وفي أوسع عمل تحقيقي في الجرائم والانتهاكات في سوريا منذ بدء الثورة، أوردت مجلة نيويوركر أن المحققين تمكنوا من تسريب ستمئة ألف وثيقة إلى خارج سوريا، بينما بقي نحو خمسمئة ألف وثيقة أخرى داخلها.
وتحدثت مصادر من لجان التحقيق عن صعوبة إخراج الملفات بسبب حجمها، وقالت إن الدفعة الأولى اجتازت 11 حاجزا للنظام.
وقالت المجلة إن الأسد كان يطلع على قرارات “الخلية المركزية لإدارة الأزمة” التي تم تشكيلها بداية الثورة لقمع المظاهرات، حيث كان الأسد شخصيا يراجع تلك القرارات ويعدلها.
وفي اتصال للجزيرة، قال الصحفي الاستقصائي بمجلة نيويوركر بن توب، وهو الذي كشف عن الوثائق السرية، إن الوثائق تكشف عن اعتقال عشرات الآلاف وتعذيبهم وقتلهم في مراكز الاعتقال من قبل النظام خلال الثورة.
وأضاف أن الوثائق تبين أن الأوامر لم تتضمن التعذيب والقتل بل كانت للاعتقال والتحقيق، وتابع “ولكن ما رأيناه أن الإساءة والانتهاكات حصلت بشكل ممنهج داخل مراكز الاعتقال، وكانت قيادات عليا بمن فيها الأسد على علم بذلك” لافتا إلى أن المحققين أثبتوا تسلسل إدارة التعذيب والقتل من أعلى درجات القيادة ما يعني إمكانية استخدام هذه الأدلة في محاكم دولية.
من جهته، قال ستيفين راب -الذي قاد فرق الادعاء بالمحاكم الجنائية الدولية في رواندا وسيراليون- إن الوثائق تعد من أغنى ما قدم للجنة الادعاء الدولية، وتضم سجلا يفوق ما كان موجودا خلال محاكم نورمبرغ التي أقيمت عام 1945 ضد مرتكبي الجرائم النازية.
صور مسربة لضحايا التعذيب بالسجون السورية معروضة في مقر الأمم المتحدة (الجزيرة-أرشيف) |
وفي سياق متصل، قال مدير مكتب البيانات والمعلومات بخلية إدارة الأزمة سابقا عبد المجيد بركات للجزيرة إن معظم الوثائق التي سربت وتعود إلى بدايات الثورة وفي مرحلتها السلمية عام 2012 تحمل توقيع الأسد، مضيفا أن كثيرا من الوثائق تم ربطها بحوادث حقيقية وقعت وتخللتها انتهاكات.
وأوضح بركات، وهو أول من قام بتسريب وثائق سرية للنظام السوري سنة 2012، أن الهيئة العليا للمفاوضات (المعارضة) لم تتجاوب بشكل إيجابي مع فريق المحققين للاستفادة من الوثائق المسربة، الأمر الذي تسبب بعدم استثمار المعارضة لهذا الملف سياسيا.