بعد تقرير منظمة العفو الدولية تحت عنوان “المسلخ البشري” أرفق لكم قصة سردتها لي معتقلة في سجون النظام “سجن عدرا” بدمشق عانت من أساليب التعذيب الممنهجة.
“راما” (24 عاماً) اعتقلت في كمين على أحد الطرق الواصلة لمنزلها في حمص أمضت عامين كاملين خلف القضبان تعاني تكشف لنا أساليب التعذيب الوحشية قائلة “منذ لحظة وصولي كانوا يخرجونني كل يوم للشبح لمدة ساعتين وأحياناً أكثر، يكملون ضربي بما يسمى (العصى الإبراهيمية) أما للجلد قصة ألم بلون آخر .. أجبر على ارتداء قطعة من القماش الجلدية من الكتف حتى أسفل الظهر.. ليست لتخفيف الألم طبعاً إنما لتخفف تأثير تشوه الظهر وتأثره بالضربات الوحشية”.
يكملون السلخ لتعود بعدها للمهجع بنزف من كل مسامات الجلد بعد أن ذاقت معنى الألم والتعذيب وعلى وقع اقتراب أصواتهم من جديد تحاول “راما” أن تزحف لإحدى زوايا الغرفة ودموعها تسبق كلامها (ومن ذاق عرف)، كم هو عصي أن يفهم الإنسان أن كل جريمته في وطنه أنه مواطن فيها.
هناك حيث مرارة الفناء أشد من مرارة الألم، وملامح التوحد لأجل الوطن لن تنسى ذاكرة الجدران أبداً، ما يسمى “الصحن الدائري المتحرك”.
تضيف “راما” بكلمات منقطة لم تستطع في حديثنا معها أن تربط بين جملها بل كان التلعثم ملازما لحديثها من هول المعاناة، قائلةً “قبل أن تسمع أذني منادتي سقطت دموعي وكأنها السيل وتسارعت ضربات قلبي من جلسة تحقيق أخرى سأضطر فيها لمواجهة ألوان جديدة من العذاب.. دخلت غرفة التعذيب في أول النهار ولم أخرج منها حتى أنزل الليل ستاره.. قيد أحد الزبانية قدماي بشكل التفافي بعد أن جلست على ما يشبه الصحن الدائري وفي منتصفه عامود قيدت يداي أيضاً حول ذلك العمود وبات وجهي ملاصقاً له وما هي إلا ثواني وتم تشغيل الصحن بحيث بدأ الدوران لتبدأ رحلة الجلد من ستة رجال يحملون سياط الجلد.. حينها أدركت أن غياب السمع والرؤية سيد الأوجاع”.
أدخلوها لزنزانتها كانت في غيبوبة كامله رموها على الأرض وذهبوا وبعد برهة صحت على أنات الألم التي نالت من جسدها المتعب، أما في الليل فكانت الحمى لا تفارق جسدها.. رحلة عذاب شهدت مثلها آلاف المعتقلين والمعتقلات في سجون لا يرحم فيها الزبانية ولا يعرفون سوى تنفيذ الأوامر الخالية من الإنسانية.
خرجت “راما” بعد رحلة العذاب منذ أشهر قليلة لم تستطع استمرار الحياة في الوطن الأم حيث أن الناجيات اللواتي كتب لهن أن يخرجن، ظللن يعانين من حد الاندماج في مجتمع كان ولا يزال مشغولاً بثورته عنهن، فقررت أن تستقر في “تركيا” دولة الجوار علها تجد طريقاً إلى النور.
المركز الصحفي السوري
بيان الأحمد