أجرت كوريا الشمالية الأحد سادس وأقوى تجاربها النووية حتى الآن، وقالت إنها لقنبلة هيدروجينية متقدمة ومصممة لحملها على صاروخ بعيد المدى، مما دفع الولايات المتحدة للتحذير من رد عسكري “هائل” إذا تعرضت هي أو أي من حلفائها لتهديد.
وفي تصريحات أمام البيت الأبيض بعد اجتماعه بالرئيس دونالد ترامب وفريقه للأمن القومي، قال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، إن ترامب طلب إطلاعه على كل الخيارات العسكرية المتاحة.
وقال: “أي تهديد للولايات المتحدة أو أراضيها بما في ذلك جوام أو لحلفائنا، سيواجه برد عسكري هائل.. رد سيكون فعالا وساحقا”.
وأضاف ماتيس وإلى جواره جوزيف دانفورد رئيس هيئة الأركان المشتركة، أن واشنطن لا تتطلع “لإبادة كاملة لأي بلد لا سيما كوريا الشمالية. ولكن كما قلت: لدينا الكثير من الخيارات للقيام بذلك”.
ورفض ترامب في وقت سابق أيضا استبعاد الخيار العسكري، وهدد بقطع التبادل التجاري مع أي بلد يقيم علاقات تجارية مع كوريا الشمالية.
وعندما سُئل ترامب وهو يهم بمغادرة كنيسة: هل ستهاجم واشنطن كوريا الشمالية؟ رد قائلا: “سوف نرى”.
ومن المقرر أن يجتمع مجلس الأمن الدولي غدا الاثنين لبحث التجربة النووية الكورية الشمالية. وقال ماتيس، إن أعضاء المجلس “يجمعون على التزامهم بإخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية”.
وفي سلسلة تغريدات بدا ترامب وكأنه يوبخ كوريا الجنوبية حليفة الولايات المتحدة، التي تواجه تهديدا وجوديا بسبب البرنامج النووي لكوريا الشمالية.
وقال على تويتر: “حديثهم عن التهدئة مع كوريا الشمالية لن يجدي؛ لأنهم (كوريا الشمالية) لا يفهمون سوى أمر واحد”.
لكن تغريدات ترامب اليوم الأحد، تشير إلى أنه يفضل حلا غير دبلوماسي. والسؤال الكبير الآن هو عما إذا كان كبار مستشاري ترامب، مثل ماتيس ووزير الخارجية ريكس تيلرسون، قادرين على إقناعه بعدم التسرع في استبعاد الدبلوماسية.
وأعلنت كوريا الشمالية، التي تمضي قدما في برامجها النووية والصاروخية في تحد لعقوبات مجلس الأمن الدولي، عبر التلفزيون، إجراء تجربة بقنبلة هيدروجينية بأمر من الزعيم كيم جونج أون، مضيفة أن التجربة حققت نجاحا كاملا وكانت خطوة “مهمة” لاستكمال برنامج الأسلحة النووية في البلاد.
وقالت كوريا الشمالية في الإعلان، إن القنبلة مصممة لحملها على صاروخها الباليستي العابر للقارات الذي طورته في الآونة الأخيرة.
وجاء إعلان كوريا الشمالية بعد ساعات من رصد الوكالات الدولية لزلازل من صنع الإنسان قرب الموقع الذي أجرت فيه كوريا الشمالية تجربتها، التي قال مسؤولون يابانيون وكوريون جنوبيون إن قوته تزيد نحو عشر مرات عن الزلزال الذي تم تسجيله بعد آخر تجربة نووية أجرتها بيونجيانج قبل عام.
*أزمة متصاعدة
وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن الرئيسين الصيني شي جين بينغ والروسي فلاديمير بوتين، اللذين التقيا على هامش قمة دول بريكس في الصين، يتفقان على “التعامل بصورة ملائمة” مع التجربة النووية لكوريا الشمالية.
وأدانت الصين، حليف كوريا الشمالية الرئيسي الوحيد، التجربة النووية وحثت بيونجيانج على وقف أفعالها “الخاطئة”. وكانت الولايات المتحدة حثت بكين مرارا على بذل المزيد لكبح جماح جارتها.
وكان ترامب أجرى قبل ساعات من التجربة اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي لبحث الأزمة النووية “المتصاعدة” في المنطقة، وتعهد في وقت سابق بمنع كوريا الشمالية من تطوير أسلحة نووية، يمكن أن تهدد الولايات المتحدة.
وقد يكون التهديد التجاري لترامب وسيلة للضغط على الصين أكبر شريك تجاري لبيونجيانج لفعل المزيد من أجل احتواء جارتها.
