تجارة الأدوات المستعملة تضاعفت منذ بدء الثورة بسبب غلاء الأدوات الجاهزة وارتفاع أسعارها، مما دفع الأهالي في الشمال السوري إلى ابتياع الأدوات المنتشرة على أرصفة الطرقات والمحلات المخصصة لبيع هذه الأدوات، لانخفاض سعرها بشكل كبير عن الأدوات الجديدة، خاصة أن بعض هذه القطع المستعملة تتميز بالجودة والندرة.
بعد نزوح الأهالي من بيوتهم وبيعهم أثاث منازلهم لعدم قدرتهم على نقلها من بلداتهم وقراهم إلى الشمال السوري، وتأمين متطلبات المعيشة والنزوح أجبرهم ذلك على بيع ممتلكاتهم بأسعار منخفضة، واضطرارهم لشراء أثاث آخر في سكنهم الجديد.
كما يقول النازح أبو أمجد بحرقة وغصة وهو من بلدة اللطامنة في ريف حماة الشمالي “ماعندي سيارة أنقل غراض البيت لهيك انجبرت بيعهن بأسعار رخيصة كتير ورجعت اشتريت غراض مستعملة حتى افرش البيت” موضحاً حجم القهر والألم بعد أن اشترى أفخم أنواع الأثاث وأجودها، ليضطر لبيعها نتيجة القصف والنزوح بأرخص الأثمان.
ونتيجة للظروف المادية المتردية والأوضاع الإنسانية السيئة التي يعيشها أبو أمجد في بلدة أطمة، أجبر على شراء أدوات مستعملة حيث تكون أسعارها رخيصة ومناسبة له، فيتابع حديثه بنظرات مثقلة بالهموم وروح مشردة بين خيام الشمال:
“قسم من المصاري إلي معي اشتريت غراض للبيت والباقي خليتو مصروف للبيت” مبيناً تراجع الدخل والمستوى المعيشي له ولأسرته بعد تركه لأرضه مورد رزقه بسبب القصف العنيف على بلدته.
وفي حديث أم خالد النازحة من مدينة خان شيخون الممزوج بالأسى والحزن معاناة مماثلة، فتقول بقلب متعب أوجعته هموم الرحيل عن منزلها مجبرة “عنا سيارة طالعنا فيها كم غرض من البيت وضل كتير غراض ماقدرنا نجيبهن لأن السيارة صغيرة يادوب وسعتنا مع هالكم غرض”
حيث اضطرت أم خالد مع عائلتها إلى ترك ما تملك والهروب من القصف والموت، لتأويهم خيمة صغيرة بين أشجار الزيتون في مخيم الإحسان محاطة بالحجارة والتراب ومغطاة بالشوادر لتحميهم من الأمطار.
وهناك الكثير ممن تعرض بيته للقصف ولم يبق من منزله او أثاثه أي ،شيء مما يُجبره بعد نزوحه إلى شراء أثاث آخر وغالباً يكون مستعملاً، بسبب غلاء الأثاث الجديد كما يقول النازح رمضان شبيب بزفرات روح منهكة وهمسات قلب مثقل بالهموم وهو نازح من قرية تل مرديخ
“بيتي صار عالأرض بكل شي فيه لهيك انجبرت اشتري كم غرض مستعمل للبيت بضل أرخص من الجديد” لاسيما أن وضعه المادي متدنٍّ ولا يملك سوى بعض المال لتأمين حاجات أسرته في مناطق النزوح.
ووسط ظروف النزوح والفقر لم يقف الأمر عند ارتياد أسواق الأدوات المستعملة فحسب، بل انتشرت أسواق الألبسة المستعملة أيضاً والتي تعرف باسم “البالة” حيث باتت مقصد السكان في الشمال السوري، لتلبية احتياجات أسرهم وأطفالهم من الثياب، آملين تحسن الظروف وانتهاء مأساة التشرد، حالمين بعودة قريبة إلى ديارهم.
خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع