بعد 27 عاماً من تصنيف إدارة الرئيس الأميركي بيل كلينتون السودان دولة راعية للإرهاب الدولي، جاء إعلان البيت الأبيض في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن نية الرئيس دونالد ترامب إلغاء هذا التصنيف ليمثل خطوة كبيرة في مسار علاقات الدولتين.
وجاءت الخطوة الأميركية عقب تغريدة لترامب أشار فيها إلى اتفاق الحكومة الانتقالية السودانية على دفع تعويضات إلى “ضحايا الهجمات الإرهابية التي كانت الحكومة السابقة متورطة فيها”.
غير أن هذه الخطوة لم تكن إلا بداية إطار أكبر يشمل إقامة علاقات دبلوماسية بين السودان وإسرائيل، على غرار تلك التي وقعتها الامارات والبحرين مع تل أبيب بمباركة الإدارة الأميركية.
وجاء هذا الاتفاق بعد أن توصلت الولايات المتحدة والسودان إلى اتفاق على دفع 335 مليون دولار لضحايا تفجير تنظيم القاعدة للسفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا.
وقد تم نقل هذه الأموال إلى حساب إسكرو (Escro) منذ أسابيع، ولكن أياً من الضحايا لن يرى دولارا واحدا ما لم يوافق الكونغرس على الاتفاق بين الولايات المتحدة والسودان الذي يتضمن إقرار تشريع لاستعادة الحصانة السيادية للسودان، ويعرف كذاك باسم “السلام القانوني”.
معارضة سيناتورين
عارض كبار القادة الديمقراطيين بمجلس الشيوخ مشروع قرار “السلام القانوني” على خلفية تجاهله لضحايا هجمات 11 سبتمبر والتي راح ضحيتها 3 آلاف أميركي.
ويقود المعارضة السيناتور تشاك شومر، رئيس الأغلبية الديمقراطية بالمجلس، والسيناتور روبرت مندينديز زعيم الديمقراطيين بلجنة العلاقات الخارجية، في وقت يؤيدان الهدف العام لمشروع السلام القانوني، لكنهما يرغبان في استثناء ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 منه وهو ما يتيح لهم مقاضاة السودان في المستقبل.
وكان زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، قد أقام بالسودان لسنوات قبل أحداث 11 سبتمبر/أيلول، وغادرها عام 1996، إلا أن لجان التحقيق الأميركية لم تنته إلى إدانة السودان بأي صورة من الصور.وبالإضافة لذلك، يعارض السيناتوران التفاوت في التعويضات التي حصل عليها الضحايا في هجمات السفارتين فى كينيا وتنزانيا والذين أصبحوا لاحقا مواطنين أميركيين.
وقد وفر الاتفاق السابق 10 ملايين دولار تعويضا للأميركيين الذين قتلوا في الانفجار، و3 ملايين للمصابين، و800 ألف للأجانب القتلى العاملين في السفارة الأميركية، و400 ألف للأجانب المصابين. وكانت قيمة التعويض تستند إلى جنسية الفرد في ذلك الوقت.
وكشفت شبكة “أي بي سي” أن إدارة ترامب عرضت إنشاء صندوق بقيمة 150 مليون دولار لضحايا تفجيرات السفارتين عام 1998 الذين أصبحوا مواطنين أميركيين.
إسرائيل ولوبياتها في واشنطن
وتأتي جهود الضغط في الوقت الذي أبلغ فيه زعيم المجلس الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مؤخرا أن بلاده لن تواصل عملية إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يمر مشروع قانون “السلام القانوني” بحلول نهاية هذا العام.
ومع بقاء عدة أيام قليلة فقط أمام الكونغرس، قد يتم تأجيل تمرير التشريع إلى العام القادم، وهو ما يضاعف الضغط لإيجاد حل ووضع اللمسات الأخيرة على اتفاق يمكن تمريره، وإلا قد تتبخر حظوظ التوصل لاتفاق مع قدوم إدارة (الرئيس المنتخب) جو بايدن التي قد لا تكترث كثيرا لقضية إقامة علاقات سودانية بإسرائيل.
وتقل حظوظ المساعي الحالية، في ظل انشغال الكونغرس، خلال الأيام القليلة المتبقية قبل بدء عطلات أعياد الميلاد، بسلسلة من التشريعات ذات أولوية أكبر مثل تجنب إغلاق الحكومة، والتوصل لحزمة دعم اقتصادي لتبعات فيروس كوفيد-19، وتمرير مشروع قانون السياسة الدفاعية السنوي.
وإذا لم يقر الكونغرس مشروع القانون قبل أن يتولى بايدن منصبه في 20 يناير/كانون الثاني، فمن المرجح أن يستغرق الأمر شهوراً طويلة قبل النظر ثانية في التشريع المتعلق بالسودان.
وهذا ما دفع بإسرائيل لبدء حملة ضغط في الكونغرس بطلب من الحكومة السودانية، للمصادقة على مشروع القرار الذي يمنح الخرطوم الحصانة السيادية.
يذكر أن مشروع القرار هذا يعد جزءا من صفقة تطبيع العلاقات الثلاثية بين الولايات المتحدة والسودان وإسرائيل، وهو ما دفع الأخيرة للتدخل طبقا لما ذكره موقع أكسيوس.
نقلا عن الجزيرة