أثبتت إيران خلال الأعوام الأربعة الماضية استعدادها للذهاب بعيدا في الحفاظ على نظام الرئيس السوري بشار الأسد عبر إرسال آلاف الجنود وعناصر الميليشيات لمساندة الجيش وإنفاق مليارات الدولارات لإنقاذ الاقتصاد السوري المنهار.
وعلى الرغم من ذلك، خسرت قوات النظام خلال الشهر الماضي معارك عدة في مواجهة قوات المعارضة المسلحة. ويواجه الجيش نقصا كبيرا في أعداد الشباب وعناصر الميليشيات المستعدين لخوض مزيد من المعارك لصالح الرئيس الأسد، وهو ما دفعه إلى الاعتماد بشكل أكبر على الإيرانيين، حلفاء دمشق منذ نحو 35 عاما.
وأعلنت شخصيات نافذة في طهران في أكثر من مناسبة أن سوريا تحتل مكانة كبيرة للغاية ضمن الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة. ولا تبدو أن طهران على استعداد لتبني خيار آخر غير العسكري في محاولاتها لكسب الحرب.
وتقول تقارير إن إيران تنفق ما بين مليار وملياري دولار شهريا لدعم الاقتصاد وتقديم الدعم العسكري لدمشق.
لكن ستيفان دي ميستورا المبعوث الأممي إلى سوريا، ذهب خلال لقاء خاص في واشنطن إلى أبعد من ذلك. وقال حينها إن إيران تنفق ما يقرب من 35 مليار دولار سنويا لدعم النظام السوري.
ويتساءل مراقبون عن مدى قدرة إيران الاقتصادية، التي عانت لعقود من العقوبات الاقتصادية التي فرضها المجتمع الدولي لدفعها إلى التفاوض حول ملفها النووي، على الاستمرار في ضخ الأموال والمعونات النفطية والمقاتلين في سوريا، في حين يتكبد الأسد أكثر من أي وقت مضى خسائر على الأرض.
ويقول روبرت فورد، الباحث في مركز الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن “قد يستمر الإيرانيون في إرسال المقاتلين الأجانب إلى سوريا، لكن عند نقطة محددة فإن الاستفادة من إرسال المزيد منهم تصبح أقل نسبيا”.دي ميستورا: إيران تنفق 35 مليار دولار سنويا لدعم الأسد
ولا يبدو فورد، الذي عمل في السابق سفيرا للولايات المتحدة في دمشق، مقتنعا بأن فصائل المعارضة المسلحة من الممكن أن تقضي نهائيا على النظام، لكنه يرى أن “وضع قوات النظام يزداد صعوبة يوما بعد يوم خاصة مع ميل كفة الحرب لصالح المعارضة”.
وتقول تقارير إن النظام السوري فقد ما بين 80 و100 ألف جندي بين قتيل وجريح خلال الأربعة أعوام الماضية. ولتعويض هذه الخسائر الكبيرة، أرسلت إيران آلافا من المقاتلين المنتمين إلى الحرس الثوري الإيراني وميليشيات حزب الله اللبناني وعناصر شيعية من تنظيمات عراقية وأفغانية مشابهة.
كما ساعدت على بناء ميليشيات الدفاع الوطني التي تصل أعدادها إلى أكثر من 80 ألف مقاتل علوي.
لكن رغم أن المساعدات العسكرية المتدفقة على سوريا منحت النظام السوري مساحة أكبر للحركة، إلا أنها تبدو غير كافية لمساعدته على شن هجوم على أكثر من جبهة في وقت واحد. ومازال النظام يختار معاركه بحذر.
وقال مسؤول سوري منشق، طلب عدم الكشف عن اسمه، “لم يعد هناك كتلة شعبية قد تمكن الأسد من تحقيق انتصار”.
وأضاف “لبناء قوات فاعلة مرة أخرى سيكون عليه إقناع ما بين 200 ألف إلى 300 ألف أمّ لإرسال أبنائهن للقتال. لكن ما الذي يدفع أمهات سنيات عانين خلال الأعوام الماضية إلى إرسال أبنائهن للقتال والموت من أجل بشار الأسد؟”.
وفي مقابل النقص الكبير في عدد المقاتلين بين صفوف النظام، حققت المعارضة المسلحة نتائج غير مسبوقة على الأرض بعد التقارب الذي حدث مؤخرا بين السعودية وتركيا والاتفاق على الدفع في اتجاه تحقيق نتائج عسكرية ملموسة.
ولم يستغرق تحقيق هذه النتائج وقتا طويلا. فخلال هذا الشهر فقد النظام مدينة إدلب في الشمال وبصرى الشام في الجنوب ومعبر النصيب على الحدود مع الأردن.
وسيطرت المعارضة على مدينة جسر الشغور الشمالية منذ أيام، بينما لم يتمكن هجوم قاده ضباط إيرانيون من استعادة مدينتي درعا والقنيطرة جنوبي سوريا.
وينظر الإيرانيون إلى سوريا باعتبارها حلقة الوصل في محور “المقاومة” مع حزب الله.
والعام الماضي قال آية الله مهدي طيب، وهو رجل دين قريب من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي “إن سوريا محافظة استراتيجية بالنسبة لنا. إذا هاجمنا العدو وأراد احتلال سوريا أو خوزستان (الأحواز) فإن الأولوية ستكون لسوريا”.
وأضاف “نستطيع استعادة الأحواز مرة أخرى، لكن إن سقطت سوريا فستسقط طهران”.
العربArray