تمكن فريق من الفلكيين بمرصد “جيمني” الفضائي في ولاية هاواي الأميركية، بدعم من فريقين آخرين من مرصد “هابل” الفضائي والمسبار “جونو”، من التقاط صورة هي الأدق إلى الآن تشرح تفاصيل الغلاف الجوي العاصف لكوكب المشتري.
وجاء في الدراسة، التي نشرت بتاريخ 7 مايو/أيار الجاري في دورية “أستروفيزيكال جورنال”، أن الصورة الجديدة كانت نتيجة لتعاون مدته ثلاث سنوات بين مرصد هابل الذي يلتقط صورا للكوكب في النطاق الضوئي، والمسبار جونو الذي يلتقط صورا في نطاق الراديو، والمرصد “جيمني” الذي يلتقط صورا في نطاق الأشعة تحت الحمراء.
مكنت الصور الجديدة الفلكيين من رصد ما يقع أسفل الطبقات العليا للكوكب، يحدث ذلك لأن الضوء في نطاق الأشعة تحت الحمراء له طول موجي أعلى ويمكن أن يخترق الطبقات الرقيقة لغلاف الكوكب، أما الغيوم الكثيفة فلا تسمح للضوء في هذا النطاق بالمرور، لكنها -بحسب الدراسة- أعطت الصورة خلفية صفراء تظهرها كأنها فانوس مضيء.
وبحسب الدراسة، فإن المرصد جيمني التقط تلك الصور بآلية تسمى “التصوير الصُدفي”، ويعني أن يستمر تلسكوبا المرصد، وكل منهما بقطر حوالي ثمانية أمتار، في التقاط الصور للكوكب طوال فترة محددة، ثم بعد انتهاء التصوير تُجمع كل الصور وينحى منها الأقل جودة، ثم تركّب البقية معا لصناعة صورة واحدة دقيقة.
مستقبل الأرض
مكن ذلك الفلكيين في مرصد جيمني من تحديد بعض أماكن انطلاق البرق بدقة خلال مجموعة من أكبر العواصف على سطح الكوكب.
كذلك فإن تلك الصورة الجديدة أكدت أن النقاط الداكنة التي ظهرت في البقعة الحمراء العظيمة مؤخرا ليست تغيرا في ألوان السحب، بل فجوات داخلها.
والبقعة الحمراء العظيمة هي أكبر عاصفة في النظام الشمسي، بقطر حوالي 15 ألف كيلومتر، وهي كبيرة لدرجة أنه يمكنك رؤيتها من خلال تلسكوب متوسط.
وعادة ما يهتم العلماء بالتقاط الصور للأجرام الفضائية في أكثر من نطاق لكي يؤكد كل نطاق بيانات الآخر. على سبيل المثال، فإن صور المرصد جيمني الملتقطة مؤخرا تمكنت من تدقيق بيانات سابقة كان المسبار جونو قد التقطها قبل سنوات لضربات غير اعتيادية من البرق سميت “سفيريكس” و”ويسلرز”.
وبحسب الدراسة، فإن المراصد الثلاثة تصنع معا نظاما متكاملا لمراقبة الغلاف الجوي لكوكب المشتري، يمكن من خلاله دراسة نظم الرياح والحرارة وحركية الغازات المختلفة في الغلاف الجوي، الأمر الذي يضاهي في دقته شبكة الأقمار الاصطناعية التي تستخدمها الأرصاد الجوية لمراقبة مناخ الأرض.
ويأمل الباحثون أن تساعد تلك الدراسة على تحقيق فهم أفضل لأضخم كواكب المجموعة الشمسية، الذي يعد -بسبب ضخامته- تجربة مناخية مثالية يمكن أن تساعدنا يوما ما على بناء توقعات دقيقة عن مستقبل المناخ الأرضي.