موقع المحرر
على الرغم من أن أحد أهم وسائل إيران في التعامل مع الآخرين وخاصة في مجال السياسة هي (التقية)، بمعنى أن الظاهر لا يتطابق مع الباطن. فهم يقولون خلاف ما يضمرون الخ، وبالتالي ما يقولونه لا يمثل الحقيقة، فأن هذا الأسلوب يعد المنهج الذي تعتمده إيران في كل تعاملاتها، إلا أنها تلعب أحياناً على المكشوف وتعلن بعض ما هو جار العمل به، وهو أسلوب آخر يراد به كشف الآخر أو تشجيعه على اللعب بالأسلوب ذاته لحسابات خاصة أو أن المسألة تراها إيران لم تعد تتحمل الاستمرار في صيغة اللعب تحت الطاولة، وخاصة مع اللاعب الأمريكي المتخاذل في خط التعامل مع معادلات المنطقة السياسية والإستراتيجية.
فقد أعلنت إيران على لسان رئيسها “حسن روحاني”، الذي يدير سياستها الخارجية “محمد جواد ظريف” رجل الاستخبارات الإيراني السابق:
1 – أن إيران أنشأت مصانع الصواريخ في سوريا. وهذا لم يكن بوسع طهران الحديث عنه في السابق.!!
2 – وأن إيران قد اتفقت مع روسيا على تأسيس ثمانية مفاعلات نووية جديدة. ويأتي هذا الإعلان ليشكل ضغطاً وتحدياً صلفاً حيال الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، والأمم المتحدة والإتحاد الأوربي، في الوقت الذي من الصعب الاعتقاد بوجود الحاجة الملحة لهذه المفاعلات، التي تحتاج إلى المزيد من الوقود النووي المخصب، وهو الأمر الذي تساوم عليه الآن إيران مع الترويكا الأوربية في شأن تخفيض أجهزة الطرد المركزي، فيما يتراجع الأمريكيون بشكل مذل في اجتماع مسقط.
3 – وأن إيران تؤكد أن الجنرال “قاسم سليماني” قائداً للمليشيات في العراق مع حرسه من أجل ما أسماه روحاني (إعلاء راية إيران فوق كل الرايات في العراق) وبدون تحفظ أو بالأحرى بمنتهى الصفاقة.!!
4 – إيران تعتبر أراضيها ملاذاً آمناً لبعض قيادات “القاعدة”. وعلى هذا الأساس لا أحد من أعضاء “القاعدة” ولا أحد من (فروخها) الجدد يستطيع أن يفتح جبهة ضد عبث إيران بالإسلام والمسلمين والعرب وأرض العرب.
5 – أعلنت إيران سابقاً بأنها قد أعطت توجيهات إلى العسكريين الإيرانيين للتنسيق مع نظرائهم الأمريكيين في العراق على أساس محاربة (الإرهاب)، وجاء هذا الإعلان على لسان “علي خامنئي”، إلا أن الإدارة الأمريكية نفت ذلك وأعلنت أنها لم تنسق عسكرياً مع إيران. ولكن الحقائق الفاضحة على الأرض تؤكد هذا التنسيق، الأمر الذي يكشف كذب الإدارة الأمريكية على العالم وعلى المجتمع الأمريكي وعلى حتى قادة الكونغرس.
5 – أعلنت إيران على لسان “حسن أمير عبد اللهيان” مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية، أن إيران تتراسل مع الإدارة الأمريكية حول موضوع (الإرهاب)، الأمر الذي يعني اشتراك طهران في جهود التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا. كما أكد هذه المراسلات السرية كل من (هنري كيسنجر) و(جيمس بيكر) وكلاهما تولى مهمة السياسة الخارجية الأمريكية سابقاً، ومع كل هذا أنكرت أمريكا عن لسان “سوزان رايس” مستشارة البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي هذه المراسلات.
6 – تقول أمريكا أنها لن تبعث جنودها لعمل عسكري إلى العراق، وسيكتفي التحالف الدولي باستخدام الضربات الجوية المسلحة بالضد من (الإرهاب) – والمقصود قوى الثورة المضادة للاحتلال – ولكن أمريكا قد أرسلت عدداً كبيراً من جنودها العسكريين على شكل دفعات بصفة (مستشارين ومدربين وتقنيين وحراس لسفارتها وقنصلياتها بالآلاف، وأعلنت أن من المحتمل أن تزج بقواتها بمعارك أرضية).
7 – عززت أمريكا أسطولها الحربي بطائرة حديثة معروفة باسم (Thunderbolt) ويعني الصاعقة، وهي طائرة قد أضيفت إلى طائراتها (F-15.16.18) والقاصفة (B-1) المعروفة، وطائرة الـ(درون) بدون طيار، وطائرة (A-10) المخصصة لدعم القوات على الأرض، إضافة إلى نشر قوة سرية من (300) جندي مارينز و(300) مستشار أمريكي و(300) جندي من الحرس الوطني الجوي الأمريكي، وهي الوحدة (120) مقاتلة وصلت فعلاً إلى قاعدة عسكرية في إحدى دول الخليج العربي تساندها طائرات (A-10) المخصصة لدعم القطعات البرية.
