بقلم عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
الشعب الإيراني أمامه طريقٌ واحدٌ فقط، وهو المضي قُدُمًا في تقدم الانتفاضة من أجل الإطاحة بالدكتاتورية الحاكمة، والتوقف عن هذا الطريق سيؤدي إلى بقاء الدكتاتورية، وأي تراجع ستكون نتيجته تقدم الدكتاتورية بضع خطوات! وهذه صيغة كـ “جداول الجمع أو الضرب” حفظناها جميعًا في المدارس الابتدائية ولا يساورنا أي شك في صحتها.
وبمثل هكذا درس يخطو الشعب الإيراني من الماضي نحو المستقبل؛ إنه الطريق الذي بوضوحه متفائلون ومستبشرون وهم ليسوا أيضًا نادمون على مسلكه والإطاحة بدكتاتورية الشاه بل فخورون بما حققوه وضحوا من أجله، وعازمون على تصعيد وتيرة غضبهم ضد الدكتاتورية الدينية المتحكمة في إيران، ويبحث الشعب الإيراني الآن عن فرصة تمكنه من إزالة الدكتاتورية في بلاده إلى الأبد!
ويأتي هذا الإنجاز المهم متماشيًا كليًّا مع خارطة الطريق التي وضعتها المقاومة بعين الاعتبار من أجل مستقبل إيران ونهضت للنضال من أجلها، لقد أسست المقاومة الإيرانية استراتيجيتها من أجل إسقاط الديكتاتورية الدينية في إيران معتمدة في خُطاها على “وحدات المقاومة”، وهو ما سيقود حتمًا إلى خطوات تفاعلية كبيرة وهي في مسيرها على الطريق!
وعلى ضوء الإنجازات والتجارب الماضية؛ فإن محاولة إنهاء الدكتاتورية في إيران والمطالبة بالدكتاتوريين الآخرين لم تعد مشروعة ولم تكن في الأساس مشروعة؛ ذلك لأنها أمرٌ يعني التوقف أو التراجع عن الخطوات التي تم اتخاذها حتى الآن، ومن هذا المنطلق فإن بعض الشعارات والمطالب حتى لو كانت غامضة أو حتمية في بداية الانتفاضة الحالية لم تعد تتماشى مع تقدم الحركة الشعبية وفقدت رونقها مع التقدم والإنجازات، ونِتاج مثل هكذا شعارات ومطالب هو إطالة عمر الدكتاتورية وتأجيل عملية إسقاط الدكتاتورية.
تأجيج الحروب!
يعلم المطلعون وخبراء التاريخ الإيراني أن النظام الديني الحاكم من خلال الترويج للحروب خارج الحدود وخاصة في دول الجوار أو الشرق الأوسط قد بدأ بفرض وجوده على الشعب الإيراني والمنطقة وتكمن “خطة طريق بقائه” في استمرار شن حروب خارج الحدود ذات انعكاس داخلي، كما أن سجلّ هذا النظام طيلة 44 عامًا يؤكد على هذه الحقيقة وتكرار المتكرر لهذه السياسة ومن بين ذلك في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن و…
نهاية تقديرات خاطئة مهمة وتاريخية!
وإذا كان خميني في بداية إيجاد النظام الديني في إيران وبصفته الولي الفقيه الحاكم، وهو المخطط للهجوم على العراق والمصمم والمؤسس لـ “خريطة طريق البقاء” من خلال وضع الأساس لغزو العراق، وكان قد استطاع التحريض على الحرب من خلال سوء استغلاله المشاعر الطائفية والوطنية، وكان الكثيرون قد بحثوا أيضًا عن وجهه على كوكب القمر وذلك من حجم الخداع الذي أوقعه على المجتمع باسم العقائد، أما الآن فقد وصلت خريطة الطريق هذه إلى نهايتها ولا يعد ممكنًا البحث عن هكذا وجه حتى في قاع البئر!
فضح أبناء الشعب الإيراني على الملأ خلال هذه الفترة الزمنية طبيعة وأهداف وخطط الدكتاتورية في إيران وجعل المجتمع الدولي يدرك خطورة بقاء مثل هكذا نظام بفضل المقاومة والدماء والمعاناة التي تكبدوها على هذا الطريق، لقد رسم الشعب والمقاومة الإيرانيين في مواجهة دكتاتورية ولاية الفقيه خريطة طريق” الثورة حتى الإطاحة” وأن انتفاضة الشعب الإيراني الأخيرة ضد الدكتاتورية الدينية هي الحلقة الأحدث ومستمرون في ذلك حتى تخليص إيران من الدكتاتورية إلى الأبد والقيام بتحرير واستقلال هذه الأرض، وتلك هي الانتفاضة التي كان آخر ضحاياها آرميتا كراوند الفتاة البالغة من العمر 17 عامًا والتي دخلت في حالة “غيبوبة” منذ ما يقرب من شهر بسبب الضربات التي تلقتها على رأسها من قبل قوات حكومية، وفي تاريخ 28 أكتوبر 2023 أعلنت سلطات النظام الدكتاتوري الحاكم وفاتها عبر وسائل إعلام حكومتهم.
مصير سياسة الاسترضاء مع الدكتاتورية في إيران!
