قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي اختفى عن الأنظار في فترة نهاية الأسبوع، واصل هجماته عبر تويتر على المحتجين في معظم أنحاء الولايات المتحدة بعد مقتل رجل أسود على يد الشرطة. واتهم ترامب كعادته حكام الولايات وعمداء البلديات التي يترأسها الديمقراطيون، وطالبهم بالشدة ودعاهم لإنزال الحرس الوطني إلى الشوارع.
وكانت الاحتجاجات قد وصلت إلى البيت الأبيض، لدرجة دعت المسؤولين إلى نقل ترامب وعائلته إلى ملجأ تحت الأرض مخصص لحماية الرئيس والمسؤولين حالة تعرض البيت الأبيض إلى هجوم إرهابي.
ولا يعرف السبب الذي دفع المخابرات إلى نقل ترامب إلى الملجأ الآمن أو “مركز العمليات الرئاسية الطارئ”.
وقالت الصحيفة إن جواً من الخلاف ساد بين مسؤولي حملته الانتخابية لتقديم خطاب متلفز لمواجهة الأمة القلقة. وجاء في التقرير الذي أعده بيتر بيكر وماغي هابرمان، إن المزاج في داخل البيت الأبيض كان متوترا حيث تجمع مئات من المتظاهرين أمام بواباته وهتفوا السباب واللعنات ضد الرئيس ورموا في بعض الأحيان الحجارة والعبوات الفارغة.
ووصف مسؤول في داخل البيت الأبيض بداية عطلة نهاية الأسبوع بعد الاحتجاجات التي تبعت قتل جورج فلويد على يد الشرطة. وبعد تعاطفه الأولي مع مقتل الرجل، اختفى الرئيس وسط مخاوف من زيادة الاحتجاجات، ونصائح مستشاريه لكي يلقي خطابا يخفف فيه التوتر.
وظل ترامب محاصرا داخل البيت الأبيض، حيث تقدم المحتجون نحو بوابته وأخذ بعضهم بإلقاء عبوات المياه، وحرقوا كومة من الخشب وسيارة واحدة على الأقل.
وقالت الصحيفة إن النار وصلت في شارك أتش، شمال- غرب البيت الأبيض إلى كنيسة سانت جونز المعروفة بكنيسة الرؤساء، حيث تم التغلب عليها حالا. وفي المناطق التجارية المحيطة بالمكان، قام أصحاب المحلات بوضع الألواح الخشبية.
وفي تغريداته التي أرسلها وسط هذا الجو، وصف ترامب المتظاهرين بالفوضويين، وقال إن إدارته ستقوم بتصنيف جماعة “العداء للفاشية” كمنظمة إرهابية، وحدد موعدا مع وزير العدل ويليام بار. ولكن المعادين للفاشية التي يتحدث عنها الرئيس، هي مجموعة من الناشطين الذين يرتدون الأسود وليست منظمة لديها هيكل واضح يمكن معاقبتها حسب القانون. كما أن تصنيف المنظمات بالإرهابية يقتصر فقط على المنظمات الأجنبية وليس المحلية.
وباستهداف الجماعات المعادية للفاشية، فقد صور ترامب كل المتظاهرين بأن لديهم نزعة نحو العنف. فقد اندلعت الاحتجاجات في 75 مدينة، حيث أنزل الحكام وعمداء المدن الحرس الوطني، أو فرضوا منع التجوال في مستويات لم تشهدها أمريكا منذ مقتل داعية الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ عام 1968.
وفي الوقت الذي تركزت فيه التظاهرات على شجب الرئيس، إلا أن مساعديه حاولوا توضيح الوضع له، وأنه ليس فقط عنه، بل عن قضايا واسعة تتعلق بالعرق. واشتكى المستشارون فيما بينهم من تغريداته، واعترفوا أنها تقوم بصب الزيت على وضع مشتعل.
