حرب طال أمدها وتشعبت بتبعياتها ليحصد إجرامها كافة جوانب الحياة، فكانت العملية التربوية التعليمية إحدى ضحاياها متمثلة بجيل كامل في سوريا أخذ يتدهور وشارف على الوصول لحافة الجهل، ولأطفال المناطق المحررة النصيب الأكبر نظرا لانعدام الأمان في مناطقهم واستهداف قوات النظام المتعمد مرارا عبر مقاتلاتها الحربية المدارس والمنشآت التعليمية بهدف إفشالها وقتل الطفولة البريئة تحت ذريعة وجوب قتلهم قبل أن يكبروا ويتشربوا أفكار المعارضة ضدهم وضد معتقداتهم، فضلا عن لجوء كثير من العائلات للمخيمات الحدودية التي تعاني من نقص في كافة متطلبات المعيشة ومن ضمنها التعليم.
ونتيجة لهذا التراجع في مستوى التعليم كان لابد من حل بديل يعوض جزءا من النقص ويرمم للطلاب ما فاتهم، فكانت “الدورات الخاصة” ملجأ كثير من الأهالي جراء انقطاع أبنائهم عن الذهاب للمدرسة لفترات معينة وبالأخص في مرحلة التعليم التأسيسية من الأول وحتى صف الرابع.
تقول السيدة إيمان وهي مديرة معهد خاص في مدينة ادلب:” كنت سابقا أجري دورات تقوية في اللغة العربية في منزلي، لكن وبعد تحرير مدينتي ادلب، ازداد عدد النازحين للمدينة القادمين من ريفي حماه وحلب، فضلا عن مهجري مدينة حلب مؤخرا، وازداد معهم عدد الأطفال المتسربين من المدارس لأسباب ليست بإرادتهم بل تتعلق بحياة القصف والحرب”.
وتتابع حديثها:” ونظرا لازدياد عدد الطلاب الذين قصدوني قررت أن أفتتح معهدا وأوظف فيه بعض المعلمات الجديرات لاستيعابهم جميعا وبأسعار رمزية تتناسب مع مستواهم المعيشي المتدني كون الأغلبية من النازحين ومعظمهم لا يعرفون ما معنى كلمة مدرسة أو تعليم، فهم أمانة بأعناقنا ويجب علينا أن نساعدهم قدر المستطاع تعليميا وتربويا وحتى نفسيا لنخرجهم من جو الحرب”.
ورغم المزايا الإيجابية لدورات التعليم الخاصة، إلا أنها في بعض الأحيان قد تأخذ منحى سلبي يعود بالضرر على الطفل بالدرجة الأولى، تقول هالة وهي معلمة صف من ادلب:” يعتمد كثير من الطلاب على الدورات الخاصة، ظنا من الأهالي أنها تساعدهم على تقوية مهاراتهم التعليمية وتعزيز قدراتهم، لكن في واقع الأمر ومن خلال تجربتي في السنوات الأخيرة، وجدت أن الطالب أصبح عنده دوام المدرسة للتسلية وللعب مع رفاقه، واعتماده بشكل كلي على ما يتلقنه في الدورة، ومن هنا جاءت الفكرة السائدة عند الأهالي أن أبناءهم بحاجة لدورات متابعة وتقوية نظرا لعدم استيعابهم دروسهم في المدرسة بسبب إهمال الكادر التدريسي وعدم كفاية الحصص الدراسية بعد أن تم اختصارها تجنبا من وقوع قصف من قبل الطيران”.
سواء أكانت تلك الدورات نعمة أم نقمة على الطلاب، فنحن أمام مشكلة حقيقية تواجه أطفالنا، فقد ضاعت حقوقهم وقتلت طفولتهم في حرب لاذنب لهم فيها سوى أنهم ولدوا في بلد نظامه الحاكم لايقيم أي اعتبار لهم ولحقوقهم.
المركز الصحفي السوري _ سماح الخالد