المركز الصحفي السوري
علي الحاج أحمد5/4/2015
إن الحرب الدائرة في سوريا قد حملت في طيّاتها ما حملته من دمار وقتل وتشويه، وكان تأثيرها الأكبر على الأطفال، فهم يعيشون في حالة رعب دائمة جرّاء مشاهد العنف التي حفظتها ذاكرتهم، ولقد فشل المجتمع الدولي وقادة العالم تجاه أطفال سوريا، ولم يتمكنوا من الوقوف إلى جانب أصغر الضحايا في هذا الصراع.
إن الأحاديث التي يتنافلها أطفال سوريا تدلّ على مدى تأثير الحرب على نفسيّتهم وسولكم، ولقد أصبج تأثير الحرب على الأطفال سوريا واضحاً، حيث تثير في أذهانهم العديد من الأسئلة المستعصية وتزرع الخوف والقلق في نفوسهم، وأصبح التّعامل مع الأطفال اللذين يشهدوا هذه الحرب أصعب بكثير عن غيرهم .
ويبين الاختصاصيون التربيون أن الخطر الأكبر على الأطفال، هو تركهم وحدهم يشاهدوا المجازر التي تحصل في سوريا، والّتي تُعرض يومياً على شاشات التّلفاز، فهذه اللّحظات هي من أهم اللّحظات في حياة الطّفل، فإذا ترك وحده فسيزداد أثرها السّلبي في داخله على المدى القريب والبعيد.
ولقد ذكرت “أم أنس” من ريف إدلب الجنوبي، وهي أم لأربعة أطفال بأن سلوك أطفالها قد تغير بشكل سلبي في ظل الحرب التي تشهدها البلاد، فلقد زرع النظام في نفوسهم الخوف والرعب من خلال المجازر التي يرتكبها بحق السوريين، وخصوصاً أن هذا النظام لايميز بين الأطفال أوالرجال أوالنساء ولايميز بين المدنيين والعسكريين، فعندما يسمعوا صوت الطائرة ترتعد أطرافه من الخوف وتنهار قواهم ومعنوياتهم، كما أنهم تأثروا بالمشاهد التي تعرض على شاشات التلفاز، أصبحوا يتحدثون عن الذبح، والعمليات الانتحارية وغيرها.
وفي بيان “لمنظمة اليونيسف” أكد انه تضرر ما يقرب من 5,5 مليون طفل من الازمة داخل سوريا، ولقد حذر تقرير للأمم المتحدة أن الأطفال السوريين اللاجئين يواجهون مستقبلا مظلما، ويدفعون ثمنا باهظا للحرب الدموية الدائرة في بلادهم، إذا يجبرون على هجر الدراسة والعمل لمساعدة أسرهم.
ولقد حدثنا عن هذا الموضوع السيد “كمال” أحد الموجهين التربويين وأخصائي في علم النفس، أنّ الطّفل يعبّر عن خوفه وقلقه بأسئلة، فهي تعمل على تهدئته وتعيد إليه الشّعور بالأمان، فمن الضّروري فتح حوار، وتوجيهه توجيهاً صحيحاً مع إيضاح بسيط للموقف الّذي شاهده أو تعرض له، مع التأكيد له أن هذا الوضع لن يبقى على ماهو عليه وسوف يتغير إلى الأفضل، لكي نزرع الأمل في نفوس أطفالنا، ونقتلع اليأس من نفوسهم ونعيد إليهم الشعور بالأمان.
كما أن لسلوك الوالدين أمام أطفالهم دور كبير، فمن الضّروري أن يبذل الوالدان جهدهما في المحافظة على هدوئهما والعمل على تلطيف الأجواء وعدم إظهار مخاوفهما من الحرب، وعوضاً عن ذلك التّحلي بالتّفاؤل والأمل بزوال الحرب، وأن يعبّرا عن قدرة الشّعب السّوريّ على تجاوز الأزمة.
ويؤكد الأستاذ “عوض” المدرس في أحد مدارس ريف إدلب الجنوبي، أنه في سوريا جيلاً بأكمله عُرضة للضياع والأمية المزمنة، بسبب الانقطاع عن المدارس التي يستهدفها النظام بشكل مستمر، بالرغم من جميع المحاولات التي يقوم بها القائمون على التعليم في إيجاد بدائل عن المدارس لكن تبقى المدرسة هي المكان الأنسب لتلقي العلم والدراسة، كما يقول مختصون بالشأن التعليمي.
ووفقاً لأحدث إحصاء نشرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” فإن نحو ثلاثة ملايين طفل نزحوا داخل سوريا، من بينهم مليون طفل باتوا خارج المدارس، إضافة إلى نحو مليون طفل مهدد بالتسرب من المدارس بسبب انعدام الأمن، و255 ألف طفل داخل سوريا يحصلون على تعليم غير رسمي، و50 ألف طفل يتلقون دعماً نفسياً.
إن حجم مأساة الأطفال السوريين كبير جداً وخاصة الأطفال المحاصرين في مناطق الصراع، وهو ما يتطلب بذل جهود كبيرة، لكي يبقى الأمل بجيل الغد أكبر، لبناء مستقبلاً أفضل لهم.