عشرات الآلاف من المحتجزين بينهم أطفال ونساء ينتظرون بصيص أمل للخروج من مستنقع مليء بالأهوال في مخيم الهول الذي تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في شمال شرق سوريا بحسب تقرير نشره موقع منظمة حقوق الإنسان “هيومن رايتس ووتش” اليوم الثلاثاء 23 مارس/آذار وترجمه المركز الصحفي السوري.
اتمتة السجل العقاري هل ستساهم بخسارة الأملاك وتثبيت التزوير؟
لا يزال قرابة 43 ألف رجل وامرأة وطفل أجنبي مرتبطين بتنظيم الدولة “داعش” محتجزين في ظروف لا إنسانية ومهينة من قبل قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في شمال شرق سوريا، بعد عامين من اعتقالهم أثناء سقوط “الخلافة” التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، غالباً بشكل صريح أو ضمني. ذكرت هيومن رايتس ووتش اليوم إن موافقتهم على دولهم الجنسية.
ولم يمثل المعتقلون الأجانب أمام محكمة قط، مما يجعل احتجازهم تعسفياً إلى أجل غير مسمى من بينهم 27 ألفاً و500 طفل، معظمهم في معسكرات مغلقة، وما لا يقل عن 300 في سجون بائسة للرجال، وعشرات آخرين في مركز إعادة تأهيل مغلق.
يعاني المعتقلون من ارتفاع مستويات العنف وانخفاض مستويات المساعدات الحيوية بما في ذلك الرعاية الطبية، فقد رفضت فرنسا السماح لامرأة مصابة بسرطان القولون المتقدم بالعودة إلى المنزل لتلقي العلاج، وقالت امرأة محتجزة لـ “هيومن رايتس ووتش” إنّ أحد الحرّاس دهس طفلاً بسيارته فكسر جمجمته.
أضافت “هيومن رايتس ووتش” أن الحكومات التي تساهم بنشاط في هذا الحبس التعسفي قد تكون متواطئة في الاحتجاز غير القانوني والعقاب الجماعي لآلاف الأشخاص، الذين معظمهم من النساء والأطفال الصغار.
وصف الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أمهات وأطفالاً بأنّهم يائسون بشكل متزايد، يكافحون من أجل الحفاظ على كرامتهم وسط ظروف قاسية ومخاوف من الإصابة بفيروس كورونا، قالت 3 نساء في أحد المخيمات أنّ الحرّاس صادروا المصاحف وهددوا النساء لارتدائهن النقاب، وداهموا الخيام ليلاً، ويضفن أنّ النساء اللواتي يتم القبض عليهن يحملن هواتف يتعرضن أحيانًا للضرب والسجن لأيام أو حتى أسابيع.
فيما نفت الإدارة الذاتية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” أي إساءة من قبل الحراس وقالت إن بعض النساء هاجمن الحرّاس بالحجارة والأدوات الحادة، وقال نائب الرئيس المشارك للإدارة الذاتية “بدران شيا كرد” لـ هيومن رايتس ووتش إن النساء يُسجن في معظم الحالات “لبضعة أيام” فقط إذا حاولن الفرار وأضاف أنّ احتجاز الأجانب يمثل عبئاً كبيراً على الإدارة الذاتية التي تعاني أصلاً من ضائقة مالية.
وفقًا لجماعات إنسانية ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فقد توفي أكثر من 700 محتجز في الهول وروج نصفهم على الأقل من الأطفال في العامين الماضيين بينما قُتل آخرون في تبادل لإطلاق النار بين الحراس والمعتقلين أو بسبب نقص الرعاية الطبية والظروف غير الصحية وحوادث مثل حرائق الخيام، فقد قتل ما لا يقل عن 29 شخصاً في مخيم الهول وحده خلال شهري كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير الفائتين.
يذكر أنّ الإمدادات الطبية وغيرها شحيحة في المخيمات والسجون ويرجع ذلك إلى الصعوبات التي تواجه عمال الإغاثة في الوصول إلى المنطقة وخاصة بعد أن استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وهددت به لفرض إغلاق ثلاثة من المعابر الحدودية الأربعة الحيوية إلى سوريا التي تستخدمها وكالات الأمم المتحدة لنقل الأدوية والمساعدات الأخرى إلى البلاد في كانون الثاني/يناير 2020.
بالرغم من إعادة بعض الدول بما فيها ألمانيا وفنلندا بعض الأمهات اللواتي لديهنّ أطفالاً، إلاّ أنّ البعض الآخر بما فيها كندا وبريطانيا وفرنسا أعادت الأطفال دون أمهاتهم، وتعتبر عودة الأطفال دون والديهم انتهاك لاتفاقية حقوق الطفل التي تنص أنّه يجب على الدول التمسك بمبدأ وحدة الأسرة.
فيما تؤكد العديد من الحكومات أنّ عمليات الإعادة إلى الوطن تشكل الكثير من المخاطر الأمنية وبحسب هيومن رايتس ووتش ففي حين أنّ الحكومات ملزمة بالحفاظ على سلامة الناس، فإنّ المخاوف الأمنية تلغي واجبها الموازي في دعم حقوق الإنسان.
وتضيف المنظمة أنّ احتجاز الأشخاص في ظروف غامضة تصل إلى حدّ المعاملة اللإنسانية أو المهينة محظور تماماً بموجب قانون حقوق الإنسان، مشيرة إلى أنّ احتجاز الإدارة الذاتية لهؤلاء الأجانب إلى أجل غير مسمى دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة بما في ذلك حقّهم في المثول أمام قاض لمراجعة شرعية وضرورة حبسهم يعتبر تعسفي وغير قانوني، واحتجاز أفراد العائلات ولا سيما الأطفال والنساء يرقى إلى الجرم بالتبعية والعقاب الجماعي المحظور بموجب القانون الدولي وينتهك المبادئ الدولية للأطفال المرتبطين بالجماعات المسلحة الذين يجب اعتبارهم ضحايا في المقام الأول.
الجدير ذكره أنّ مواطني 58 دولة على الأقل محتجزون في معسكرات وسجون في شمال شرق سوريا، من أفغانستان وألبانيا والجزائر وفرنسا واستراليا والنمسا وأذربيجان وبنغلادش والبوسنة والهرسك وكندا والصين والدنمارك ومصر واستونيا وفنلندا ولبنا وليبيا وجورجيا وألمانيا وهولندا والنرويج وإسبانيا وسويسرا وأوكرانيا وبريطانيا والولايات المتحدة وغيرها.
محمد المعري
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع
رابط المقال الأصلي