ومع هذا التقديرات الكبيرة الخاطئة لولي الفقيه المتحكم في إيران لابد من القول إن سياسة الاسترضاء مع الدكتاتورية في إيران قد اقتربت من نهايتها أيضًا، ذلك لأن تغيير النظام وإسقاط نظام ولاية الفقيه قد سُجِلت لدى الرأي العام العالمي تحت عنوان “مطالب رئيسية للشعب الإيراني” وأما المهادنون الغربيون فمضطرون إلى إنهاء استراتيجيتهم القاتلة والخطيرة.
وأعلن السيد مسعود رجوي قائد ثورة الشعب الإيراني في رسالة بتاريخ الـ 23 من شهر أكتوبر 2023 : “كفى تملّقًا”، والآن وقت سحب الزناد، وبينما يقوم خامنئي من أجل التغطية على انتفاضة الشعب الإيراني وفقًا لتقاليد النظام المعتادة بتصدير الأزمة إلى خارج حدود إيران وطالبًا متنفسًا له في المنطقة، فإن أمريكا وأوروبا بهذه القدم وتلك القدم تعطيان مساحة أكبر للنظام مع محدودية أثر العقوبات أو إنعدام أثرها مع بعض التصريحات المجانية تُعطي مجالًا كافيًا للاسترضاء والتملق وبالنهاية التقاعس عن الحظر الصاروخي والتسليحي للفاشية الدينية والاكتفاء بإصدار البيانات، لقد حان الوقت الأن لسحب الزناد والعودة إلى قرارات مجلس الأمن الستة، وينبغي على الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة أن يصنفا دون تأخير حرس خامنئي على القائمة السوداء، وإن لإعطاء الفرصة للدكتاتورية الإرهابية التي تروج للحرب من جيوب الشعب والمقاومة الإيرانية تكلفة باهظة على المنطقة والسلام في العالم”.، وكذلك قال السيد رجوي: إنكم باحتلالكم العراق بحجة أسلحة الدمار الشامل ونزع سلاح جيش التحرير الوطني الإيراني فإنكم بذلك قد قمتم بالإخلال بتوازن المنطقة لصالح الفاشية الدينية والملالي النوويين وأضفتم عقدين على الأقل إلى عمر نظام ولاية الفقيه، لكن أبناء إيران النجباء سوف يقتلعون مخالب وأظافر وأسنان يكسرون روابط نظام الخميني وخامنئي الدجال والمعادي للإنسانية حلقة حلقة.
ما هي الحقيقة؟
إن سوء تقدير المهادنين الغربيين في صمتهم وتقاعسهم وتجاهلهم للآثار والعواقب الضارة لبقاء هذه الدكتاتورية يكمل التواصل في مسار سوء تقدير ولي الفقيه المتحكم في إيران، والذي لا يتحدى المنطقة الآن فحسب بل يتحدى المجتمع الدولي أيضًا، وها قد وُضِع الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط أكثر فأكثر موضع التهديد.
لم يقم هذا النظام بشكل مباشر أو غير مباشر بإضفاء الطابع المؤسسي على القمع والقتل داخل إيران وتوسيع نطاقه من خلال الأموال غير المتوقعة التي حصل عليها من أيدي المسترضين الغربيين فحسب بل يريد في المرحلة الأخيرة من وجوده رسم خريطة طريق لبقائه بالترويج للحروب وتصدير ونشر الأزمات خارج الحدود وتنفيذها من خلال جماعاته بالوكالة.
وكانت المقاومة الإيرانية قد أعلنت منذ اليوم الأول أن هذا النظام لن يتوقف أبدًا عن إنتاج الأسلحة الذرية والتدخل في شؤون الدول وتصدير الرجعية والإرهاب ذلك لأن ولي الفقيه المتحكم في إيران يعلم جيدًا أنه بهذا الإجراء ستدخل الانتفاضة الشعبية ضد الدكتاتورية الدينية مرحلتها النهائية وبذلك سيحصل الشعب على مبتغاه، ويُثبت في سجل هذا النظام أنه منذ البداية وحتى الآن أن الحروب والترويج للحروب من قبل الدكتاتورية الدينية كان غطاءً لقمع الحريات وكبح جماح الانتفاضات الشعبية ضد الدكتاتورية الحاكمة في إيران.
كلمة أخيرة
لا علاقة للدكتاتورية المتحكمة في إيران بالمجتمع الدولي، وكان أهم مطلب للشعب والمقاومة الإيرانيين من المجتمع الدولي دائمًا هو أن يكف يده عن دعم هذا النظام وعن تقديم المساعدة لهذه الدكتاتورية حتى يتمكن الشعب والمقاومة الإيرانيين تصفي حساباتهما بوضوح مع هذا النظام غير الشرعي في أسرع وقت، ذلك لأن إسقاط هذا النظام أمر يسير وممكن عمليًّا على يد الشعب والمقاومة الإيرانيين ولا أحد غيرهما!
لقد كان إسقاط دكتاتورية ولاية الفقيه بعد إسقاط الدكتاتورية الشاهنشاهية مطلب مشروع ومسلم به للشعب والمقاومة الإيرانيين، ولن يتوانوا عن القيام بذلك أبداً!.