“مات بحضني وأنا ماسكة إيدو، قلي بحبك كتير لا تتركيني”، عبارات أخبرتنا بها “هبة” في بداية سردها قصة استشهاد أخيها الذي توفي بقذيفة دبابة.
قصص مأساوية لا تنتهي، يبكي لسماعها الحجر من هول أحداثها، حصلت وما زالت تحدث في سوريا، فلا نهاية لوحشية نظام ليس له عمل سوى القتل والإرهاب.
“أصعب يوم بحياتي، ما رح انساه، كان قصف كتير ومحاولة اقتحام، حكى معي الصبح و قلي عطيني رقم “محمد” ابن عمي بدنا ياه مؤازرة، قلتلو دير بالك عمحمد و ع حالك” تتابع “هبة” (25عاما) ممرضة في المشفى الميداني، كلامها لتروي لنا تلك الواقعة.
تضيف” رحت ع شغلي رغم القصف العنيف، كان عندي احساس أنو لازم روح، وصلت ساعة 8ونص، بعد بساعة سمعت ضجة كتير وجايبين مصابين، ركضت لأعرف مين، شفت شب كلو تراب و دم ما عرفتو, رجعت.. بس سمعت صوت عم ينادي “بدي أختي، بعتولي أختي” صوت بعرفو منيح، هاد صوت أخي، ما صدقت.. ركضت لعندو فورا، لقيتو مغسل بالدم والتراب، كان متصاوب بقذيفة دبابة بالفخد وتقريبا رجلو بدا قطع، أول ما شافني مسك ايدي وباسها، قلي.. لا تخبري ماما وديري بالك عليها.. انا بحبكن كتير، خليكي معي، و بلش يصرخ خدروني أنا موجوع.. رجع مسك ايدي و قلي لا تخلين يقطعولي رجلي”.
تصمت قليلا و هي تجفف الدموع وكلنا شوق لمعرفة باقي قصتها، تتابع حديثها “فوتو(احمد) فورا على العمليات وأنا معو، ونقلولو دم قد مانزف، الدكتور أسرع ليعملوا صدمات، توقف قلبو من النزف، جنيت ما عرفت شو بدي ساوي، اخي عم يموت قدامي، ركضت مسكت ايدو، بس ما كان صحيان على شي، رجع دق قلبو، الدكتور انبسط قال الحمد لله سيطرنا على الوضع، ارتحت شوي، كم دقيقية و رجع وقف قلبو ،صدمو وصدمو..بس.. لا حياة لمن تنادي، مات أخي وأنا ماسكة ايدو ، وفصلو الأجهزة عنو”.
صمتت و صمتنا لنجفف دموعنا التي لاقت دموعها قبل أن تتابع مضيفة” بقيت معو وأنا عم فيقو لأنو اخي ما مات، كنت متأكدة أنو ما رح يتركنا، برد جسمو، ركضت غطيتو ورفقاتي عم يبعدوني عنو، تركوني أخي عايش بس بردان شوي، كلن عم يبكو ويهدوني، أخي ما مات ما رح تكفنوه، وانهارت أعصابي، بهل وقت قالتلي رفيقتي روحي خبري والدك مشان يصلي على أخوكي، ركضت لشوف بابا، لقيتو متصاوب بجروح بسيطة، و عم يعملولو الاسعافات اللازمة، قلي كيفو أخوكي ما خلص عملية، قلتلو مبلا عم يستناك برا، شان تقوم تصلي عليه..”.
أرخت رأسها و لم تقدر على المتابعة فلم تعد قادرة على السيطرة على دموعها المنهارة، ليست هبة الوحيدة فهناك الكثيرات ممن أفقدتهن الحرب أحباءهن.
المركز الصحفي السوري _ حنين حمادة.