أصبح واضحاً للعيان أن قوات النظام السوري وحليفه الإيراني ونصيره حزب الله البناني واجهت سلسلة من الهزائم السياسية والعسكرية بما لايدع مجال للشك أن نظام الأسد وجيشه أضعف بكثير مما يحاول تسويقه.
لايزال نظام الأسد واعلامه يعانيان حالة من النكران والانفصال عن الواقع، بدلاً من أن يضعوا جمهورهم بصورة الواقع حتى يتمكنوا من اتخاذ التدابير قبل ان تصل الفأس للرأس، ما زال هذا الإعلام يضلل جمهوره مستمراً في حديثه عن انتصارات جيشهم الباسل ، ويبررون الهزائم والفشل بـ» إعادة تموضع « ناجحة ، اذا بقيت الأمور تسيرعلى هذا الحال يبدو أن إعادة تموضع جديدة متسارعة سنسمع عنها خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.لا بد من التذكير كيف كان جمهور الممانعة يقابل انسحاب المعارضة « تكتيكياً « بالسخرية والتندر. كل الدعوات للحل السياسي فشلت من مؤتمر موسكو التشاوري «الثاني» إلى جنيف إلى أن بلغ الأمر أن»دي مستورا» نفض يده من اقناع نظام الأسد بالحل السياسي وطالب علناً بالضغط على الأسد عسكرياً حتى يرضخ للحل ،أما مؤتمر القاهرة الأخير لم يأت بجديد لا في الشكل ولا المضمون .
خارطة المعارك العسكرية بين نظام الأسد والمعارضة المسلحة تبدلت،مع بداية عام 2015 .
خلال زيارة قام بها «بشارالأسد»لمنطقة الزبلطانه ليلة رأس السنة، قال الأسد حينها أن قواته ستلاحق الجرذان إلى أوكارهم وجحورهم في كل مكان من سوريا . بعد اقل من خمسة اشهر تم تطبيق كلام بشار الأسد بشكل معكوس أصبح بواسله يختبئون ويفرون إلى الجحور مثل الجرذان .
مع انخراط حزب الله اللبناني على خط المعارك بشكل مباشر في مايو (أيار) 2013، اتبعت قوات الأسد استراتيجية فصل المعارك وقطع خطوط التواصل بين مقاتلي المعارضة في شمال سوريا وجنوبها ،اليوم المعارضة المسلحة تطبق هذه المعادلة ضد قوات الأسد التي اصبحت محاصرة في جنوب البلاد وشمالها ،بعد أن نجح جيش «الفتح» التابع للمعارضة بالسيطرة على كامل مساحة ادلب عدا مطار ابو الظهور، ونجاح الجيش الحر في درعا من السيطرة على اللواء «52» جنوباً، ومن ثم محاصرة مطار الثعلة العسكري بالقرب من السويداء.
أصبحت قوات المعارضة المسلحة تختار بكل حرية اهدافها وتحدد موعد بدء الهجوم وتعلن التحرير في معظم الأحيان دون مقاومة قوات النظام ، هذا ما حدث أثناء تحرير قرية «أرم الجوز» حيث فر مقاتلو النظام دون انتظار الأوامر لهم .
يعتبر تحرير محافظة ادلب انتصارا استراتيجيا، له أبعاد كبيرة. أولها قطع كل طرقات الامدادعن قوات النظام في حلب وريف حماه وبين اللاذقية وحلب .
المعارضة الآن لديها خيارات تكتيكية مهمة يمكن أستغلالها . أولها التقدم الى معاقل النظام في مقره الرئيسي ومسقط رأسه في القرداحة . ثانياً التوجه إلى سهل الغاب الذي يضم مناصرين كثرا لنظام الأسد بالتالي تهديد مطار حماة العسكري . كذلك لديهم خيار أن يتوجهوا إلى حلب من أجل وتحريرها .لو كان الخيار لي لطلبت اليهم التوجه الى الساحل وضرب النظام في معقله اعتقد أن سقوط اللاذقية يعني وفاة النظام سريرياً ، مما يدفعه للفرار خارج سوريا نجاة بنفسه.
ماذا عن سيطرة تنظيم الدولة «الاسلامية « على معظم بادية الشام؟
مدينة تدمر البعض يعتبرها مجرد بادية ، لكن من الناحية الاقتصادية تحتوي على اهم مكامن الثروة الاقتصادية في سوريا «مكامن النفط والغاز والفوسفات « إن سيطرة التنظيم على «خنيفيس « قطع آخر موارد النظام الاقتصادية «مناجم الفوسفات « التي تنتج حوالي « 250 مليون دولار سنويا « . والتقدم إلى آخر معامل الغاز التي مازالت تعمل «معمل غاز الجنوب وإيبلا . والفرقلس» التي تعني في حال سيطرة التنظيم عليها قطع الغاز عن كل محطات الكهرباء التابعة للأسد.
تدمر تعتبر عقدة مواصلات هامة «طريق البادية « الذي يصل ريف دمشق بالشمال السوري «دير الزور الحسكة» كذلك غرباً الى حمص والتي يبعد عنها التنظيم حوال 40كم ، واصبح مطار” T4” محاصراً ،في حال استمر تقدم التنظيم الى حمص يصبح مطار الشعيرات تحت مرمى نيران التنظيم لو ضفنا اليهم مطار دير الزورالمحاصر. نجد بأن معظم مطارات النظام العسكرية في»حمص وحماة وادلب ودير الزور»إما محاصرة أو تحت نيران المعارضة المسلحة ،مع ملاحظة ان التنظيم لديه خيار التقدم الى ريف دمشق .
لا تزال معارك القلمون تستنزف قوات النظام وحزب الله في معارك كر وفر تكبد «الحزب» فيها حوالي «52» قتيلا .
ماذا عن درعا . التي سيطرت المعارضة فيها على آخر المنافذ الحدودية مع الاردن»نصيب» الآن قوات الجيش الحر تستعد لتحرير درعا . وتقترب اكثر فأكثر من مثلث الموت مع ريف دمشق الغربي وتحكم الحصار على قوات الأسد . واستكمالاً للإنجازات العسكرية التي تحققت مؤخراً على جبهتي درعا والقنيطرة، تمكنت فصائل الجبهة الجنوبية، ظهرَ الأربعاء الماضي، من السيطرة على تلّتي بزاق وغرين ،في الريف الشمالي الشرقي لمدينة القنيطرة، جنوبي سوريا،بعد يوم واحد من سيطرتها على التلال الحمر الواقعة بين الغوطة الغربية لريف دمشق ومحافظة القنيطرة .
كما أعلنت غرفة عمليات فتح حلب تحرير (حي الراشدين الشمالي) بالكامل في محيط مدينة حلب من الجهة الغربية .
ويظل السؤال حائراً ماذا لو تحرك زهران علوش بجيشه المرابض في الغوطة الشرقية بما يمتلكه من سلاح؟ رغم قناعتي انه لن يفعل.
ميسرة بكور – كاتب وباحث سياسي