ثمة مفارقات عدة عندما نتحدثُ عن دور رجال الأعمال في إعادة الإعمار، وخصوصاً أن قلة منهم يملك شركات تطوير عقاري، وثمة صعوبة بالغة في تحديد الدور المأمول من رجال الأعمال السوريين مستقبلاً، سواء كان هذا الدور في الصناعة أو التجارة، أم في إعادة الإعمار.
وعندما نتحدث عن رجال الأعمال يجب أن لا نغفل كبار المصدرين أو كبار المستوردين، إلا أنني أجدُ نفسي مرغماً لأن أضع بعض المقدمات، فثمة رجال أعمال سوريين كانوا ومازالوا من كبار الحيتان،.. أجل، عندما يتصدرُ أحد رجال الأعمال دوراً ريادياً في قطاع صناعي أو تجاري أو عقاري، فإن هذا يعني أن لهذا الشخص دور مهم، إما بالتحكم أو بالسيطرة على المقدرات الاقتصادية في قطاعه.
وضمن سلسلة “أبرز أثرياء سوريا”، سوف نستعرض أهم أسماء رجال الأعمال والمصدّرين السوريين كل حسب قطاعه:
والبداية ستكون مع حسان الحجار، صاحب المدينة الصناعية للنسيج، (أكبر معمل في الشرق الأوسط)، وهو أيضاً من أكبر مصدّري الألبسة في سوريا، بل يمكن القول أنه المصدّر رقم (1) في قطاع النسيج السوري، والثالث على مستوى سوريا.
وحسان الحجار، هو الشريك الفعلي لـ “أبو سليم دعبول”، وكان يُسمى حوت النسيج السوري، كما هو حال حوت النفط السوري، نزار الأسعد، وحوت الحديد السوري، وهيب مرعي، وحوت الصناعات الغذائية، عدنان النن، وحوت الورق والصناعات الخشبية، هاني كميل عزوز، وأخيراً وليس آخراً، حوت الاستيراد، أنطون باتنجانة، والذي كان يُحدد أسعار الرز والسكر والزيت والسمن في سوريا، كُل ساعة، وفقاً للبورصات العالمية، وكان له الكلمة الفصل في تحديد الأسعار، و(بالعامية)، ليس لأحد القدرة على كسر أسعاره، “رفعت الأقلام وجفت الصحف”.
وهناك تجار يسيطرون على مقدرات الشعوب، وهناك أيضاً تجار على مستوى عالِ سواء بتجارة الذهب أو الألماس أو الأرز والقمح أو حتى المشتقات النفطية.. إلا أن ما كان يميز بعض تجار أو مصدري سوريا قبل اندلاع الثورة، أنهم كانوا فوق أي قرار اقتصادي وهم على مستوى أعلى من كل مستويات قرارات الحكومة، وقد لايحدثُ بشكل فعلي في الدول المتقدمة اقتصادياً أو اجتماعياً أن يصدر قرار أو مرسوم رئاسي لخدمة شخص واحد.. أجل هذا ما كان يحدث في اقتصاد سوريا عندما نتحدث عن اقتصاد يقارب اقتصاد الصومال تارة، ويتزوج السلطة بالإكراه تارةً أخرى.
وبالعودة لـ “حسان الحجار”، أكبر مصدّر نسيج، وكما ذكرتُ آنفاً، شريك “أبو سليم دعبول”، كان المسؤول عن تشغيل مئات المصانع والورش الصغيرة، وكان لديه مدينة صناعية كاملة من النسيج مثله مثل أبو كامل، رئيس غرفة صناعة حلب الأسبق، (شرباتي).
وما يثير التساؤلات أن حسان الحجار كان يحصل على دعم من هيئة الصادرات لأنه المصدر رقم (3) على مستوى سوريا، ويحدث أنه امتنع عن تسديد الضرائب، كما أنه امتنع في أحد الصراعات مع “حكومة العطري”، عن تسديد مبلغ 45 مليون ليرة سورية كفرق استهلاك كهرباء، تم ضبطه من قبل مؤسسة التوزيع التابعة لوزارة الكهرباء، وقال حينها، “أنا لستُ مسؤولاً عن الخطأ.. ولتتحمل المؤسسة المذكورة هذا الفاقد والفارق” وبدون خجل من جانب هذا الصناعي.. ألم نقل يوماً أنه اقتصاد العجائب، وأنه كاقتصاد الصومال، في جزيرة منعزلة لا يتأثر بالتغيرات العالمية.
هاني كميل عزوز، صاحب أكبر مصنع لتجارة وتصنيع الأخشاب، (سيريا ميكا)، صدر أكثر من مرسوم لتحديد صناعة الورق والخشب وتفصيلها على مقاسه، كان يتبرع في كل شهر بمبلغ مليون دولار لصالح نادي الاتحاد الرياضي بحلب، ومجمل أعماله كانت جزءاً من حكاية زواج المال والسلطة.
يملك هاني عزوز عقلية تجارية وله مصانع في الهند وسوريا وإيران وألمانيا والسعودية، وكان المصدّر الوحيد والأول في سوريا من دون منافس، في مجال الصناعات الخشبية والورق.
أما المصدّر الثاني على مستوى الاقتصاد فكان، عدنان النن، والجميع يعرف منتجات الدرة، إلا أن عدنان النن ليس كغيره، لقد صعد السلم التجاري كما يقال، (درجة… درجة)، حتى وصل لقمّة الصناعات الغذائية، وهو الذي بدأ حياته الصناعية بتجارة (المخلل) في العام 1970، ليصبح بعدها من كبار المصدّرين السوريين.
كان “النن” بعيداً عن الأضواء، ويعمل بالظل، لأنه غير متعلم، واكتفى برئاسة غرفة تجارة ريف دمشق. منتجاته وصلت إلى الصين وألمانيا والعديد من الدول الأوروبية. نقل مصنعه من سوريا إلى مصر، لكنه لم يجد فيها المناخ الصناعي المناسب، فانتقل إلى الأردن، ومنتجاته موجودة في أغلب الأسواق العربية.
المصدر: زمان الوصل