تنعقد اليوم جلسات محاكمة النظام السوري في هولندا وتستمر حتى يوم غدٍ الأربعاء جلسات النقاش بهدف اتخاذ تدابير مؤقتة على نحو عاجل بسبب استمرار التعذيب في سجون النظام بما في ذلك طول مدة الإجراءات أمام المحكمة.
أصدرت اليوم الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم تقريرًا بعنوان “النظام السوري متهم بقتل 15051 شخصًا بينهم 190 طفلًا و94 سيدة بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز منذ آذار2011، وقرابة 136 ألف معتقل أو مختفٍ قسريًّا مازالوا يتعرضون للتعذيب”، وقالت إن الدعوى التي رفعتها مملكة هولندا وكندا ضد النظام السوري أمام محكمة العدل الدولية خطوة جدية في مسار المحاسبة.
وفي 8 حزيران، رفعت هولندا وكندا قضية أمام المحكمة، ضد انتهاكات النظام السوري للاتفاقيات الدولية لمناهضة التعذيب والموقع عليها، وستنعقد أولى.
تعتبر هذه المحاكمة هي الأولى منذ اندلاع الثورة السورية حيث ستنظر محكمة دولية في طلب هولندا وكندا لإصدار قرار بوقف جميع أعمال التعذيب والاحتجاز التعسفي، ضمن قضية تتهم فيها بشار ونظامه الديكتاتوري بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.
يعتبر البعض المحاكمة مهمة منعًا لإفلات النظام من العقاب وخطوة على طريق تحقيق العدالة ضمن خطوات الآلية الدولية المحايدة والمستقلة، ويحق لمحكمة العدل الدولية طلب الوثائق من أية منظمة أو مؤسسة مجتمع مدني حول القضية كذلك طلب الاستماع كما يجوز للمنظمات أن تقدم الوثائق ذات الصلة بالدعوى والتهم الموجهة لنظام بشار الأسد.
جاء تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان الصادر اليوم في 14 صفحة ويبين التقرير إن عمليات التعذيب مورست في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري وفق سياسة مركزية وشاملة تورطت في ممارستها الغالبية العظمى من مراكز الاحتجاز وامتدت ليشارك في تنفيذها أدنى وأعلى المستويات في الأجهزة الأمنية بأهداف ودوافع مختلفة من أبرزها: انتزاع الاعترافات عبر التعذيب وتوجيه التهم المتعددة للمعتقلين على اعتبار عدم وجود أدلة مادية تدين المعتقل إلا عبر انتزاعها بالتعذيب، إضافةً إلى التشفي والانتقام الجماعي الموجه للمعتقلين كافةً باعتبارهم معارضين للسلطة لمجرد اعتقالهم أو بسبب أنشطتهم المعارضة وللمجتمع لبث الرعب والخوف فيه.
ذكر التقرير أن النظام السوري لا يقوم في معظم الأحيان بإبلاغ ذوي الضحايا الذين ماتوا تحت التعذيب بوفاتهم داخل مركز الاحتجاز في تاريخ وفاتهم، وتعلم العائلات بوفاة أبنائها إما عبر الناجين من مراكز الاحتجاز أو بعد مراجعتهم عدة مرات لمقرات الشرطة العسكرية في دمشق، وغالبًا ما تحصل العائلات على هذه المعلومات بعد سنين عدة من تاريخ وفاة المعتقل. وحصلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان على قرابة 1250 بيان وفاة لمختفين قسريًّا قتلوا تحت التعذيب ولم يخبر النظام السوري أهلهم حتى تاريخ صدور التقرير.
وفقًا للتقرير فإن هولندا وكندا تقدمتا -استنادًا إلى مسؤوليتهما بصفتهما أطرافًا في اتفاقية مناهضة التعذيب- بطلب في محكمة العدل الدولية ضد النظام السوري، بشأن عدم إيفاء الأخير بالتزاماته بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب. كما طلبت الحكومتان من المحكمة أن تفرض على وجه السرعة تدابير مؤقتة لحماية الضحايا، وفي 28/ أيلول المنصرم أعلنت محكمة العدل الدولية عن بدء جلسات الاستماع العامة، وحددت أولى جلساتها، والتي ستكون علنيةً في 10/ تشرين الأول/ 2023.
أكد التقرير أهمية المحاكمة وكونها خطوة فعَّالة في مسار المحاسبة الذي تأخر طويلًا، مما مكن النظام السوري من الإفلات من العقاب طيلة ثلاثة عشر عامًا، وعبر عن أمله في أن تتخذ المحكمة أقصى تدابير تحفظية ممكنة بحق النظام السوري المشهور بتدمير الأدلة وبعدم تعاونه مع هيئات الأمم المتحدة ولا المنظمات الحقوقية الدولية أو المحلية.
استنتج التقرير أن عمليات التعذيب التي مارسها النظام السوري منهجية، وواسعة النطاق ووصلت إلى انتهاك حق الحياة وشكلت خرقًا صارخًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وثبت أن النظام السوري على علم تام بها، وعلى يقين بأن ظروف الاحتجاز اللاإنسانية سوف تؤدي حتمًا إلى الوفاة، واتخذ قرارًا بتنفيذها وفق سلسلة القيادة التي تبدأ من رئيس الجمهورية وترتبط به مباشرةً وزارتا الدفاع والداخلية ومكتب الأمن القومي/ الوطني، وما يرتبط به من الأجهزة الأمنية.
أوصى التقرير الحكومتين الهولندية والكندية بالطلب من محكمة العدل الدولية اتخاذ أقصى إجراءات تحفظية ممكنة، بما في ذلك وقف التعذيب، والقتل تحت التعذيب، وإلغاء كافة الأحكام الصادرة بحق المعتقلين تعسفيًّا لأنها استندت إلى اعترافات منتزعة تحت التعذيب، وتحسين ظروف الاحتجاز كون أغلب الوفيات تتم بسبب سوء الأوضاع الصحية.
طالب التقرير مجلس الأمن والأمم المتحدة ووفقًا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بحماية عشرات آلاف المعتقلين والمختفين قسريًّا لدى النظام السوري من التعذيب حتى الموت، وإنقاذ من تبقى منهم على قيد الحياة. وإيجاد آلية لإلزام كافة أطراف النزاع وبشكل خاص النظام السوري لوقف عمليات التعذيب، والكشف عن أماكن جثث الضحايا وتسليمها للأهالي.