية هارفارد أجابت “من سيختار هارفارد على الحب؟؟؟
بدت أسماء رفيقة واعدة لرئيس سوريا الجديد، وقد أصبح حزب البعث السوري أكثر تقبلاً من معظم الدول العربية لتولي المرأة أدواراً عامة, لكن كان عليها أن تحسب حساب أم زوجها “أنيسة” التي أرادت أن يتزوج ابنها من داخل العشيرة، لإنشاء سلالة طويلة الأمد مثل آل سعود في شبه الجزيرة العربية، وحتّى أنّ بعض أفراد العائلة اقترحوا أن يتنازل بشار عن منصب الرئاسة بسبب زواجه من امرأة سنية.
يقول مستشار رأس النظام في ذلك الوقت “أيمن عبد النور” أنّ والدة بشار قررت إخفاء الزواج فلم يتم نشر أي صورة رسمية، وأصرّت أنيسة على الاحتفاظ بلقب “السيدة الأولى” وأبقت أسماء داخل المنزل لسنوات، وحتى أنّ الأسرة كانت تتحدث اللهجة العلوية نظراً لأنّ أسماء لم تكن تجيد اللغة العربية بطلاقة ولن تفهم ما يتحدثونه.
زادت أسماء من مظهرها الخاص وكان عندها سيل لا ينتهي من الصناديق التي تحتوي على ملابس من أرقى المتاجر في لندن, وأطلق عليها دبلوماسيون سوريون اسم “إميلدا ماركوس” السيدة الأولى الفلبينية التي تدمن شراء الأحذية.
وجدت أسماء طريقة لتوسيع نفوذها عن طريق الأعمال الخيرية وسعت لتنظيم مشاريعها في منظمة واحدة “الأمانة السورية للتنمية” وهدفت إلى جعل الثقة هي القناة الأساسية التي من خلالها تواجه سوريا العالم، واعتبرت أن سوريا يجب أن تكون وجهة سياحية مرغوبة فجندت أمناء متحف اللوفر والمتحف البريطاني لإعادة تصميم وسط دمشق على غرار أبنية معروفة في أوروبا والعالم.
مع بداية انتفاضة الشعب السوري توقفت أسماء عن إجراء المقابلات، وركّزت بدلاً من ذلك على تجديد منزلها فأنفقت في أولى سنوات الانتفاضة 250 ألف جنيه إسترليني على الأثاث وتمّ الكشف عن رحلات تسوق لها، في رسائل الكترونية سربت عام 2012
في اليوم التالي لمجزرة الكيماوي في آب/أغسطس من عام 2013، نشرت أسماء صورة لها ولزوجها جالسين على شرفة مزينة بالورد وأرفقتها بنص قالت فيه “الحب بلد يقوده أسد قضى على المؤامرات والسيدة الأولى المخلصة لوطنها”
فقدت أسماء ألدّ خصومها في شباط/فبراير من عام 2016، بوفاة والدة رأس النظام “أنيسة” ولكي تتماشى مع واقع الحرب في سوريا، حاولت خلق أسماء جديدة بدون فساتين شانيل وأحذية بكعب عالي وترتدي بدلاً من ذلك الأحذية بدون كعب والقمصان والبنطال في محاولة منها أن تكون أحد أفراد الشعب السوري الذي يعاني من واقع الحرب.
استفادت أسماء من اقتصاد الحرب بشكل مباشر وفازت شركة تابعة لها بعقد حكومي لإدارة مدفوعات البطاقة الذكية، وأسست شركة للهواتف المحمولة تدعى “إيماتيل” على اسم طفولتها، وسجلتها باسم خضر علي طاهر الملقب بــ “أبو علي خضر” الذي يشار إليه باسم “واجهة أسماء لكلّ شيء”.
أصبحت عائلة أسماء ذات نفوذ قوي في الاقتصاد السوري, فقد استلم شقيقها فراس وابن عمها مهند الدباغ شركة البطاقات الذكية نيابةً عنها، وأصبح ابن عمها “طريف الأخرس” أحد أبرز الشخصيات الاقتصادية للنظام واستحوذت شركاتها على البلاد فسيطرت “أمانة سوريا” على المؤسسة الخيرية التي استخدمها مخلوف لجني أمواله، وثبتت أسماء موظفيها في مجلس إدارات شركاته.
منحت وسائل الإعلام المحلية “سيدة الياسمين” كما يسميها مؤيدو النظام وقت بث متزايد ورصدت ملصقات ضخمة لصورتها في مسقط رأس والديها في حمص تغطي مجمعات شكنسة بأكملها، وحتى أنّ الوزراء اعتادوا عرض صورتها في مكاتبهم إلى جانب صور رأس النظام “بشار”.
ومع سقوط ورقة مخلوف ورحيل أخت رأس النظام ووالدته, لم يعد لدى أسماء سوى عدد قليل من المنافسين الأساسيين في الدائرة الضيقة للسلطة، فيشغل العديد من أقرب مستشاريها المناصب العليا في مكتب الرئاسة فهي تسيطر على المعينين في القصر، ويمكنها أن ترشح من تريد للعمل في مكتب الرئاسة بحسب أحد رجال الأعمال المقربين.
لن يدعم العلويون محاولاتها للرئاسة ويعدّ الآن شقيق رأس النّظام الأصغر “ماهر” الذي مايزال يقود الفرقة الرابعة المدرعة التي يهابها الجيش، نفسه أقوى خصم محتمل لها، فلن يسمح لها بالوصول إلى الرئاسة, فهل يمكن أن تقدم أسماء كرئيسة دعماً للأغلبية السنية في البلاد أم أنها ستكون كما يرى معظم السوريين وسيلةً للالتفاف على الثورة وإنقاذ النظام !!!!!!
محمد المعري
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع
رابط التقرير