يواجه مسلمو النصف الشمالي رمضانهم الأصعب منذ ما يزيد على 30 عاماً، بسبب طول أيام الصيف التي تجعل من مدة الإفطار الأقصر على الإطلاق.
ويأتي الشهر الإسلامي المقدس، المتوقع أن يبدأ الاثنين المقبل، هذا العام مع الانقلاب الصيفي ما يعني شروقاً مبكراً وغروباً متأخراً، حيث تتقدم بداية شهر رمضان المُعتَمِدة على القمر نحو 10 أو 11 يوماً سنوياً في دورة تمتد لمدة 33 عاماً.
ويصوم المسلمون في رمضان في الفترة ما بين شروق الشمس إلى غروبها، ممتنعين عن الطعام والشراب والتدخين والعلاقة الحميمية. وحين يأتي رمضان في عمق الشتاء قد تصل ساعات الصيام لـ8 ساعات فقط، مقارنة بـ20 ساعة أو أكثر في بعض المناطق هذا العام.
وقال إبراهيم موجرا، الأمين العام المساعد للمجلس الإسلامي في بريطانيا: “شهدنا لمحة من هذا الأمر العام الماضي، لكن هذا العام يمثل تحدياً أكبر مقارنة بالعام السابق”، وأضاف: “لكن هذا جزء لا يتجزأ من التجربة، وهو ما يؤمن به معظم المسلمين، ربما سيلجأ عدد أكثر قليلاً إلى الرخص المتاحة لكبار السن والضعفاء وغيرهم ممن يحتاجون إلى الأدوية”. كما تُعفَى النساء من الصيام أثناء حملهن أو حيضهن، بالإضافة إلى الأطفال الذين لم يبلغوا بعد.
أما مسلمو الجزر والمرتفعات الاسكتلندية فسيواجهون فترات الصيام الأطول في المملكة المتحدة، حيث قال الطبيب وحيد خان، أحد وكلاء مسجد إنفرنيس المسجد الشمالي الأبعد في المملكة المتحدة: “الضوء لا يختفي تماماً في المرتفعات، إنه غسق بدلاً من الظلام الدامس، كما يجب علينا أن نستمر في حياتنا، لذا قد يكون الأمر شاقاً. لكن المسلمين يودون الصيام، صحيح أن التفكير في الأمر يجعله يبدو شاقاً، لكن فعله ليس بتلك الصعوبة”.
يسكن إنفيرنس بضع مئات من المسلمين على الرغم من تذبذب الأعداد بسبب عقود العمل قصيرة الأمد في القطاع الصحي وغيره من الصناعات. بينما يعيش بعض المسلمين في الشمال الأبعد، في شتلاند “وأحد التحديات هو وضع جدول زمني لرمضان بالنسبة لهم”، بحسب ما أشار إليه وحيد خان.
ويسمح العديد من أرباب العمل لموظفيهم الصائمين في رمضان بتبكير مواعيد وردياتهم للأوقات التي يتمتعون فيها بكامل طاقتهم، وهو ما يوفر لهم أيضاً وقتاً للصلاة.
ادخار الإجازات
وأضاف موجرا: “يدخر العديد من المسلمين إجازاتهم حتى لا يضطروا للعمل في شهر رمضان بأكمله. كما أن لدى الناس اليوم خيارات أفضل، الأطعمة بطيئة الإطلاق للطاقة على سبيل المثال ستجعلهم أكثر استعداداً”.
كما عبّر القطاع الصحي، أحد أكبر مُوَظِّفي المسلمين في المملكة المتحدة، عن ثقته بالسياسة المعتَمدة للأفراد وموافقتها لقوانين المساواة، وأضاف أحد متحدثيه: “يوفر القطاع الصحي العديد من الحلول الملائمة للمسلمين وغيرهم من الموظفين”، كما استطرد قائلاً إن الممارسة الجيدة التي يتبعونها تستوعب طلبات تغيير ورديات العمل وغيرها من التعديلات الخاصة بأيام العمل.
يتزامن رمضان هذا العام أيضاً مع الامتحانات المدرسية، وهو ما دفع مديري المدارس للمطالبة بإعفاء التلاميذ المسلمين من الصيام، حيث قال قسم التوجيه في رابطة مديري المدارس: “ما من شك أن تزامن رمضان مع موسم الامتحانات سيمثل ضغطاً على الشباب المسلم، أياً كان قرارهم، خاصة مع طول فترات الصيام خلال الأعوام المقبلة. سيحتاج الشباب المسلم وعائلاتهم، خاصة المتقدمين للامتحانات هذا الصيف، للموازنة بين التزاماتهم كمسلمين وأهمية الاختبارات لمستقبلهم، فالسعي للتعلم هو أحد المسؤوليات الدينية والأخلاقية للمسلمين من كلا الجنسين”.
ورفضت “أوفكوال”، الإدارة المسؤولة عن تنظيم الامتحانات، تغيير جدول الاختبارات بما يناسب شهر رمضان.
تضاعف الصدقات
ومن المتوقع أيضاً أن تتخطى تبرعات المسلمين في المملكة المتحدة 100 مليون جنيه إسترليني التي دفعوها في العام الماضي، وفي حين تمثل الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة للمسلمين، فإن الصدقة هي عمل تطوعي إضافي.
وأضاف عثمان مقبل، الرئيس التنفيذي لمؤسسة Human Appeal الخيرية: “نؤمن كمسلمين بأن الصدقات تتضاعف في رمضان”، وتعد المؤسسة إحدى المؤسسات الخيرية الأسرع نمواً في المملكة المتحدة، حيث ارتفعت التبرعات السنوية لها من 5 ملايين إلى 30 مليون جنيه إسترليني في السنوات الخمس الأخيرة.
وتتلقي المؤسسة نصف دخلها خلال شهر رمضان، حيث تشارك في العديد من برامج المساعدات والطوارئ في 25 بلداً، بالإضافة لمشاركتها في الكثير من مشروعات بنوك الطعام، وإيواء المشردين، والصحة العقلية والعنف المنزلي في المملكة المتحدة.
وأضاف مقبل: “يبدأ الإحسان في المنزل، والمجتمع الذي يتبرع إلينا بكرم يستحق منا شيئاً في المقابل”.
هافنغتون بوست