تامر عثمان
لم يعد يخفى على كل سوري وخاصة منهم الحلبيين أنّ النظام قد أوغل في قتل المدنيين من أبناء المدينة دون هوادة منذ أواخر عام 2013 حين بدأت حملة البراميل المتفجرة التي استهدفت أحياء حلب السكنية والتي أدت لاستشهاد الالاف من أبناء المدينة وتهجير عشرات الالاف من منازلهم فضلاً عن تدمير جزء كبير من البنية التحتية في الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة الثوار.
استهداف الأحياء السكنية المكتظة بالمدنيين في حلب لم يأتي عن عبث بالنسبة لقوات النظام، فهو بذلك يسعى لضرب الحاضنة الشعبية للثورة السورية، وتنفير المدنيين من الثوار، كما يسعى لإفراغ المدن من ساكنيها على غرار ما فعل في أحياء مدينة حمص، ومدن الغوطة في ريف دمشق، غير مكترث بطريقة الإفراغ، إما عن طريق القتل أو التهجير الممنهج التي تلعب الأمم المتحدة دور المساعد غير المباشر لقوات النظام في تنفيذه، كما يسعى النظام من خلال استهدافه للمدنيين القضاء على جميع معارضيه بكل السبل المتاحة، لاسيما بعد صمت المجتمع الدولي حيال الجرائم التي يرتكبها الأخير بالتعاون مع قوات العدوان الروسي والمليشيات الأجنبية التي قدمت من مختلف أنحاء العالم لمحاربة الشعب السوري وللقضاء على الثورة السورية.
هي أيام عصيبة تعيشها مدينة حلب المحاصرة، فالقصف عليها لا يهدأ مطلقاً لا في الليل ولا في النهار، يجبر من تبقى فيها على التحصن إما داخل منزله الذي من الممكن أن تدمره غارة جويّة في أي لحظة أو في الأقبية ضمن المباني التي تحتوي على ملاجئ، إلاّ أنّ تقدم قوات النظام في بعض المناطق الشرقية من أحياء حلب المحاصرة، أجبر السكان على الخروج من منازلهم مشياً على الأقدام من حي إلى اخر حتى للوصول إلى أحياء بعيدة نوعاً معا عن نقاط الاشتباك، إلاّ أنّ الة الاجرام التابعة لحاكم دمشق كانت ترصد تحركات هؤلاء، وتتحين فرصة تجمعهم أكثر فأكثر لتشنّ بعد ذلك حملات قصف بقذائف الهاون والمدفعية تستهدف أماكن تجمعات النازحين وترديهم قتلى وجرحى وجلّهم من النساء والأطفال.
يتسرب إلينا مقطع صوتي أو فيما يبدو أنه تسجيل تم رصده من وحدات الإشارة التابعة للثوار حديثاً جرى بين غرفة العمليات التابعة لقوات النظام وبين سلاح المدفعية، يأمر فيها أحد الضباط سلاح المدفعية والهاون بتنفيذ ضربات بسلاح الهاون والمدفعية على أحد الشوارع في مدينة حلب المحاصرة والذي يسلكه النازحون من الأحياء التي باتت خطوط جبهة قوات النظام، الضابط يقول لسلاح المدفعية بأن هناك تجمع كبير من المدنيين في ذات المنطقة التي استهدفها مسبقاً ويطلب منه إعادة التنفيذ عليها بعد وصول حشود النازحين، سلاح المدفعية يرد بأنه تم التنفيذ ليأتيه الرد بعبارة ” الله يبارك فيك”. ليبث ناشطون بعد ذلك صوراً لمجزرة ارتكبتها قوات النظام في حي الشعّار ارتقى فيها 6 أشخاص وأصيب أكثر من 12 اخرين بجروح جلّهم من النساء والأطفال النازحين إلى مناطق بعيدة عن نقاط الاشتباك.
هي ليست الحادثة الأولى من نوعها لكي لا نقول أنها جاءت على سبيل الصدفة، فقد قام سلاح المدفعية والهاون التابع لقوات النظام في وقت سابق باستهداف الشارع الرئيسي في حي جب القبّة داخل الأحياء المحاصرة من مدينة حلب بالتزامن مع وصول أعداد كبيرة من المدنيين النازحين من المناطق الشرقية في حلب المحاصرة، أسفر ذلك عن ارتقاء 45 شهيداً وإصابات العشرات بجروح، هنا النظام لا يريد لأحد ممن بقي في حلب أن يخرج منها حيّاً، مستفيداً من ورقة خضراء منحت له من المجتمع الدولي ككل، هذا ما يفسر السكوت المطلق عن أكبر مجزرة ارتكبت في هذا القرن بحق أبناء الشعب السوري.
مركز حلب الاعلامي