سورية: تمديد الهدنة تمهيداً لجنيف… و”ضربة عسكرية” لإيران بحلب
في موازاة ذلك، يبدي النظام السوري تعنتاً ويصرّ على إفشال أي مفاوضات، وهو ما يترجم من خلال التصريحات التي يطلقها مسؤولوه أو مسؤولو الدول الداعمة له. ضمن هذا السياق، يستمر الرئيس السوري، بشار الأسد، بمحاولة التنصل من مسؤولية النظام عن إفشال الحلول السياسية، متهماً خلال لقاء جمعه بعلي ولايتي، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس السبت، دولاً غربية وإقليمية بأنها “تواصل دعم الإرهابيين سراً وعلناً وتوفر الغطاء لهم بالرغم من الجهود الرامية إلى وقف القتال ودعم الحل السياسي في سورية”، على حد قوله.
من جهته، لم يتردد ولايتي في الإعلان عن أن إيران تعتبر بقاء الأسد رئيساً لسورية أمراً ضرورياً، وأن طهران أبلغت الإدارة الروسية بموقفها هذا بشكل واضح، وفق ما ذكرت وكالة أنباء فارس الإيرانية، قبل أن يعمد إلى التصويب على المعارضة بالقول إن “التفريق بين المعارضة المتطرفة والمعارضة المعتدلة أمر مضحك”.
تصريحات ولايتي تزامنت مع إعلان إيران عن واحدة من أقسى الضربات التي تتعرض لها في يوم واحد منذ بدء مشاركة قواتها إلى جانب النظام في المعارك في سورية، إذ أفاد الحرس الثوري، أمس، عن “سقوط 13 مستشاراً عسكرياً إيرانياً وجرح 21 آخرين خلال اشتباكات في سورية، يوم الجمعة”. كما أفيد عن أسر مجموعة من المستشارين. ويعد إعلان الحرس الثوري عن هذا العدد من القتلى في يوم واحد أمراً غير مسبوق، ليصل عدد قتلى الحرس في سورية إلى 260 قتيلاً تقريباً.
وأشار مسؤول العلاقات العامة في الحرس الثوري في محافظة مازندران الإيرانية، حسين علي رضايي، إلى أن القتلى الإيرانيين سقطوا خلال اشتباكات مسلحة وقعت بالقرب من منطقة خان طومان، جنوب غربي حلب، في سورية، يوم الجمعة.
في غضون ذلك، أشارت مصادر إعلامية في وقت سابق، إلى أن المجموعة الدولية لدعم سورية، التي تضمّ 17 دولة، ستعقد اجتماعاً في العاصمة النمساوية فيينا في 17 مايو/ أيار الحالي، للتمهيد لبدء جولة رابعة من مفاوضات جنيف، التي علّقت المعارضة السورية مشاركتها فيها، في 18 أبريل/ نيسان الماضي، لاعتبارها بأن “نظام الأسد ليس جاداً في المضيّ قدماً في عملية تؤدي إلى تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات من دون بشار الأسد، تُمهّد الطريق لإنهاء المأساة السورية المستمرة منذ خمس سنوات”.
من جهته، يؤكد الأمين العام الأسبق للائتلاف السوري نصر الحريري، لـ”العربي الجديد”، أن “اجتماع باريس سيُعقد بعد أيام، ويضم مجموعة من دول أصدقاء سورية”، مشيراً إلى أن “موضوع الهدنة في حلب هو بالمحصّلة اتفاق أميركي ــ روسي بمعزل عن جملة التحركات السياسية الجارية حالياً، وهي هدنة لا ترقى للمستوى المطلوب، كونها مؤقتة، وجزئية لا تشمل كل مناطق سورية، فضلاً عن أنها تفتقر لآلية واضحة للمراقبة والمحاسبة، فكيف يمكن لروسيا أن تقدم كل هذا الدعم العسكري للنظام وتتستر على جرائمه بحق المدنيين، ثم أن تكون مراقباً للهدنة في الوقت نفسه؟”. كما يُحمّل الحريري، الذي شارك في جولات محادثات جنيف كمستشار لوفد المعارضة، النظام السوري مسؤولية فشل الهدنة التي استمرت لنحو شهرين، معتبراً أن “جملة المحادثات والاجتماعات والتحركات الدبلوماسية القائمة حالياً لن تدفع المعارضة للعودة إلى المفاوضات، ما لم تتحقق نتائج على الأرض في ما يخص القضايا الإنسانية وعلى رأسها وقف قصف المناطق السكنية وفك الحصار عن المناطق المحاصرة”، مطالباً “الأمم المتحدة بموقف واضح، تؤكد فيه أن النظام مسؤول عن فشل الهدنة لأنه استهتر بها وواصل ارتكاب المجازر وعرقل بالتالي العملية السياسية”.
في هذا السياق، يرى عضو الأمانة المركزية في “المجلس الوطني السوري” عبد الرحمن الحاج، أنه “من حيث المبدأ، فإن جميع المناقشات واللقاءات الجارية حالياً، تأتي من أجل دفع المعارضة للعودة للمفاوضات”، مشيراً إلى أن “هذا أسوأ وقت لعودة المفاوضات، خصوصاً إذا لم تحصل المعارضة السورية على ضمانات بشأن مطالبها الرئيسية حول البنود الإنسانية، التي لا قيمة لأي مفاوضات فيها ما لم تتحقق هذه البنود الأساسية”.
ويشير الحاج، خلال حديثٍ لـ”العربي الجديد”، إلى أن “دخول المفاوضات من دون ضمانات حقيقية، يعني أن وفد المعارضة يغامر بحاضنته الشعبية وبمستقبل المفاوضات أيضاً”. أما حول البدائل، فيرى بأن “الظروف الموجودة الآن هي أسوأ بكثير من الظروف التي بدأت فيها المحادثات في مرات سابقة، والعودة تعني إعطاء شرعية للنظام بعد ما ارتكبه من مجازر في حلب”. ويرى بأنه “لا بدّ من الحصول على ضمانات أيضاً لوقف هجوم النظام على حلب، لأن النظام كان يريد حصارها، من خلال الضغط على المجموعات المقاتلة وضرب البنية التحتية والحاضنة الشعبية، ويسعى لإحداث حركة نزوح كبيرة، وبالتالي كسب ورقة مهمة في أي محادثات مقبلة”.
العربي الجديد