تطوران تاريخيان حدثا هذا الشهر في السياق الكردي. الاول، مسعود برزاني، رئيس كردستان العراق الواقعة في شمالي العراق، أعلن بان الأكراد في العراق يتطلعون إلى اجراء استفتاء شعبي في مسألة اقامة دولة كردية مستقلة منفصلة عن العراق. والثاني، الأكراد في شمال سوريا أعلنوا عن اقامة كيان حكم ذاتي. في الحالتين رفضت ادارة اوباما رفضا باتا وبشكل فوري هذين التطورين، والسؤال هو لماذا.
لماذا لا يستحق الأكراد، الذين يقدر عددهم في العالم باكثر من 30 مليون نسمة، دولة مستقلة، ولكن نحو مليوني فلسطيني في يهودا والسامرة يستحقونها؟ الأكراد في العراق وفي تركيا هم شعب ذو تاريخ طويل وهم مثابة الكيان الديمقراطي الوحيد في الشرق الاوسط اضافة إلى إسرائيل. استعدادهم للدولة كبير: كردستان العراقية يوجد فيها منذ الان حكومة، برلمان، احزاب، تنمية اقتصادية، بنى تحتية كالمطارات. ولكنهم لن يحصلوا على شيء. وبالمقابل، فان اولئك السنة الذين يسمون «فلسطينيين»، شعب اخترع قبل بضع عشرات السنين ـ لا توجد أي جاهزية، مؤسسات حكم، مؤسسات اقتصادية، خيط رابط ـ ولكنهم يستحقون كل شيء.
يدافع الأكراد عن أنفسهم في وجه اعدائهم، سواء كان هؤلاء هم داعش، الاتراك ام الاسد. فقد ربحوا استقلالهم، ضمن امور اخرى، بكونهم القوة الاساس التي تقاتل ضد تنظيم الدولة الإسلامية. ولكنهم، كما اسلفنا، لا يستحقون شيئا. لدى الفلسطينيين، حماس وداعش سيطيران عصابة ابو مازن من الحكم في غضون اسبوع، وهكذا يشكلان رأس حربة ضد إسرائيل، الاردن، مصر، السعودية والقوى المعتدلة الاخرى في المنطقة مثلما ايضا ضد المصالح الغربية في الشرق الاوسط بشكل عام.
يدير الأكراد حياتهم بانفسهم منذ الان، وبالمقابل فان كيانا فلسطينيا مستقلا سيصبح دولة فاشلة اخرى، متخلفة اقتصاديا ومتعلقة بالصدقات، مثل تلك الدول العربية التي تفككت او في طريقها إلى التفكك. ولكن في العالم تثبت بانهم هم بالذات يستحقون دولة.
وهذه هي الازدواجية الاخلاقية الغربية في الشرق الاوسط التي تغلفها النار وعواميد الدخان: لا نريد اغضاب تركيا، إيران، سوريا والعراق، التي على حسابها سيقوم الكيان الكردي المستقل. ولكن سوريا والعراق في واقع الامر لم يعودا موجودين، وإيران وتركيا هما جهة معيقة في الكفاح العالمي ضد الإرهاب. كلتاهما تؤيدان الإرهاب الإسلامي، سواء كان هذا شيعيا أم سنيا. فلماذا اثابتهما هما بالذات؟
واذا لم يكن مجال لتفكير متجدد، فسواء في الحالة الكردية أم في الحالة الفلسطينية، من يستحق ومن لا يستحق؟ من ايجابي ومن سلبي؟ من مستعد للمسؤولية السلطوية ومن لا؟ من يعرب عن الشكر ومن ينتقم من كل محيطه؟
وعندما لا يريدون اغضاب الدول الإسلامية، فان الامر يستهدف بالذات المس بدولة اليهود. بمعنى، اقامة جيب إرهاب فلسطيني ما في بطن إسرائيل، يصفيها بذلك ويصفي امكانيات الحياة العادية فيها. فلماذا إذن يكون المس بإسرائيل على ما يرام ولكن المس بإيران وتركيا ليس على ما يرام؟
وعليه، فان دورنا هو أن نشير إلى ازدواجية الاخلاق: سواء في حالتنا أم في الحالة الكردية. حان الوقت لان نساعد حقا من يستحق المساعدة وننقطع حقا عمن لا يستحقها. واذا لم يفهم الغرب هذا وبسرعة، فانه بنفسه سيدفع الثمن لقاء ازدواجيته الاخلاقية. بكلمات اخرى، من يعتقد أن الحديث يدور عن مصالح بعيدة في مكان بعيد ـ مخطيء. والنهج المرفوض هذا سيتفجر في نهاية المطاف عنده في البيت، سواء في بروكسل، في باريس، في لندن، في روما أم في واشنطن.
يديعوت 31/3/2016