وقال السناتور عن ساوث كارولينا تيم سكوت، وهو السناتور الجمهوري الأسود الوحيد في مجلس الشيوخ: “بالتأكيد هذه ليست تغريدات بناءة”. وقال في تصريحات لشبكة “فوكس نيوز: “أنا ممتن لهذا الحوار، فعادة لا نتفق على أي من تغريداته مقدما، ولكن لدينا القدرة على الجلوس والحوار حول كيفية المضي قدما”.
وقال المتبرع الجمهوري دان إيبرهارت، إن الرئيس الذي يواجه حملة انتخابية في نهاية العام يركز كل اهتمامه على قاعدته الانتخابية وليس على كل الأمة بشكل عام.
وقال: “ترامب مثير للانقسام أكثر من بقية الرؤساء” و”تكمن قوته في تحريض قاعدته وليس تهدئة الأجواء”. وقال مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي روبرت أوبراين، إن ترامب سيواصل التأكيد على النظام والقانون رغم تفهمه الغضب الناجم عن وفاة فلويد.
ومضى يقول في تصريحات لشبكة “سي إن إن” على نفس وتيرة ترامب، عندما دعا إلى احتجاجات سلمية ويجب ألا يتم اختطافها من الجماعات المعادية للفاشية ذات التوجه اليساري.
وأزعج غياب ترامب عن الساحة الديمقراطيين. وتقول الصحيفة إن بعض المسؤولين حثوا الرئيس على عقد جلسات يظهر فيها للسود الغاضبين على نشر فيديو قتل فلويد أنه استمع إلى مواقفهم.
واقترحت مجموعة من المستشارين سلسلة من “جلسات الاستماع”، فيما دعت مجموعة أخرى من المستشارين ترامب ليظهر الحزم والشدة، ولكن ليس بطريقة متوعدة مثل تغريدته، بل يظهر التضامن مع أصحاب الأعمال الذين تضررت مصالحهم بسبب أعمال الشغب.
ويرى البعض أن الاحتجاجات هي في صالح الرئيس تماما، كما فاز ريتشارد نيكسون في الانتخابات عام 1968 تحت شعار “النظام والقانون”. وقال مستشار شدد على ضرورة عدم الكشف عن هويته إن صور الدمار قد تكون مساعدة لرسالة “النظام والقانون” التي أكد عليها ترامب منذ حملته الرئاسية عام 2016.
وقال المستشار إن هذه قد تكون مفيدة خاصة بالنسبة للجيل الكبير من الذين تراجع دعمهم له بسبب فيروس كورونا الذين أصاب الكبار في العمر بطريقة غير متناسبة. والمخاطر من هذا، هي أن الناس قد تعبوا من تصرفات الرئيس.
والفرق بين نيكسون وترامب هو أن الأخير هو المسؤول وليس مرشحا. كما أن عددا من مستشاريه عبّروا عن عدم سعادتهم من تغريدة ترامب يوم الجمعة، والتي استحضر فيها ما قاله رئيس شرطة ميامي في عام 1967 لـ”لإطلاق النار” على السود أثناء أعمال الشغب.
ومع ذلك استبعد هؤلاء المستشارون أن يستخدم الرئيس أعمال الشغب لتحسين شعبيته المتداعية بين نساء المناطق الريفية. وكانت الحملة الانتخابية في ذهن الرئيس، حيث أكد في رد على سؤال: “سأفوز بالانتخابات وبسهولة” و”سيعود الاقتصاد إلى حالته الجيدة وسأعين عددا من القضاة هذا الأسبوع بمن فيهم المحكمة العليا”.
وقال مسؤول في الإدارة، إن ترامب التقى يوم الأحد بعدد من الجنرالات وتحدث معهم حول عدة قضايا، واتصل مع قادة العالم حيث يريد إعادة ترتيب مجموعة الدول السبع التي أجل عقد قمتها إلى أيلول/سبتمبر.
وتقول الصحيفة إن الرئيس ترامب ومساعديه فوجئوا بحجم التظاهرات التي تجمعت خارج البيت الأبيض يوم الجمعة.
نقلا عن القدس العربي