صحيفة الحياة
تحوّلت باريس أمس، عاصمة مناهضَة الإرهاب في العالم، اذ شهدت مسيرة تاريخية تكريماً لضحايا الإرهاب الذي ضربها، اجتاح خلالها الفرنسيون المسافة الفاصلة بين ساحتَي «لا ريبوبليك» و»لا ناسيون»، والتف حولهم قادة محليون وحوالى 70 شخصية عربية وعالمية. وقُدِّرت الحشود في فرنسا بأكثر من 3 ملايين (المزيد).
وقُتل 17 شخصاً في باريس في هجمات شنّها 3 مسلحين إسلاميين، استهدفت مقرّ صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة ومتجراً يهودياً، وانتهت بقتلهم في عملية لكوماندوس فرنسي. وأعلن احد المنفذين الثلاثة أحمدي كوليبالي ولاءه لزعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي، فيما دانت زوجة شريف كواشي الذي شارك في الهجوم مع شقيقه سعيد، أعماله مبدية تعاطفها مع الضحايا.
وأعلن روجيه كوكيرمان، رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، أن الرئيس فرنسوا هولاند تعهد أن يؤمّن الجيش مزيداً من الحماية للمدارس والمعابد اليهودية في البلاد، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حضّ اليهود الفرنسيين على الهجرة إلى الدولة العبرية معتبراً أنها «وطنهم أيضاً».
وعلى هامش مسيرة باريس، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستستضيف في 18 شباط (فبراير) المقبل، قمة تناقش سبل «محاربة التطرف في العالم»، فيما اتفق وزراء الداخلية الأوروبيون على تعزيز التعاون لإحباط مزيد من الهجمات الإرهابية، علماً أن إسبانيا طرحت فكرة تعديل اتفاق شنغن، من أجل إتاحة مراقبة الحدود بين دول الاتحاد الأوروبي، والحدّ من تحرك الجهاديين العائدين إلى القارة.
وقدّر منظمون أن حوالى 1.5 مليون شخص شاركوا في مسيرة باريس، فيما تحدثت وزارة الداخلية عن تعبئة «تُعتبر سابقة». وفي مدن فرنسية أخرى تظاهر اكثر من مليون شخص، بينهم أنصار حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف الذي قاطع تجمّع العاصمة احتجاجاً على امتناع رئيس الحكومة مانويل فالس عن دعوة «الجبهة» رسمياً. وقدّرت وكالة «فرانس برس» المشاركين في التظاهرات بحوالى 3.3 مليون.
وشهدت مسيرة باريس مشاركة فرنسيين من كل المعتقدات والأوساط، صغاراً وكباراً، أعلنوا بصوت واحد «لا للإرهاب» ونعم «للحرية وحرية التعبير». وعبّر المتظاهرون، بهدوء وخشوع، عن تمسكهم بقيم جمهوريتهم والعيش المشترك، اذ أنشدوا النشيد الوطني بصوت واحد وأطلقوا بالونات بيضاء وأعلاماً، متدافعين على شكل أمواج بشرية، وسط غياب للشعارات واللافتات السياسية، مجسدين تلاحماً شبّهه كثيرون بالأجواء التي سادت البلاد غداة انتهاء الحرب العالمية الثانية.
ووسط تدابير امن استثنائية، تصدر المسيرة ذوو الضحايا، وسارت وراءهم الطبقة السياسية وشخصيات عربية ودولية، أمسك عدد منهم بأيدي بعضهم بعضاً. وتوسط المشاركين الرئيس فرنسوا هولاند الذي اعتبر أن «باريس هي عاصمة العالم» أمس، والى جانبه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وزوجته الملكة رانيا، والرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الشؤون الخارجية السعودي نزار بن عبيد مدني والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، إضافة إلى نتانياهو والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
وشهدت دول أخرى تظاهرات تضامن مع فرنسا، بينها بلجيكا وألمانيا وإسبانيا وأستراليا والسويد وبريطانيا واليابان والولايات المتحدة، وكذلك مدينة رام الله في الضفة الغربية.
في غضون ذلك، أعلن وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف بعد ترؤسه اجتماعاً ضم وزراء داخلية أوروبيين وأجانب، منهم وزير العدل الأميركي اريك هولدر، اتفاقاً لتعزيز التعاون لمكافحة الإرهاب، خصوصاً عبر تشديد مراقبة الحدود الداخلية للاتحاد الأوروبي. وقال هولدر إن الولايات المتحدة ستستضيف في 18 شباط، قمة تناقش سبل «محاربة التطرف في العالم»، هدفها «توحيد إمكاناتنا». وأضاف: «إذا عملنا معاً من خلال تقاسم معلوماتنا ومواردنا، سنكون قادرين على الانتصار على الذين يحاربوننا ويحاربون قيمنا الأساسية».
أما وزير الداخلية الإسباني خورخيه فرنانديز دياز فطرح فكرة تعديل اتفاق شنغن، لإتاحة مراقبة الحدود الداخلية للاتحاد الأوروبي بهدف الحدّ من تحرك الجهاديين العائدين إلى أوروبا.
باريسالإرهابشارلي ايبدومسيرة مليونيةتضامن عربي ودولي