تنتصر المخرجة الفلسطينية مي المصري في فيلم “3000 ليلة”، أولى تجاربها السينمائية الروائية للنساء، أمام وخلف الكاميرات.
بيروت: من المعتاد على جمهور السينما أن يشاهد فيلماً معظم أو كل بطلاته من النساء، وهذا ما يشاهده أمامه، ولكن ماذا عن فريق العمل خلف الكاميرا؟، وهل يشكل فارقاً إن كان معظمه من النساء أيضاً؟، حسناً، هذا ينطبق على الفيلم الفلسطيني “3000 ليلة” للمخرجة مي مصري الذي ينطلق في دور العرض بالعالم العربي بنهاية شهر مارس الحالي.
3000 ليلة” من إخراج وتأليف مي مصري، ويروي قصة مُدرّسة فلسطينية تضع مولودها الأول في سجن إسرائيلي، فتواجه أصعب التحدّيات من أجل حماية ابنها والحفاظ على بصيص من الأمل، وبسبب طبيعة قصة الفيلم فكان من المنطقي أن تكون أغلب شخصيات الفيلم من النساء باستثناءات قليلة فرضتها الأحداث، ولكن خلف الكاميرا فهناك مي مصري وعدد كبير من النساء اللواتي ساهمن في صناعة الفيلم.
وُلدَت فكرة “3000 ليلة” قبل عدة سنوات عندما كانت المخرجة مي مصري تقوم بتصوير فيلم في بلدتها نابلس خلال الانتفاضة الأولى، حيث قابلت امرأة فلسطينية أنجبت طفلها في أحد السجون الإسرائيلية، بعد ذلك، أمضت مي أشهراً عديدة تُجري خلالها المقابلة تلو الأخرى مع الأسيرات الفلسطينيات، خاصة الأمهات الشابات اللواتي أنجبن أطفالهن في السجون الإسرائيلية. “وجدت نفسي مأخوذة بشخصياتهنّ وبالاختيارات التي اتخذنها، مشدودة إلى المزيد من أخبارهنّ. أكثر ما صدمني لم يكن فقط أجواء القسوة والصراع والمعاناة ضمن جدران السجن، بل علاقات التحالف والتضامن التي كانت تتمّ بينهن، ومراحل التطور والنضج التي تمرّ بها المعتَقلات داخل السجن. كنت منجذبة بشكل أساسي إلى القصص الإنسانية والطرائف وقوة الخيال وروح المرح. كنت مندهشة للطريقة التي تمكّنت عبرها الأمهات من تكوين مجتمع لهنّ وإضفاء الدفء والسحر على حياة طفل وليد لا يعرف شيئاً عن الحياة خارج السجن”.
أبطال “3000 ليلة” كانوا 18 ممثلاً وممثلة؛ بعضهم لم تكن له أية تجربة سابقة أمام الكاميرا، وبعضهم كان محترفاً في التمثيل مثل كريم صالح، يوسف أبو وردة وأحمد العمري. معظم فريق التمثيل تشكّل من ممثلات فلسطينيات محترفات مثل ميساء عبد الهادي، نادرة عمران، رائدة أدون، ركين سعد، عبير حداد، أناهيد فياض وهيفاء الأغا، بينما الأخريات كنّ مبتدئات مثل ختام إدلبي، هانا شمعون، إزابيل رمضان ولورا حوّا.
وقد شاركت أيضاً ابنتا مي في التمثيل، فلعبت هانا دور الأسيرة الفلسطينية المراهقة فداء، ونور دور حارسة إسرائيلية قاسية، “كانت هذه تجربة عاطفية ومثيرة بالنسبة إليّ كأم ومخرجة في آن معاً، لا سيما خلال تصوير المشاهد العنيفة لتمرد السجينات”، تقول مي.
المكون النسائي القوي ظهر أيضاً في الدور الإنتاجي الأساسي الذي لعبته المنتجتان سابين صيداوي وشارلوت آوزو في إطلاق العمل ومتابعته، إضافة إلى الجانب الفني الذي شاركت به المونتيرة ميشيل تيان، ومصممة الصوت رانا عيد.
“كان العمل مع فريق تمثيل يكاد يكون نسائياً بالكامل تجربة مميزة ورائعة، إذ أضفى الطاقم النسائي طاقة استثنائية على روحيّة الفيلم. كان التحدي بالنسبة إليّ أن أدفعهنّ إلى تقديم أفضل ما لديهنّ وبشكل عفويّ، إذ أن الممثلات اللواتي اخترتهن كانت لديهن خبرات سابقة في السجن، سواء عبر تجارب شخصية، أو عبر آباء أو أزواج أو أقارب لهنّ كانوا قد سُجنوا سابقًا. الحقيقة أن 20% تقريباً من الفلسطينيين تم احتجازهم لمرة أو أكثر في السجون الإسرائيلية. وقد استطاعت كل ممثلة أن تقدّم للفيلم شيئاً خاصاً من خبراتها السابقة، كما قام الفريق النسائي العامل بالبحث عن خلفية الشخصيات في الفيلم، وقابل عدداً من الأسيرات السابقات مما أغنى أداءه وزاده عمقًا”، تقول مي.
إيلاف