عندما كان حسن نصر الله قائداً لمشروع مقاومة ضد العدو الصهيوني، في تسعينيات القرن الماضي، كنا نهتف في صوت واحد، مع اللبنانيين: كلنا مقاومة.. كلنا حزب الله.
لم نكن نتوقف، في ذلك الوقت، عند إصرار حسن نصر الله على حشر إيران، وإقحام النظام السوري، في كل جملة عن المقاومة، وكأنه في لحظة واحدة يجمع بين دورين: زعيم حزب مقاوم، ومسؤول بروباغاندا لنظامي طهران ودمشق.
هذا الدور الأخير، يبدو أنه كل ما تبقى لحسن نصر الله الآن، إذ لا شاغل له إلا القتال، عسكرياً ودبلوماسياً وإعلامياً، ضد الثورة السورية.. والخطابة ضد كل محاولات التصدي لانقلاب الطائفة الذي يقوم به الحوثيون في اليمن.
وفي ذلك خرج زعيم المقاومة “سابقا” مطلقا قنابل الكلام ضد عملية “عاصفة الحزم” التي بادرت بها السعودية، ضد العربدة الإيرانية “المحوثنة” في اليمن، ليقلب الوقائع، ويزيف الحقائق، ليخرج بخلاصة مثيرة للسخرية، تقول إن الرياض تخوض حرباً طائفية توسعية استعمارية ضد اليمن، في حين يعلم كل مراقب محايد أن العملية كلها، وإن كانت قد أصابها شيء من الابتذال لمشاركة من هم أسوأ من الحوثيين فيها، هي للجم انقلاب طائفي استئصالي، إقصائي إلى أبعد مدى، يسلك قادته كزعماء عصابات وملوك طوائف.
لم ينس نصر الله، أيضا، مهمته الأساسية، كمتحدث إعلامي باسم المشروع الإيراني، ليربط بين ردع العربدة الحوثية التي تجسد انقلاباً عنصرياً ضد مشروع الثورة اليمنية والاتفاق الأميركي الغربي مع طهران، بشأن برنامجها النووي، ليذهب إلى استنتاج كوميدي آخر، وهو أن “عاصفة الحزم”، في طورها الجديد، صارت انتقاماً من التوافق الإيراني الأميركي، وبلسانه، فهذا من “أوضح الواضحات“.
حديث نصر الله مع قناة تلفزيونية سورية حمل رؤى وأفكاراً يمكن أن تقول إنها “من أفضح الفاضحات”، من دون أن تكون متجنياً عليه، الأمر الذي أعادني إلى أسئلة طرحتها في نهاية أغسطس/آب 2011، مع نشاط نصر الله المحموم ضد الثورة السورية، لا بأس من التذكير ببعضها:
لماذا يصر حسن نصر الله على تبديد كل أرصدته ومدخراته كمقاوم لدى قطاع كبير في الشارع العربي؟
لماذا يستميت نصر الله في الدفاع عن دموية بشار الأسد، وبشاعة ممارسات نظامه، بينما العالم كله يشاهد بعينيه آلة القتل الأسدية تحصد أرواح عشرات المواطنين السوريين يومياً؟ إن نصر الله فضل الركوب في عجلة النظام على الالتحاق بقطار الشعب. وفي وضعيةٍ كهذه، لا يستطيع أن يرى الذي كان يوماً زعيم المقاومة الملهمة الصورة في حقيقتها، فتتحول أمامه الملايين الثائرة من الشعب السوري إلى أقلية ضئيلة، وتصبح شراسة بشار بن حافظ الأسد في إراقة الدماء دفاعاً عن حكم الأسرة، جهاداً ضد إسرائيل وأميركا والاستعمار العالمي من أيام التتار والمغول، وحتى حلف الناتو.
إن تيار الثورات العربية الهادر قد أسقط القناع عن كثيرين من تجار القومية العربية في العواصم العربية، وأظهرهم عراة، وهم لا يرون في الثورة الليبية الرائعة إلا مؤامرة من الناتو. وإذا كان هذا متوقعاً ومفهوماً من أثرياء “قومية العروش”، فإنه يبدو محيراً وغريباً من رجل بنى مجده على أنه زعيم مقاومة شعبية.. إنه شيء أقرب للانتحار السياسي والأخلاقي.
ملحوظة أخيرة: حسن نصر الله لم يكن ممانعاً أبداً للغزو الأميركي للعراق قبل 12 عاماً، لأن طائفته التي وصف معاونتها للمحتل، آنذاك، بأنها “اجتهاد”، كانت الرابح الأول من تدمير العراق.
