أظهر تقرير صادر عن “مرصد الحماية الاجتماعية” التابع لمؤسسة “تمكين” للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، نُشر أمس الإثنين 2 حزيران (يونيو) وتداولته وسائل الإعلام، أن 72% من اللاجئين السوريين في الأردن لا يرغبون في العودة إلى بلادهم، وذلك بسبب تحديات أمنية واقتصادية مستمرة.
ومنذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011، استقبل الأردن نحو 1.3 مليون لاجئ سوري، من بينهم 557,783 لاجئًا مسجلون رسميًا لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حتى آذار 2025. ومع سقوط نظام الأسد المخلوع ، بدأت حالات عودة طوعية محدودة، حيث سجلت المفوضية عودة 62,500 لاجئ بين كانون الأول (ديسمبر) 2024 ونيسان(أبريل) 2025.
ووفق نتائج الاستطلاع الذي شمل عينة من 1242 مشاركًا، بينهم 863 من الذكور و379 من الإناث، فإن أبرز الأسباب التي تدفع اللاجئين إلى عدم العودة تتعلق بعدم توفر سكن مناسب، وغياب الأمان، وتدهور الأوضاع الاقتصادية في سوريا. في المقابل، أبدى بعض اللاجئين استعدادًا للعودة في حال انخفاض تكلفة تصاريح العمل في الأردن أو عودة أفراد من أسرهم إلى سوريا.
وأظهرت النتائج أن 59.26% من اللاجئين المستطلعة آراؤهم لا يملكون سكنًا آمنًا في سوريا، في حين قال 56.44% إن غياب الاستقرار الأمني يمثل عائقًا رئيسيًا، بينما اعتبر 55.07% أن الظروف الاقتصادية غير المستقرة تشكل تحديًا فعليًا أمام عودتهم. ولفت 18% من المشاركين إلى أن توفير مبلغ مالي كافٍ للبدء من جديد في سوريا هو شرط أساسي، بينما أشار 15% إلى ضرورة إنهاء التزاماتهم المالية في الأردن قبل اتخاذ قرار العودة. في حين قال 13% إن الوضعين الاقتصادي والاجتماعي في سوريا لا يشجعان على العودة، واعتبر 10% أن استقرار الأوضاع الأمنية عامل حاسم.
يُفضّل بعض اللاجئين البقاء في الأردن نظرًا لما يوفره من استقرار اجتماعي واقتصادي، إذ أشار 16.26% إلى أن أسرهم بكاملها تقيم في الأردن، بينما أعرب 11.92% عن شعورهم العام بالاستقرار. كما ينتظر 3.14% من المشاركين استكمال معاملات الهجرة إلى دول أخرى للحصول على وضع قانوني أفضل.
وسجّلت محافظة العاصمة أعلى نسبة رغبة في العودة بين المشاركين، بنسبة بلغت 55.4%، في حين كانت أدنى نسبة في محافظة الزرقاء بـ18.9%. وبيّن التقرير وجود علاقة مباشرة بين مدة الإقامة في الأردن والرغبة في العودة، إذ أظهرت البيانات أن غالبية من أمضوا 14 سنة أو أقل في الأردن لا يرغبون في العودة إلى سوريا. كما أشارت النتائج إلى أن تحسّن مستوى الدخل يقلل من احتمالية العودة، ما يعكس تأثير الوضع الاقتصادي في اتخاذ القرار.
وتظهر بيانات التقرير أن 97% من اللاجئين يمتلكون بطاقة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في حين أن 3% فقط لا يمتلكونها. كما تبين أن 70% من اللاجئين لا يتلقون أي مساعدات، في مقابل 30% يحصلون على مساعدات معظمها نقدية، ومع ذلك، يعاني 69% من عجز في تلبية الاحتياجات الأساسية، مثل الغذاء، والسكن، والرعاية الصحية.
وفيما يتعلق بالسكن، أشار التقرير إلى أن 88% من اللاجئين لا يقيمون داخل المخيمات، بينما يعيش 12% داخلها، مع ملاحظة أن 85% من المقيمين في المخيمات يعيشون في مخيمات عشوائية، وهو ما يعكس ظروفًا معيشية غير ملائمة لكثيرين.
وبيّنت نتائج الاستطلاع أيضًا أن اللاجئين العاملين يميلون إلى التفكير في العودة أكثر من غير العاملين، حيث أبدى 35% من العاملين رغبتهم في العودة، مقابل 20% فقط من غير العاملين، مما يدل على أهمية العامل الاقتصادي ومصدر الدخل في اتخاذ القرار.
وبحسب التقرير، فإن 52% من اللاجئين السوريين في الأردن يعملون، في حين أن 48% لا يعملون. ومن بين العاملين، يعتمد 61% على العمل اليومي غير المستقر، ويعمل 35% دون عقود رسمية، بينما يتمتع 4% فقط بعقود تضمن لهم حقوقًا قانونية. كما تبيّن أن 90% من العاملين لا يمتلكون تصاريح عمل، ما يعرضهم للانتهاك القانوني ويزيد من صعوبة تحقيق الاستقرار المالي.
واختتم التقرير بتوصيات دعا فيها إلى تقديم حوافز مالية ودعم لوجستي للراغبين في العودة، إلى جانب توفير مساعدات مخصصة للأسر ذات الدخل المحدود، كما طالب المجتمع الدولي بالوفاء بالتزاماته المالية تجاه اللاجئين والدول المضيفة. كما شدد التقرير على ضرورة إنشاء برامج مشتركة بين الأردن والمنظمات الدولية لتسهيل العودة الطوعية عند تحسّن الأوضاع في سوريا، مع أهمية إجراء دراسات دورية لقياس تغير مواقف اللاجئين في ظل التطورات السياسية والأمنية المحتملة.