هل كل هذا الحشد العسكري، الجوي والبري الأمريكي، فضلاً عن الحشد الدولي والمشاركة الإيرانية، الجوية والبرية السافرة، هو لمقاتلة (الإرهاب)؟ وهل يمكن لعاقل أن يصدق أن أمريكا وإيران لم تنسقا عسكرياً وسياسياً بينهما؟، فلماذا تكذب أمريكا وتكذب إيران، والقيادتان الأمريكية والإيرانية تعتقدان بأن كذبهما سينطلي على الناس وسيستمر في عقولهم؟!. إنه احتلال عسكري جديد للعراق بصيغة محاربة الإرهاب، والواقع يفضح ذلك تماماً.!!
8 – فيما تعلن إيران وتابعها حكومة العراق العميلة، وبمنطق رخيص وفاضح، (ليس مقبولاً وجود قوات أجنبية على أرض العراق)، وتلتزم الصمت حيال القوات الإيرانية التي تقاتل في ديالى وجرف الصخر وبيجي وخانقين وغيرها من المناطق الحدودية المتاخمة تحت قيادة الجنرال “قاسم سليماني” والحرس الإيراني وبأسلحة إيرانية وطيران حربي إيراني، فضلاً عن استطلاعات فضائية إيرانية بدون طيار. هذا الوجود العسكري الإيراني على أرض العراق في نظر الحكومة العراقية العميلة ليس وجوداً عسكرياً أجنبياً.!!
9 – يعلن البنتاغون (أن مقاتلات إيرانية تشن غارات جوية على مواقع (المتطرفين) في العراق، وإن الطيران الحربي الإيراني يشن ضربات على “جهاديي الدولة الإسلامية” في العراق في الأيام الأخيرة، وهي طائرات فانتوم (F-4). ويصرح مسئول امريكي (أن الأمر يعود إلى الحكومة العراقية أن تنسق الضربات الجوية التي تشنها دول مختلفة تشارك في التحالف، وليس الولايات المتحدة، وأن المهمات الجوية تتم بالتنسيق مع الحكومة العراقية التي تدير هذا النظام الجوي)!. ويختتم (جون كيربي) تصريحه بالقول (لم يتغير شيء في ما يتعلق بسياستنا القائمة على عدم تنسيق أنشطتنا مع الإيرانيين).!!
10 – ومن جانب آخر يرى أحد المسئولين في البنتاغون، رفض الكشف عن اسمه، (أن الولايات المتحدة تدرك نشاط القصف الإيراني في المجال الجوي العراقي، وأن حقيقة عدم تحدي الولايات المتحدة هذا المستوى من التورط الإيراني، هو أقوى دليل على أن إدارة (أوباما) ترى في النظام الإيراني شريكاً (تكتيكياً) في “الشرق الأوسط”، وهو الأمر الذي يشعر حلفاء أمريكا في المنطقة بالتهديد من جانب إيران).!!
11 – فيما، تؤكد مصادر غربية اشتراك إيران مع قوى التحالف تحت قيادة أمريكية.
12 – فقد صرح العميد “مسعود جزائري” نائب الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية للشؤون الثقافية (أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتبر أمريكا بأنها السبب في اضطرابات ومشاكل العراق وكذلك الأعمال الإرهابية لتنظيم “داعش”، وهي ترى أنه لو لم يكن التخطيط والدعم من أمريكا والرجعية في المنطقة، لما شهد العالم اليوم تدمير البنى التحتية للمدن والقرى، وكذلك المجازر الفظيعة المرتكبة بحق الشعبين السوري والعراقي من قبل الإرهاب). ولكن، لم يتحدث “مسعود جزائري” عن جرائم “منظمة بدر”، وجرائم “عصائب أهل الحق” و”كتائب السلام” الصدرية و(عصابات جبر صولاغ) و(عصابات احمد المالكي) و(مليشيات “حزب الدعوة”).. إلخ، من المليشيات والعصابات، التي تعيث بالعراق وشعبه الأبي قتلاً وسلباً وإهانة وإذلالاً وتشريداً، فضلاً عن كل هذا لم يتحدث عن جرائم (الحشد الطائفي) الذي دعا إليه وشكله المرجع “علي السيستاني”، هذا الإيراني الطائفي الذي يحكم العراق حالياً، هل ترون كيف يحاول الصفويون الفرس طمس الحقائق.؟!
13 – فقد أكد اللواء (محمد باقري) نائب رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية “اعتزاز إيران بالتدخل العسكري المباشر في حال تعرض بغداد والأضرحة ومكان دفن الأئمة إلى الخطر”، ولكن الأضرحة والأئمة الكرام ومنذ الآلاف السنين لم يجرؤ أحداً أن يمسهم بسوء، والعراقيون هم قبل غيرهم يحافظون على مقامات رموزهم العربية وليس الأجانب، ولن يسمح شعب العراق أن يتطاول عليه أحد، سواء كان إيرانياً أم أمريكياً أم “إسرائيلياً” أو أي أجنبي تسول له نفسه أن يمس تراب العراق ومقاماته الكرام.
14 – وكانت الـ(BBC) قد ذكرت (أن علي خامنئي سمح لقاسم سليماني، قائد “فيلق قدس” بالعمل العسكري المشترك مع القوات الأمريكية). فيما أفادت صحيفة “ديلي بوست” الأمريكية (إن مقاتلي الدولة الإسلامية تمكنوا من السيطرة على طائرة بدون طيار إيرانية، وأن الطائرات بدون طيار الإيرانية قد بدأت بالتحليق إلى جانب الطائرات بدون طيار الأمريكية لتنفيذ طلعات مراقبة واستطلاع في سماء العراق منذ منتصف الصيف الماضي). فهل تكون مثل هذه الطلعات بدون تنسيق عسكري مسبق.؟!