لليهود في سوريا تاريخ قديم يعود إلى عام 1948 حينها كان عددهم 30 ألف نسمة، لكن أعدادهم بدأت بالتناقص منذ أن استلم حافظ الأسد حكم سوريا ومنحهم حق الهجرة بأوقات محددة، إلى جانب عدم حصولهم على امتيازات أثناء فترة استقرارهم السابقة فهويتهم مختومة بكلمة ” موسوي ” بحروف كبيرة حمراء وهو تعبير عربي مهذب كنايةً عن اليهودي، وهم عرضة للاعتقال بأي لحظة من قبل السلطة أو الشعب، لكن تحقيقات مختلفة عن وضع اليهود السوريين أوضح عدداً منها أن ما ذكر سابقاً عار عن الصحة ولو حدث ذلك فإنهم سيقولون لا لمسايرة النظام السوري بهدف التقرب منه وآخر أكد صحتها. ”
إن من المتعذر عليها أن تتخذ من إسرائيلية صديقة صدوقة ” تصريح لمعلّمة مدرسة يهودية في سوريا قالته للمحقق والاس خلال زيارته ليهود سوريا لكشف وضعهم هناك، وقول الصيدلاني اليهودي ” أن مزاعم المعاملة السيئة بحق اليهود مجرد دعاية صهيونية”، وأن الكثير منهم لو سمح لهم مغادرة سوريا لما غادروها رغم هشاشة وضعهم بما أنهم يعيشون على حد زعم الكثيرين ببلد من ألذ أعدائهم، ومن أبرز المواقف التي واجهوها في سوريا لعدم الثقة بهم حرق الكنس اليهودية وتخريبها بعد إقرار الأمم المتحدة تقسيم فلسطين في عام 1947 في مدينة حلب.
يُكِنُ بعض اليهود للراحل حافظ الأسد الاحترام عقب اهتمامه بشأنهم على عكس ما سبقه من حكام سوريا فبدأت حياتهم بالتحسن لأنهم كما قالوا أن لا أحد يتجرأ من الناس للتعرض لك إثر مشاهدتهم الرئيس يستقبلك ويتصور معك، بينما عزى البعض تأييدهم لنظام الأسد بقول “جاك البقاعي” رجل أعمال سوري يهودي لولاس الإعلامي الراحل:” “قبل حافظ الأسد، كان الناس يخافون من المجاهرة بأنهم يهود، لذلك حين ساعد على تحسين الوضع استبشرتُ فيه خيرًا لنا”، خاصة بعد أن سمح لهم بشراء العقارات وبيعها في الداخل السوري.
استطاع الشعب السوري عبر الزمن أن يتعايش مع جميع الأقليات من يهودية ومسيحية وأرمنية وغيرها، لكن بعد اندلاع الثورة السورية بدأت تتجلى ملامح النعرات الطائفية التي كان مروجها الأساسي نظام الأسد، إلا أن الأقلية اليهودية بعد أن شعرت بخطر وجودها في سوريا نتيجة الشعارات التي رددها المتظاهرون السوريون وهي بمثابة اتهام مباشر لوقوف اليهوديين بصف الأسد مثل” نتحدى بشار الجبان يطلق طلقة عالجولان، باع الجولان حافظ الخوان”، مما دفع اليهود المتبقين في سوريا الذين يقرب عددهم 1200 شخص في عام 2014 إلى مغادرتها أو اللجوء لأماكن فيها آمنة نسبياً، وآخرُ أماكن سكنهم بدمشق كانت حي جوبر وهو من أوائل الأحياء التي انتفض سكانها بوجه الأسد وقَمَعَهم بعنف وأمام نظر اليهود هناك، وشارع الأمين بدمشق أيضاً إضافة للقامشلي وحلب ومن ثم نزحوا جميعهم إلى مدينة بانياس الساحلية، وفق ما ذكره موقع المدن.
صهيون مواطن سوري من الطائفة اليهودية يقول للإعلامي مايكل والاس ضمن التحقيق الذي أنجزه الصحافي الأميركي مع يهود سوريا نقلاً عن موقع المدن:” سننتخب الرئيس بشار الأسد، ولا يعترف يهود سوريا بثورة في البلاد، ونتهم الجيش الحر بقصف كنيس “سيدنا الخضر”، في حي جوبر الدمشقي وتهديدنا وسرقة أقدم توراة في العالم”، وعندما سئل صهيون عن سبب انتخابهم له قال:” تم حرق الكنائس إبان المواجهات مع الإخوان المسلمين في الثمانينات و القائد الخالد حافظ الأسد ساهم في ترميم الكنائس، وأيضاً لدينا صورة في الكنيس بالألوان الزيتية للسيد القائد حافظ الأسد”.
ولعل محبتهم لبقائه في الحكم كانت نابعة عن مصلحة تخصهم لأنهم لا يستطيعون تصور أن يأتي رئيس من جبهة النظرة أو الجيش الحر ليحكم سوريا ويبقوهم داخلها، لكن الغريب في الأمر أن السوريين تداولوا كثيراً عبارة إسرائيل لن تفعل بالفلسطينيين ما فعله بشار بشعبه السوري، فما الذي يدفع اليهود السوريين للتمسك بسوريا وحاكمها الفاشي؟.
المركز الصحفي السوري – محار الحسن