لكن ماثيو جودمان الخبير التجاري في مركز واشنطن للدراسات الدولية والاستراتيجية قال، إن اقتراح ترامب غير قابل للتطبيق؛ لأنه يعني أن الولايات المتحدة ستقطع روابطها التجارية مع دول مثل فرنسا والهند والمكسيك والصين.
وقال ترامب في الأسبوع الماضي، إن وقت المحادثات ولى. لكن وزير دفاعه جيمس ماتيس قال، إن الولايات المتحدة لم تستنفد بعد كل الخيارات الدبلوماسية.
وليس هناك تأكيد مستقل أن التفجير الذي أثار إدانة دولية كان لقنبلة هيدروجينية وليس قنبلة نووية أضعف. ولكن يوشيهيدي سوجا كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني قال إن اليابان لا تستبعد أن تكون قنبلة هيدروجينية.
وقال يوكيا أمانو مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن التجربة النووية “عمل مؤسف للغاية… ويتجاهل تماما المطالب المتكررة للمجتمع الدولي”.
وقال مون جيه-إن الرئيس الكوري الجنوبي إن سول ستضغط من أجل خطوات قوية لزيادة عزلة كوريا الشمالية، بما في ذلك عقوبات جديدة من مجلس الأمن.
وأثارت اليابان أيضا إمكانية فرض مزيد من العقوبات، وقالت إن خيارات فرض عقوبات على بيونجيانج تشمل قيودا على تجارة المنتجات النفطية.
* قنبلة نووية حرارية؟
وتسعى كوريا الشمالية تحت قيادة كيم لتطوير قنبلة نووية صغيرة وخفيفة بدرجة كافية لتثبيتها على صاروخ باليستي بعيد المدى دون التأثير على مداه.
وتأتي أحدث تجربة نووية وسط تصاعد التوتر الإقليمي في أعقاب تجربتين لصاروخين باليستيين عابرين للقارات في تموز/يوليو، يمكنهما التحليق نحو عشرة آلاف كيلومتر، مما يجعل العديد من مناطق البر الرئيسي الأمريكي في مداهما.
وقال أحد الخبراء إن حجم تفجير اليوم يعني أنها يمكن أن تكون تجربة لقنبلة هيدروجينية.
وقال كوني ي. سوه أستاذ الهندسة النووية في جامعة سول الوطنية: “قوتها أكثر بعشر أو 20 مرة من تجارب سابقة… هذا الحجم هو المستوى الذي يجعل أي شخص يقول إنها تجربة لقنبلة هيدروجينية”.
وقال شهود في مدينة يانجي الصينية على الحدود مع كوريا الشمالية، إنهم شعروا بزلزال استمر نحو عشر ثوان تلاه تابع. وقالت الصين إنها رصدت زلزالا ثانيا بلغت قوته 4.6 درجة بإحداثيات مشابهة تقريبا بعد ثماني دقائق.
وقال هاري كازيانيس مدير الدراسات الدفاعية بمركز (ذا ناشيونال إنترست) في واشنطن: “مهمة كوريا الشمالية واضحة للغاية عندما يتعلق الأمر بهذه التجربة النووية الأخيرة: تطوير ترسانة نووية يمكنها ضرب كل آسيا والبر الرئيسي الأمريكي.
“هذه التجربة خطوة أخرى تجاه تحقيق هذا الهدف… يجب ألا تصدمنا تصرفات بيونجيانج الأخيرة”.
وقبل ساعات من التجربة، نشرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية صورا لكيم جونج أون وهو يتفقد رأسا نوويا فضي اللون على شكل ساعة زجاجية، خلال زيارة لمعهد الأسلحة النووية في البلاد برفقة علماء.
وقالت الوكالة إن كوريا الشمالية “نجحت في الآونة الأخيرة” في تصنيع قنبلة هيدروجينية أكثر تقدما.
ونقلت الوكالة عن كيم قوله: “جميع عناصر القنبلة الهيدروجينية محلية الصنع، وكل العمليات استندت إلى أسس جوتشي، مما يمكن البلاد من إنتاج أسلحة نووية قوية بالعدد الذي تريده”.
وجوتشي هي أيديولوجية كوريا الشمالية للاعتماد على النفس، وهي مزيج بين الماركسية والقومية المتطرفة التي دعا إليها مؤسس البلاد كيم إيل سونج جد الزعيم الحالي. وتنص هذه الأيديولوجية على أن برامج الأسلحة لازمة لمواجهة العدوان الأمريكي.