قدرت مصادر أممية وجود نحو أربعمئة ألف مدني سوري محاصر، خاصة في ريف دمشق حيث يدفع الأطفال الضريبة الأقسى. ومن قبل وصفت ممثلة اليونيسيف في سوريا ما شاهدته في مضايا بأنه “منظر يوجع القلب. منظر لم أشهد مثله من قبل”.
قضى الطفل الرضيع يوسف سعدية -الذي لم يبلغ من العمر ثلاثة أشهر- أمام أعين ذويه في مدينة معضمية الشام غرب العاصمة السورية دمشقبسبب سوء التغذية، لينضم إلى عشرات الأطفال الذين خطفهم الموت جوعا في عدة مناطق تحاصرها قوات النظام والمليشيات الطائفية.
وذكر الناشط الإعلامي داني قباني أن خمسة رُضّع في المدينة المحاصرة قضوا بسبب نقص الغذاء والدواء خلال الشهر الجاري، مشيرا إلى أن حال الأطفال في المدينة “مأساوي”، لكونهم الأقل مقاومة للظروف الصعبة.
وأشار قباني في حديث للجزيرة نت إلى أن أهالي المدينة باتوا يخشون من فقدان أطفالهم وهم يرونهم يذوون أمام أعينهم في ظل عجزهم عن إنقاذهم، مناشدا المنظمات الدولية سرعة التحرك لإدراك المدينة قبل فناء أهلها.
ويرسم الطبيب عمر حكيم صورة قاتمة للوضع الصحي والطبي للأطفال في معضمية الشام، حيث تخلو المدينة من الحليب، مضيفا أن هناك نحو ثلاثة آلاف طفل تحت سن العامين من بين أكثر من 45 ألف مدني محاصر في المدينة.
وقدرت مصادر أممية وجود نحو أربعمئة ألف مدني سوري محاصر، خاصة في ريف دمشق، بينما يدفع الأطفال الضريبة الأقسى للحصار.
مناطق متعددة
وغير بعيد عن معضمية الشام، توفي العديد من الأطفال جراء الجوع في المأساة الإنسانية المستمرة منذ أشهر في بلدة مضايا شمال غرب دمشق، حيث ذكر مدير المشفى الميداني في المدينة عامر برهان للجزيرة نت أن 38 شخصا قضوا جوعا في البلدة، بينهم 12 طفلا.
من جانبه، قال الطبيب في المشفى محمد يوسف إن الوضع الطبي في البلدة لا يزال سيئا رغم دخول مساعدات إنسانية، مبينا للجزيرة نت أن الأطفال يعانون من سوء الامتصاص والإسهال والمغص المعوي بعد شهور من سوء التغذية، وأن الأدوية التي وصلت تكفي شهرين على الأكثر.
ووصفت ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في سوريا ما شاهدته في مضايا إثر زيارتها لها بأنه “كان منظرا يوجع القلب. منظرا لم أشهد مثله من قبل”، حيث توفي فتى في السادسة عشرة من عمره أمام أعينها في المشفى الميداني، مضيفة أن أطفال مضايا أوهن من أن يتبسّموا.
وفي أقصى شرق سوريا، بدأت ترتسم معالم كارثة إنسانية في مدينة دير الزور نتيجة حصار تنظيم الدولة الاسلامية وقوات النظام لنحو مئتي ألف مدني، يؤكد ناشطون أن الأطفال هم أكثر المتضررين بينهم، مطلقين عدة وسوم على مواقع التواصل، منها “#أنقذوا_أطفال_ديرالزور”، للفت أنظار المجتمع الدوليإلى هذه المأساة.
وقتل آلاف الأطفال السوريين على يد قوات النظام منذ بدء الثورة عام 2011، حيث وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 18 ألفا و858 طفلا حتى نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، بينهم 582 قتلوا قنصا، وما لا يقل عن 159 طفلاً قضوا تحت التعذيب في معتقلات النظام.
وتشارك تنظيمات وقوى عسكرية في قتل أطفال سوريا، إذ تقول الشبكة إنها وثقت مقتل 75 طفلا بغارات طيران التحالف الدولي منذ سبتمبر/أيلول 2014، فيما قتل الطيران الروسي نحو 86 طفلا منذ بدء تدخله في سوريا أواخر سبتمبر/أيلول 2015 وحتى نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته.
المصدر : الجزيرة