سبق الرئيس المصري غيره من زعماء العالم حين كان أول من اتصل بدونالد ترامب لتهنئته على فوزه بالانتخابات.
وسوف يصبح عبد الفتاح السيسي أيضاً أول زعيم عربي يزور البيت الأبيض في عهد ترامب، فقد قالت الإدارة الأميركية إن الهدف هو إعادة بناء العلاقات التي توترت خلال سنوات الرئيس السابق باراك أوباما بسبب حملة مصر على الإخوان المسلمين، الذين انقلب السيسي على رئيسهم عام 2013، حسب تقرير لموقع بلومبيرغ الأميركي.
وسيقابل ترامب هذا الأسبوع أيضاً ملك الأردن، الملك عبد الله الثاني، فيما زار نائب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان البيت الأبيض في مارس/آذار 2017.
هذا ما يريده السيسي
بالنسبة للسيسي، يعتبر احتضان القائد الأميركي الجديد له، الذي يشاركه الكراهية تجاه الإسلام السياسي، بمثابة ضمان توفير الدعم المالي والعسكري الذي يحتاج إليه لإنعاش اقتصاد بلاده واستعادة مكانتها كوسيط النفوذ الإقليمي. إضافة إلى السعي للحفاظ على 1.3 مليار إلى 1.5 مليار دولار من المساعدات الاقتصادية والعسكرية التي تحصل عليها مصر سنوياً من واشنطن.
وسيحاول السيسي إقناع الولايات المتحدة بإعلان الإخوان المسلمين منظمة إرهابية.
يقول زياد عقل، الباحث البارز في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية في القاهرة، في مقابلة، إن دافع السيسي الرئيسي “فيما يتعلق بالإسلام السياسي هو القول بأنهم جميعاً” إرهابيون، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين”. فهو وترامب يعتقدان أنه لا يوجد “إسلام سياسي معتدل، وهذا سوف يزيد من متاعب الإخوان”.
يأتي الاجتماع بين الزعيمين في وقت حرج بالنسبة السيسي. بعد أشهر من تحرير سعر الصرف للجنيه، ارتفع التضخم السنوي ليصل إلى أكثر من 30 في المئة وانخفضت قيمة الجنيه مقابل الدولار إلى النصف. ويعتبر عجز الموازنة في مصر من أعلى المعدلات في الشرق الأوسط. ولم تستطع حملات النظام المكثفة على المسلحين المتطرفين القضاء عليهم.
وقال إيريك تراجر، وهو زميل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن الدعم من ترامب، بما في ذلك تأكيد مكانة مصر في الشرق الأوسط، من شأنه أن يوفر للسيسي قدراً كبيراً من الشرعية محلياً وإقليمياً.
عناق دافئ
وقال تراجر إن السيسي “سيحصل أخيراً على “العناق الدافئ” الذي يريده من واشنطن” منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي من جماعة الإخوان المسلمين في 2013.
لقد أطاح المصريون برئيسين منذ عام 2011، وبالتالي، فإن ضمان الاستقرار الاجتماعي في بلده الفقير في وقت تزداد فيه أزمة اقتصادية عمقاً هو الشغل الشاغل للسيسي، خاصة مع خوض حكومته معارك ضد مسلحين في شمال شبه جزيرة سيناء. وهو يحاول التعامل مع التحديين، ويجادل بأن الأمن له الأسبقية على الالتزام بمعايير حقوق الإنسان.
وتقول إدارة ترامب إنها تتخذ نهجاً مختلفاً نحو سجل حقوق الإنسان في مصر عن النهج الذي سلكته إدارة أوباما، التي أعربت علناً عن استيائها وامتنعت عن بيع الأسلحة للقاهرة بقروض.
وفي حين أن حقوق الإنسان ستكون الأولوية في المناقشات مع مصر، يتعامل البيت الأبيض الجديد مع المسألة بطريقة خاصة، أكثر حذراً، وفقاً لمسؤول أميركي قدم إفادة للصحفيين بشرط عدم الكشف عن هويته قبل الزيارة.
وكتب هاني صبرا، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا، في تقرير، أن السيسي على الأرجح سيجد أن ترامب “لن يزعج مصر في مجال حقوق الإنسان وقضايا الديمقراطية”.
وأضاف “يرى ترامب السيسي كزعيم عربي مسلم يشاركه النظرة القومية ومعاداة الإسلام السياسي على نطاق واسع. وبالإضافة إلى ذلك، ربما يعتقد ترامب أن مصر قد تكون شريكاً أقوى للولايات المتحدة في المنطقة.”
حملة واسعة
أشرف السيسي على حملة واسعة ضد الإخوان بدأت حين كان وزيراً للدفاع واستمرت بعد انتخابه في عام 2014 رئيساً للبلاد. قتل المئات من الإسلاميين وتعرض آلاف آخرون للسجن، وتم إعلام الجماعة كمنظمة إرهابية ثم اتسعت الحملة ضد الإخوان بعد ذلك لتشمل الناشطين والمنشقين الآخرين.
حتى لو السيسي لم ينجح في استصدار بيان رسمي يعلن أن الإخوان المسلمين إرهابيون، يقول زياد عقل من مركز الأهرام إن “دبلوماسية ما وراء الكواليس أكثر أهمية من بيان رسمي من البيت الأبيض بأن جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية”.
وقال صبرا إنه في حين أن إدارة ترامب قد أشارت في وقت سابق أنها تدرس وصف الجماعة بالإرهابية، إلا أن هذه الخطوة تعقدت بعد إقالة مستشار الأمن القومي مايكل فلين، المتبني الرئيسي لها. وقال إن فلين “كان على الأرجح أكثر قابلية لتبني هذا القرار” من خلفه، الفريق مكماستر.
مع مراجعة ترامب للإنفاق على المساعدات الخارجية للولايات المتحدة، ستكون حصة مصر السنوية -التي منحت لها كمكافأة على توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979- هي القضية المركزية للسيسي. سيكون أي تخفيض من تلك الحصة مؤلماً وخصوصاً في هذا الوقت، بينما آثار الإصلاحات الاقتصادية لا تزال مؤثرة بشدة.
وقال البيت الأبيض في مؤتمر صحفي إنه يتوقع أن الدعم العسكري والمدني لمصر سيستمر، دون توضيح ما إذا كان سيظل على نفس المستوى. وقال مسؤول لم يشأ ذكر اسمه إنه في حين أن عملية وضع الميزانية لا تزال مستمرة “سنظل نقدم للحفاظ على مستوى قوي وكاف من الدعم”.
-هذا الموضوع مترجم عن موقع مؤسسة Bloomberg. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
المصدر: هافينغتون بوست عربي