الكهرباء عصب الحياة الحديثة، وهي ركن أساسي في كل بيت، ومع انطلاقة الثورة السورية في 2011 تأثر هذا القطاع تأثرا كبيرا؛ حتى تكاد الخدمات الكهربائية المقدمة للمواطنين على امتداد رقعة البلاد أن تكون معدومة.
وخلال السنوات الست الماضية من عمر الثورة تعرضت البنية التحتية لقطاع الكهرباء لتلف كبير؛ حيث دمرت معظم أبراج التوتر وتعرضت للاعتداء والتخريب في معظم أنحاء البلاد، كما أن العنفات المسؤولة عن توليد الطاقة الكهربائية في سوريا توقفت عن العمل بمعظمها،حتى اتفاقيات الشراكة في شبكة الربط الكهربائية مع دول الجوار توقفت عن العمل.
ومع هذا الواقع المزري لقطاع الكهرباء فإنها أصبحت حلما لكل مواطن سوري ونظرا لأهميتها وارتباطها بحياه هذا المواطن؛ شرع كل منا للبحث عن مصادر بديلة تفي ولو بنصف الغرض، فكانت بداية تجربة “المولدات” ومن المعروف الكلفة العالية لهذا الحل، فالمولدات تعمل بالديزل أو البينزين وعلاوة عن ارتفاع أسعار كلا المادتين ممايثقل كاهل المواطن ؛ هناك مشكلة الانقطاع المتكرر للمحروقات وبشكل مفاجئ والذي يجعل مثل هذا البديل مرهونا بعوامل خارجة عن سيطرة المواطن .
انتقل بعدها المجتمع السوري إلى مايعرف ب”الامبيرات” أو الاشتراك الشهري والذي قدم خدماته بشكل جيد نسبيا وساهم في حل جزء من المشكلة، خاصة فيما يتعلق بجانب الإنارة، لكن ارتفاع تكاليف الحصول عليه والأعطال المتكررة للمولدات تجعله حلا متذبذبا وغير ثابت.
أما الحل الثالث وهو ألواح الطاقة الشمسية فقد قدم لربما حتى الآن الحل الأنسب لنقص أو غياب قطاع الكهرباء، فهو آمن ونظيف يعمل على الاستفادة من ساعات السطوع الشمسي خلال النهار وتحويلها إلى طاقة كهربائية يمكنها بيسر وسهولة أن تغطي حاجة المنازل بشكل شبه كامل باستثناء أيام الشتاء الغائمة كليا أو المثلجة حيث تضعف القدرة وقد تنعدم في مثل هذه الألواح.
وقد انتشرت مؤخرا وبشكل كبير هذه الظاهرة خاصة في أرياف المناطق المحررة حيث ساعات السطوع الطويلة والمساحات الأقل ازدحاما بالأبنية وقلة وجود النظام الطابقي هنا مما يجعل الاستفادة من الطاقة الشمسية أمرا سهلا وكبيرا.
تقول “ام اشرف” وهي امرأة ثلاثينة من ريف إدلب “لم ننعم بالعيش الرغيد منذ غابت الكهرباء نهائيا عن مناطقنا ولم توفر لنا الأمبيرات الكهرباء الكافية لحاجتنا، فاضطررنا إلى تركيب ألواح الطاقة الشمسية والتي بالفعل أعطتنا شعورا بالراحة، حتى أننا بها افتتحنا مشروعا منزليا بسيطا وهو شبكة انترنت تعود علينا بالربح المادي وغطينا تكلفة شراء الالواح وتركيبها”.
رؤى طفلة من ريف ادلب الجنوبي تبلغ من العمر 10سنوات تقول “كنت سابقا أصعد لسطح منزلنا لاتأمل الأسطح المجاورة فأرى عليها خزانات المياه الكببرة، وقطعة من الفطر -الدش- أما الآن فإنني أتامل المرايا الكبيرة التي غطت سطح بيتنا وبيوت الجيران!”
وتتابع رؤى “أنا احب هذه المرايا لأنها تسمح لي بمتابعة كل برامج الأطفال وفي أي وقت أحب”
والآن وفي الآونة الأخيرة ومع وصول التوتر من جديد لمناطق الشمال السوري بعد انقطاع دام سنوات، فنرى بأن كثيرا من الناس مازالت ترغب في الحصول على خدمات الألواح الشمسية لأنها مصدر ثابت وليس مرهونا بظرف طارئ أو طرف مسيطر! .
شاديا الراعي -المركز الصحفي السوري