لم نكن نتوقف، في ذلك الوقت، عند إصرار حسن نصر الله على حشر إيران، وإقحام النظام السوري، في كل جملة عن المقاومة، وكأنه في لحظة واحدة يجمع بين دورين: زعيم حزب مقاوم، ومسؤول بروباغاندا لنظامي طهران ودمشق.
هذا الدور الأخير، يبدو أنه كل ما تبقى لحسن نصر الله الآن، إذ لا شاغل له إلا القتال، عسكرياً ودبلوماسياً وإعلامياً، ضد الثورة السورية.. والخطابة ضد كل محاولات التصدي لانقلاب الطائفة الذي يقوم به الحوثيون في اليمن.
وفي ذلك خرج زعيم المقاومة “سابقا” مطلقا قنابل الكلام ضد عملية “عاصفة الحزم” التي بادرت بها السعودية، ضد العربدة الإيرانية “المحوثنة” في اليمن، ليقلب الوقائع، ويزيف الحقائق، ليخرج بخلاصة مثيرة للسخرية، تقول إن الرياض تخوض حرباً طائفية توسعية استعمارية ضد اليمن، في حين يعلم كل مراقب محايد أن العملية كلها، وإن كانت قد أصابها شيء من الابتذال لمشاركة من هم أسوأ من الحوثيين فيها، هي للجم انقلاب طائفي استئصالي، إقصائي إلى أبعد مدى، يسلك قادته كزعماء عصابات وملوك طوائف.
لم ينس نصر الله، أيضا، مهمته الأساسية، كمتحدث إعلامي باسم المشروع الإيراني، ليربط بين ردع العربدة الحوثية التي تجسد انقلاباً عنصرياً ضد مشروع الثورة اليمنية والاتفاق الأميركي الغربي مع طهران، بشأن برنامجها النووي، ليذهب إلى استنتاج كوميدي آخر، وهو أن “عاصفة الحزم”، في طورها الجديد، صارت انتقاماً من التوافق الإيراني الأميركي، وبلسانه، فهذا من “أوضح الواضحات“.
حديث نصر الله مع قناة تلفزيونية سورية حمل رؤى وأفكاراً يمكن أن تقول إنها “من أفضح الفاضحات”، من دون أن تكون متجنياً عليه، الأمر الذي أعادني إلى أسئلة طرحتها في نهاية أغسطس/آب 2011، مع نشاط نصر الله المحموم ضد الثورة السورية، لا بأس من التذكير ببعضها:
لماذا يصر حسن نصر الله على تبديد كل أرصدته ومدخراته كمقاوم لدى قطاع كبير في الشارع العربي؟
لماذا يستميت نصر الله في الدفاع عن دموية بشار الأسد، وبشاعة ممارسات نظامه، بينما العالم كله يشاهد بعينيه آلة القتل الأسدية تحصد أرواح عشرات المواطنين السوريين يومياً؟ إن نصر الله فضل الركوب في عجلة النظام على الالتحاق بقطار الشعب. وفي وضعيةٍ كهذه، لا يستطيع أن يرى الذي كان يوماً زعيم المقاومة الملهمة الصورة في حقيقتها، فتتحول أمامه الملايين الثائرة من الشعب السوري إلى أقلية ضئيلة، وتصبح شراسة بشار بن حافظ الأسد في إراقة الدماء دفاعاً عن حكم الأسرة، جهاداً ضد إسرائيل وأميركا والاستعمار العالمي من أيام التتار والمغول، وحتى حلف الناتو.
إن تيار الثورات العربية الهادر قد أسقط القناع عن كثيرين من تجار القومية العربية في العواصم العربية، وأظهرهم عراة، وهم لا يرون في الثورة الليبية الرائعة إلا مؤامرة من الناتو. وإذا كان هذا متوقعاً ومفهوماً من أثرياء “قومية العروش”، فإنه يبدو محيراً وغريباً من رجل بنى مجده على أنه زعيم مقاومة شعبية.. إنه شيء أقرب للانتحار السياسي والأخلاقي.
ملحوظة أخيرة: حسن نصر الله لم يكن ممانعاً أبداً للغزو الأميركي للعراق قبل 12 عاماً، لأن طائفته التي وصف معاونتها للمحتل، آنذاك، بأنها “اجتهاد”، كانت الرابح الأول من تدمير العراق.
العربي الجديد – وائل قنديل