حلب: ثرثرة هدنة على وقع تحضيرات الاجتياح البرّي
ميدانياً، كشفت مصادر في شمالي سورية لـ”العربي الجديد” أن “قوات النظام تستعد، على ما يبدو، لبدء عملية عسكرية برية، في مناطق سيطرة المعارضة في حلب، وذلك بعد 12 يوماً من القصف الجوي والمدفعي، والذي أدى لسقوط أكثر من 350 قتيلاً وعشرات الجرحى، فضلاً عن دمارٍ واسع في البنية التحتية بالمناطق المستهدفة”. وأكدت المصادر أن “حشوداً من مختلف تشكيلات ومليشيات نظام الأسد يجري إعدادها وتجميعها لإرسالها باتحاه الشمال، تحديداً حلب، وذلك في إطار تجهيز عملية لاقتحام المدينة”.
وتأتي الضغوط الميدانية أخيراً بهدف استثمارها سياسياً في الاتصالات واللقاءات الجارية في جنيف، والتي ترمي إلى إعادة شمول حلب بالهدنة مجدداً، ولكن بشروط جديدة. ويبدو أن تصعيد قوات النظام عمليات القصف على الأحياء السكنية في حلب بغطاء سياسي روسي، جاء لإجبار المعارضة المتمثلة بالهيئة العليا للمفاوضات، المنبثقة عن مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، على العودة إلى طاولة محادثات جنيف لتمرير المزيد من الوقت، بعدما جمدت مشاركتها فيها إلى حين تنفيذ البنود الإنسانية، والتي نصّ عليها قرار مجلس الأمن رقم 2254، إلى حين إيقاف النظام لعمليات خرق الهدنة من جانبه.
في هذا الإطار، تسعى روسيا، بالإضافة إلى إجبار المعارضة على العودة إلى طاولة المفاوضات، إلى الضغط عليها أيضاً لتشكيل حكومة جديدة بقيادة النظام، ومن دون الحديث عن تنحّي رئيسه بشار الأسد. وذلك في وقت تتمسّك فيه المعارضة بعملية انتقال سياسي، تنتقل فيها السلطة بالكامل إلى هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، كالتي تحدث عنها بيان جنيف 1 عام 2012.
ويبدو أن هذه الطلبات غير قابلة للتحقيق حالياً مع ثبات موقف المعارضة السياسي، وتماسك قواتها على الأرض. الأمر الذي يُرجّح قبول روسيا مرحلياً، بشمول الهدنة مدينة حلب بعد سيطرة قوات النظام على الأجزاء التابعة للمعارضة في المدينة. عندها، يمكن لروسيا أن تكتفي في الوقت الحالي، بإنشاء مركز في جنيف لمراقبة نظام وقف إطلاق النار في سورية خلال الأيام المقبلة. حتى إن لافروف أعلن أمس أنه “سيتم إنشاء مركز روسي أميركي مشترك خلال الأيام القليلة المقبلة في جنيف، للردّ السريع على انتهاكات نظام وقف إطلاق النار”، وهو أمر قد يجعل أي إنهاء من أي فصيل تابع للمعارضة لنظام وقف إطلاق النار مسوغاً لدى الروس، لتقديم غطاء كامل للنظام في عمليات قصفه لمناطق سيطرة المعارضة في الريف الخارج عن سيطرة دمشق مستقبلاً.
كما اهتزت حلب بالكامل، أمس، لدرجة اعتقد معها بعض السكان أن هزة أرضية ضربت المدينة، إلا أن مصادر المعارضة أكدت لـ”العربي الجديد”، أن “قواتها نجحت بتفجير شحنة متفجرات كبيرة، أسفل مبنى كانت تتحصّن فيه قوات النظام قرب مبنى المالية، في حي جمعية الزهراء إلى الغرب من حلب”. وشاهد السكان الدخان الناتج عن عملية التفجير من جميع أحياء المدينة، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة، إثر محاولة قوات المعارضة التقدم فيها باتجاه فرع الاستخبارات الجوية، والذي تتحصّن فيه قوات النظام في مدخل مدينة حلب الغربي.
في هذا الإطار، قال الناشط حسن الحلبي لـ”العربي الجديد”، إن “الاشتباكات في حي جمعية الزهراء تزامنت مع اشتباكات بين قوات المعارضة وقوات النظام على جبهات الراشدين والبحوث العلمية غربي حلب”.
بموازاة ذلك، تعرضت مناطق عدة من ضمنها ضهرة عواد، لقصفٍ بالبراميل المتفجرة، كما استهدف قصفٌ مدفعي حي كرم البيك الذي تسيطر عليه المعارضة شرق حلب. ووقع أيضاً انفجار كبير أمام مدخل مستشفى الضبيط في حي المحافظة، بمناطق سيطرة النظام في المدينة، ما أدى إلى تدمير واجهة المستشفى بالكامل، ومقتل وجرح مدنيين لم يعرف عددهم بعد.
وفي الوقت الذي اتهمت فيه مصادر النظام الإعلامية المعارضة بقصف المستشفى بصاروخ من نوع “حمم”، نفى نشطاء محليون هذه الاتهامات، واتهموا بدورهم قوات النظام بقصف المستشفى للقول إن قوات المعارضة تستهدف المستشفيات أيضاً، بعد الضجة الكبيرة التي أحدثها قصف النظام السوري لمستشفى القدس في مناطق سيطرة المعارضة بحلب الأسبوع الماضي.
واستند النشطاء بنفيهم إلى حقيقة أن واجهة المستشفى التي تم استهدافها تتجه نحو ناحية الغرب، وأقرب نقطة للمعارضة غرب المستشفى، تقع في منطقة البحوث العلمية في حلب، وهي على بعد أكثر من ستة كيلومترات من المستشفى. الأمر الذي يجعل وصول صاروخ “حمم” محلي الصنع الذي تصنعه المعارضة، والذي لا يزيد مداه عن 1.5 كيلومترا، إلى المكان أمراً مستحيلاً.
العربي الجديد