تعد مشكلة تأمين المياه من أهم المشاكل التي يعاني منها غالبية سكان سوريا، بعد نوبات الحر والجفاف الشديد التي طالت سوريا في السنوات الأخيرة، إضافة إلى تعطل معظم الآبار الارتوازية التي كانت تغذي المناطق المحررة في الشمال السوري، حيث كانوا يعتمدون على تأمين المياه من هذه الآبار، التي كانت توصل الماء إلى منازل المواطنين عبر شبكات مدفونة تحت الأرض، لكن الأعطال الكبيرة التي ألمت فيها وعدم وجود يد خبيرة في إصلاحها، دفعت الجميع إلى البحث عن طرق بديلة لحل هذه الأزمة، ما دفع بعض المواطنين إلى حفر آبار ارتوازية لاستخراج الماء وبيعه بصهاريج، لسد النقص الكبير في مياه الشرب.
حيث أفاد لنا أحد المواطنين عن كيفية تأمين المياه قائلاً:” إن عملية حفر الآبار قللت من الطلب الكبير على المياه، حيث يقوم مالك البئر ببيع الماء إلى أصحاب الصهاريج ومن ثم يصلنا”.
وذكر تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) أن تواصل الحرب الطاحنة في سورية والحَر الشديد الصيف الماضي، يزيد من الأدلة المتوفرة عن استخدام أطراف النزاع، المياه كوسيلة لتحقيق مكاسب شخصية وسياسية.
ويقوم تجار المياه باستغلال الحاجة الكبيرة لها، وبيعها بأسعار مرتفعة تثقل كاهل المواطن، حيث يصل سعر صهريج الماء إلى 2000 ليرة سورية، المبلغ الذي يعد ثقيلاً على دخل المواطن المحدود، ما يدفع الكثيرين إلى التقنين الكبير في صرف المياه في المنزل، لعدم قدرتهم على تحمل مصروفها الكبير.
ويروي محمد أحد سكان ريف إدلب عن المعاناة الشديدة لسكان المناطق المحررة بالقول: ” نحتاج إلى ما يقارب ثلاثة صهاريج شهرياً، لكن السعر المرتفع يدفعنا إلى الامساك الكبير عن صرف المياه، لعدم قدرتنا على تحمل مصاريفها المرتفعة، وإن ما خلق هذا الغلاء الشديد هو الاستغلال الكبير من قبل أصحاب الآبار حيث يباع الماء لصاحب الصهريج ب 700 ليرة سورية، بحجة غلاء أسعار المحروقات”.
ويحاول الجميع إيجاد طرق بديلة لحل هذه الأزمة المتفاقمة، فيلجأ بعض السكان إلى حفر بئر سطحي ليستفيد من مياه الأمطار التي تهطل في الشتاء، لكن هذا العام مختلف عن سابقاته بسبب موجات الجفاف التي تضرب غالبية المناطق السورية.
وبسبب هذا الوضع المزري عمدت بعض المنظمات الدولية إلى تحسين هذا الواقع المرير الذي يعاني منه غالبية سكان الشمال المحرر، عن طريق إعادة تصليح الآبار المعطلة وشبكات المياه، وبيع الماء إلى مالكي الصهاريج مقابل مبالغ رمزية تصل إلى 200 ليرة سورية، حيث يصل سعر الصهريج إلى المواطن ما يقارب 500 ليرة سورية، والذي يعد سعراً مناسباً لغالبية أطياف الشعب.
وبالحديث إلى أحد أعضاء هذه اللجان عن الخدمات التي يقدمونها في ريف إدلب قال: ” نحاول من خلال برنامجنا الخير مساعدة ذوي الدخل المحدود، لكن عملنا مؤقت ينتهي بنفاد الدعم المقدم من الخارج، ونأمل أن يتواصل هذا الدعم للمشاريع التي تساعد الناس لكي لا تعود أزمة التلاعب بالأسعار من قبل المحتكرين”.
المركز الصحفي السوري ـ أحمد الإدلبي