رغم استمرار الانهيار المناخي على مدار العام الماضي، مثل الحرائق في منطقة الأمازون وغيرها وذوبان الأنهار الجليدية في جبال الأنديز وغرينلاند والتسجيلات المرتفعة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون ودرجات الحرارة المرتفعة للغاية، ومحادثات المناخ الخاصة بالأمم المتحدة المخيبة للآمال إلى حد كبير، فإن باحثي المناخ لم يفقدوا الأمل.
فوفقا لموقع “ذا كونفرزيشن” فإنه توجد بعض القصص الإيجابية فيما يتعلق بالمناخ خلال العام 2019.
كوستاريكا تقدم نموذجا حيويا
وفقا لهيذر ألبرو، المحاضر المشارك في علم البيئة بجامعة نوتنغهام ترينت، فإن كوستاريكا قدمت مثالا واعدا فيما يتعلق بمستقبل المناخ، فقد نفذت تلك الدولة من دول أميركا الوسطى خطة طموحة منعشة لإزالة الكربون من اقتصادها بالكامل بحلول عام 2050.
في الفترة التي سبقت ذلك، ومع استمرار نمو اقتصادها بنسبة 3%، تمكنت كوستاريكا من استخلاص 98% من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة. ويوضح هذا المثال أنه من خلال الإرادة السياسية الكافية، من الممكن مواجهة التحديات الهائلة المقبلة.
استطاع البلد الواقع بين الأميركيتين، أن يحرز هذا الإنجاز في الوقت الذي لا تزال عواصم غربية تشهد جدلا حول تكلفة الطاقة النظيفة، وتأثيرها على النمو الاقتصادي.
المستثمرون والوقود الأحفوري
يقول ريتشارد هودكينز، محاضر الجغرافيا الطبيعية بجامعة لوبورو “لطالما دعت حركات مثل “350 دوت أورغ” إلى عدم الاستثمار في مجال الوقود الأحفوري والاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بسبب أزمة المناخ”.
ولكن مؤخرا انضم إلى هذه الحركة مستثمرون مؤسساتيون مثل “كلايمت أكشن وان هندريد بلس”، التي تستخدم تأثير 35 تريليون دولار من الأموال المدارة الخاصة بها، من أجل تقليل مخاطر انهيار المناخ وتعظيم فرص نمو الطاقة المتجددة.
في الاتجاه ذاته، قامت وكالة مودي للتصنيف الائتماني بوضع علامة على شركة “إكسون موبيل” مؤخرا بسبب انخفاض إيراداتها رغم ارتفاع معدل الإنفاق، موضحة أن “التوقعات السلبية تعكس أيضا التهديد الناشئ لربحية شركات النفط والغاز، والجهود المتزايدة التي تبذلها العديد من الدول للتخفيف من آثار تغير المناخ من خلال السياسات الضريبية والتنظيمية التي تتبعها”.
ويؤكد هودكينز أن وجود بيئة مالية سلبية لشركات الوقود الأحفوري يقلل من احتمال حدوث توسع جديد في مناطق الأعمال الخاصة بهم، مثل القطب الشمالي على سبيل المثال، وبالفعل، فإن بنك الاستثمار الرئيسي غولدمان ساكس قد أعلن أنه “سوف يرفض أي صفقة تمويل تدعم بشكل مباشر التنقيب عن النفط في القطب الشمالي”.
التنبؤ بالكوارث
تقول هانا كلوك، أستاذة الهيدرولوجيا بجامعة ريدينغ، في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2019، ضرب إعصاران استوائيان هائلان الساحل الجنوبي الشرقي لأفريقيا، مما أسفر عن مقتل أكثر من 600 شخص وترك ما يقرب من مليوني شخص في حاجة ماسة إلى مساعدات الطوارئ. وبالطبع ليس هناك ما هو إيجابي حول هذا الموضوع وليس هناك شيء جديد فيما يتعلق بالأعاصير.
الجديد هذه المرة هو أن العلماء تمكنوا من توفير الإنذار المبكر الأول لكارثة الفيضان الوشيكة من خلال ربط توقعات دقيقة متوسطة المدى للإعصار بأفضل عمليات محاكاة لخطر الفيضان على الإطلاق. وهذا أدى على سبيل المثال إلى شروع حكومة المملكة المتحدة في العمل مع وكالات الإغاثة في المنطقة للبدء في إيصال إمدادات الطوارئ إلى المناطق التي قد تغمرها المياه.
تضيف كلوك “نحن نعلم أن خطر الفيضانات يتزايد مع استمرار تغير المناخ. حتى مع اتخاذ إجراءات طموحة لخفض الغازات الدفيئة، إلا أنه يتعين علينا التعامل مع التأثيرات الناتجة عن عالم أكثر دفئا وأكثر فوضوية. وهذا سيجعلنا في حاجة ماسة لاستخدام أفضل العلوم المتاحة لإعداد أنفسنا لأي شيء يحتمل حدوثه في المستقبل”.
حالة الطوارئ المناخية
وفقا لمارك هدسون، باحث في الاستهلاك المستدام بجامعة مانشستر، فإن أكثر من 1200 سلطة محلية في جميع أنحاء العالم قد أعلنت “حالة طوارئ مناخية” في عام 2019.
يقول هدسون إن المناضلين من أجل المناخ يجدون أن المجالس المحلية للمدن أسهل في المحاسبة من الحكومات الوطنية. “على سبيل المثال أنا جزء من مجموعة من الناشطين تسمى “مانشستر للطوارئ المناخية” نقوم بتقييم التقدم في مجال المناخ، وفي حال تأخر المجلس عن الوفاء بوعوده، سنكثف نشاطنا، ونحاول الضغط عليه من أجل القيام بالشيء الصحيح”.
الشباب أصبحوا في المسيرة
يؤكد مارك ماسلين، أستاذ علوم نظام الأرض بجامعة يو سي إل UCL، أنه في عام 2019، ارتفع الوعي العام بتغير المناخ بشكل حاد، مدفوعا بإضرابات المدارس، وتقارير اللجنة الدولية للتغيرات المناخية العالية التأثير، وتحسين التغطيات الإعلامية فيما يتعلق بالمناخ، والأفلام الوثائقية التي تخدم الموضوع نفسه والحكومات التي أعلنت حالة الطوارئ في المناخ.
كما يشير استطلاعان أخيران للرأي إلى أن أكثر من 75% من الأميركيين يقرون بأن البشر هم من تسببوا في تغير المناخ بفضل المعرفة التي يحصلون عليها من الإنترنت.
فحاليا يمكن للشباب الوصول إلى المعرفة بنقرة زر واحدة فيعرفون بالتالي أن تغير المناخ حقيقي ويستطيعون تمييز الأكاذيب، لأن هذا الجيل لا يصل إلى وسائل الإعلام التقليدية، في الواقع إنهم يتجاوزونها. ومن المتوقع أن يستمر الوعي والقلق بشأن تغير المناخ في النمو خلال العام الحالي.
المصدر : الجزيرة