يتبرّم مسؤولون حكوميون من عدم وفاء الدول العربية والاجنبية بالتزاماتها تجاه الاردن، في الوقت الذي يعلن فيه رئيس الوزراء الجديد الدكتور هاني الملقي تخفيض حكومته 169 مليون دينار من النفقات الواردة في قانون الموازنة العامّة للعام 2016، لكل من الحكومة المركزية والوحدات الحكومية المستقلة، ويتحدث عن مؤشرات ايجابية يلمسها وحكومته بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
مسؤولون حكوميون يؤكدون ان الاردن ولغاية منتصف العام الاول من الالتزام الاوروبي في مؤتمر لندن للمانحين لم يتلق الدعم المطلوب، مبررين بذلك ما اعتبره المجتمع الدولي “ردة فعل عنيفة” تجاه ما عرف بـ “هجوم الركبان” كون الاردن شعر نفسه الوحيد المعني بالازمة السورية والمتحمل لتبعاتها دون حتى ان يتحمل الاخرون الجانب المادي من القضية.
الشعور المذكور بدا واضحا في الرد المقتضب لوزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال الدكتور محمد المومني على اي محاولة للتوسط لتوصيل الغذاء والماء للاجئين المحشورين في منطقة الركبان والتي واجهت اعتداء عنيفا خلال شهر رمضان بسيارة مفخخة أدى لاستشهاد 7 من جنود المؤسسات الامنية.
رد المومني كان ان الاردن لن يتراجع عن اعلان المنطقة كمنطقة عسكرية، وان مشكلة اللاجئين في المكان هي مشكلة دولية وليست اردنية.
الرد الآنف يظهر بوضوح ان الاردن ينتقل في تعامله مع المجتمع الدولي بقضية اللاجئين لمرحلة متقدمة قوامها ان عمان تحملت ما عليها تحمله والان على الاخرين تحمل حصّتهم من الازمة، وان كان سياسيون مخضرمون مثل الدكتور ممدوح العبادي يصرّون على ان استقبال اللاجئين بالصورة التي تمت من الاساس كان “خطأً فادحا”.
تمترس الحكومة خلف القرار العسكري هذه المرة جعل المؤسسات الدولية تعيد النظر بطريقة او بأخرى بما تفعله، لتقود المنظمة الاممية للطفل “اليونيسيف” مفاوضات معمقة لايصال الماء للاجئين، بعد حساب المنظمات الدولية لكلفة الانزال بالطائرات او بغيرها وحساب الاضرار الناجمة عن ذلك.
بناء عليه استأنفت الحكومة الاردنية ايصال المياه للاجئين قبل أيام، الامر الذي على ما يبدو حفّز اليونيسيف ذاتها لتقديم منحتها المقدرة بـ 27.9 مليون دينار اردني لدعم وزارة التربية والتعليم في استيعاب تبعات الازمة السورية، والتي تضمنتها خطة الاستجابة الاردنية المقدمة في مؤتمر لندن.
ما قدمته اليونيسيف وان كان خطوة للامام في تسديد الالتزامات الدولية إلا انه لا يبدو كافيا، مع دولة وصل عجز ميزانيتها للحدود القصوى متجاوزا حاجز الـ 90% من الناتج العام، الامر الذي وان كان مردّه لاسباب اقتصادية مختلفة من ضمنها “قصر النظر” الحكومي وسياسات الجباية، الا ان الازمة السورية وتبعاتها سواء التي جاءت على شكل لاجئين او اغلاق حدود او حتى ارهاب يستوجب الرد والتحوّط شكّلت ايضا جزءا هاما من العجز والدين المتراكم.
بكل الاحوال، يشعر الاردن على الصعيد الاقتصادي بالخذلان، خصوصا وان مساحة التفاؤل بصندوق الاستثمار -الذي من المفترض ان السعودية بقيادة الامير محمد بن سلمان استعجلت به عمان- آخذة بالانحسار، ما يجعل الدولة الاردنية تزداد احباطا من المجتمع الدولي تزامنا مع المزيد من الضغوط على حدودها، الامر الذي تدرس في سياقه غرف القرار الانفتاح على خيارات جديدة ليس مستبعدا منها النظام السوري وحلفاؤه، خصوصا وهم الاكثر قدرة اليوم على تأمين الحدود على الاقل.
إضافة لتأمين الحدود والسيطرة عليها بصورة او بأخرى، فالنظام السوري اليوم هو الوحيد الذي لم يثبت تلاعبه كما فعلت الكثير من قوى المعارضة على الحدود، كما انه بلا شك الاقدر على قيادة “تسوية” بخصوص اللاجئين.
رأي اليوم