صناعة “الحصيرة” البلاستيكية مهددة بالإيقاف لركود الأسواق ومنافسات الصناعة التركية

يقول المثل الشعبي “قعدنا على الحصيرة”، دلالة على الفقر وسوء الوضع المعيشي، لكن بعد جولة في أسواق الحصر البلاستيكية ربما لم يعد بمقدورنا أن نقعد عليها.

جولة في أسواق الداخل:

في مدينة إعزاز يعرض في سوق المفروشات “حصر” متعددة الألوان والمقاسات،

ولكن على ما يبدو مقاس السعر أعلى من القوة الشرائية لأغلب الناس شمالي حلب،

فيقول محمد الإسماعيل، صاحب محل وتاجر مفروشات،” ارتفعت أسعار الحصيرة عن الموسم الفائت 50%،

وكما تلاحظ السوق يكاد يخلو من الزبائن، رغم أنه موسم شراء الحصيرة يبدأ مع بداية الخريف حتى منتصف الشتاء، فتكلفة فرش غرفة واحدة مساحتها 4*4م بحصيرة جودة عالية 35$،

وهذا ما يكلف 100$ تقريبا لفرش منزل متوسط المساحة بالحصيرة فقط دون سجاد ولوازم أخرى.

ويتقارب السعر بين ريفي حلب وإدلب، فذكر “أبو حسام” صاحب محل في مدينة الدانا، لفرش غرفة بذات المساحة، ولكن بحصيرة متوسطة الجودة، نوع ثاني، تحتاج ل 25$ تقريبا للغرفة الواحدة.

أسباب الغلاء

ومن معامل مدينة إدلب ذكر زاهد “أبو ضياء”، صاحب معمل في مدينة معرة مصرين، يعود ارتفاع الأسعار، لغلاء النفط والشحن الذي ضاعف سعر المواد الأولية، وهي حبيبات بلاستيكية تنتج من المشتقات النفطية مستوردة أغلبها من دول الخليج.

عقبات أخرى:

فيما قال “أبو محمد”، صاحب معمل في ريف حلب الشمالي، إن ارتفاع أسعار الكهرباء،

وعدم الثبات على سعر موحد، أدى إلى زيادة في تكلفة الإنتاج وبالتالي زيادة السعر، وأضاف “أبو محمد”،

كما أن المعارك وعدم الاستقرار في الريف الشمالي، غيّر في أسعار الوقود “المازوت” إلى الأعلى،

مما رفع تكلفة الإنتاج، لأن الكثير من المعامل اعتمدت على المولدات بديلا للكهرباء بعد الغلاء المتكرر في سعر الكيلو واط الساعي.

أسواق الحصر في الداخل والخارج:

وذكر “أبو ضياء” إن كمية الإنتاج كانت مرتبطة بأسواق العراق، لكن وضع الطرقات المقفلة في وجوه التجار والمستثمرين أدى إلى خفض الإنتاج لأكثر من النصف،

وعرّض أصحاب المعامل الصغيرة لخسائر كبيرة مما اضطرهم لبيع معاملهم بأسعار زهيدة،

بسبب الكساد الذي يشهده السوق، وهذا ما أدى إلى خسائر كبيرة وفقدان الكثير من العمال مصدر رزقهم،

أما الاعتماد اليوم على أسواق شمالي وغرب سوريا، رغم ضيق المساحة.

مكنات مفقودة:

يقول “أحمد أبو عبدو” وهو تاجر جملة في ريف شمالي حلب،

أنا كنت من صناع الحصيرة في ريف إدلب الجنوبي، ولكن بحملة النظام الأخيرة،

التي احتل فيها مناطقنا، خسرت خمس مكنات من معملي بنزول برميل متفجر على المعمل،

وكما تركت الكثير من المعامل هناك، بسبب صعوبة فك مكنة الحصيرة ونقلها إلى مكان آخر.

البضائع المنافسة:

وأضاف “أحمد أبو عبدو” دخلت الحصيرة التركية كرديف للمنتج السوري،

بسبب التسهيلات التي تقدمها الدولة التركية لصناعييها، وسهولة دخول البضائع التركية إلى الشمال السوري،

ولكن لا يمكن مقارنة البضائع التركية مع جودة الحصيرة السورية ذات السمعة الطيبة في السوق لجودتها العالية.

حلول “ترقيعية” لا تغني عن البرد:

في جولة بين الناس قال “أبو نصر” من مخيم الساروت شمال إعزاز،

أحيانا توزع المنظمات حصيرة ضمن حملات “إغاثة شتاء” ولكن تلك الحصيرة لا يمكن استخدامها فهي من النوع الرديء جداً، مصنوعة من بلاستيك معاد تدويره أكثر من مرة، فتتقطع خيوطها بسرعة وتتمزق،

فضلا عن رقتها وصغر مساحتها التي تفرش ربع الخيمة.

وعلى الرغم من نداءات الاستغاثة التي تطلقها المنظمات الإنسانية كل شتاء،

إلا أنه مازال هناك حاجة كبيرة لتدفئة الناس في المخيمات وفرش الخيمات بما يقيهم الطين والبرد في الشتاء،

فالأسعار التي وصلت إليها أسعار الفرش والحصر، تنذر ببرد أشد ومعاناة مضاعفة.

عادل الأحمد/ تقرير اقتصادي