للخبز في سوريا حكاية يجب أن تروى، ففي التراث الشعبي السوري يدل الخبز على النعمة حيث يعتبر المصدر الغذائي الأول لجميع السوريين، وبات تأمين رغيف الخبز من أساسيات المقاومة والبقاء على قيد الحياة .
لابد من التعرف على تلك الصعوبات الكثيرة التي تعترض المزارعين في زراعة القمح، أهمها مخاطر القصف الذي تسبب بإحراق الكثير من الأراضي في موسم الحصاد، وخوف المزارعين من تكرار ذلك وضياع تعبهم، فقد احترقت مساحات كثيرة في ريف حماه الشمالي بسبب القصف العشوائي من قوات النظام المتمركزة هناك ، ماأدى لانخفاض مساحات زراعته من المليونين ونصف إلى المليون وربع العام الماضي، فضلا عن الجفاف الذي أصاب الأراضي خلال الأربع سنوات الماضية، مع الارتفاع الجنوني بأسعار الوقود ومستلزمات زراعته كالأسمدة والأدوية الزراعية، بالإضافة لمشكلة الري وخصوصا الأراضي القريبة من تجمعات قوات النظام والتي تحتاج لاستخراج المياه، وطبعا لما تتعرض له من مخاطر في تأمين الوقود وتشغيل المضخات التي سرقت أغلبها من قبل قوات النظام أو بيعت بأسعار بخسة قسرا، مما دعا العديد من المزارعين لاستبدال القمح بمحاصيل أخرى تجلب لهم ربحا أكثر كالكمون وحبة البركة والكزبرة.
وفي إحصائيات حديثة لوزارة الزراعة التابعة لحكومة النظام، فقد تراجعت زراعة القمح بنحو 40 % مقارنة بعام 2010 وقد قدر الإنتاج بنحو مليون ونصف طن فقط العام الماضي ويعد هذا الإنتاج هو الأسوأ منذ 10 سنوات.
صعوبات انعكست سلبا على تأمين رغيف الخبز، والذي يعتبر ضرورة ملحة وحاجة لا غنى عنها، بغض النظر على الأسعار المرتفعة التي زادت بمقدار عشرة أضعاف عما كان عليه سابقا، حيث تحتاج صناعة الخبز لتوفر كميات كبيرة من الطحين ، وتساعد كميات الطحين المقدمة من الإغاثات الخارجية في المناطق المحررة بسد جزء بسيط من حاجة الأفران اليومية.
وفاقم المعاناة خصوصا في ريف ادلب أعداد النازحين الكبيرة من ريف حماه والمناطق الأخرى، وقد زاد الطلب عليه كثيرا في ظل الأزمة بسبب النقص الكبير في الأغذية الأخرى، حيث أصبح سعر ربطة الخبز ذي الجودة الضعيفة ولا يزيد وزنها عن ال800 غرام حوالي 125 ليرة سورية.
لم تسلم الأفران من قصف الطيران فقد امتزج الدم بالخبز في إحدى الأفران في ريف حلب والتي راح ضحيتها أكثر من 50 شهيدا عدا الجرحى، بالرغم من ذلك تحاول بعض المنظمات تأمين الخبز للنازحين بالدرجة الأولى، كونهم فقدوا منازلهم وكل مايملكون ليبقى النظام متربعا على عرشه غير آبه بمايعانيه الشعب.
سالم البصيص
المركز الصحفي السوري