صرفت الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام المحلية والدولية، التي أظهرت فرح الأهالي في مدينة منبج شرق حلب، بعيد سيطرة ما يسمى بـ«قوات سوريا الديمقراطية» عليها، أنظار المراقبين عن المنعطف الهام السياسي والعسكري في المشهد السوري العسكري الراهن، المتمثل بالسيطرة على هذه المدينة ذات الموقع الاستراتيجي الهام.
وبحسب مراقبين فإن تلك الصور التي تظهر بعض النسوة وهن يدخن السجائر، ويخلعن النقاب الأسود في شوارع المدينة التي كان يسيطر عليها التنظيم، قد لعبت دوراً في «التعتيم» على حقيقة ما جرى، أكثر من الدور الإعلامي المناط بها، فما جرى ـ برأي المراقبين أنفسهم ـ هو خسارة لمدينة تعتبر من أكبر مدن ريف حلب على الإطلاق، لصالح قوات كردية انفصالية، مدعومة دولياً.
وليس من المبالغة في شيء القول بأن هذه الصور اختزلت حكاية معاناة طويلة استمرت لأكثر من شهرين، وهي المدة التي استغرقتها المعارك الطاحنة التي سبقت دحر التنظيم عن المدينة، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 400 مدني، ما دفع بالناشط الحقوقي المدافع عن حقوق الإنسان والمدقق للمعلومات في منظمة العفو الدولية إلى وضع هذه الصور في خانة «الترويج الدولي» لقوات سوريا الديمقراطية.
ولا يمكن تفسير تلقف وسائل الإعلام لهذه الصور باهتمام بالغ، من وجهة نظر الناشط الحقوقي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه في حديثه لـ«القدس العربي»، بسبب تعليمات المنظمة الدولية، إلا في إطار «التغطية على ممارسات التهجير القسري السابقة التي ارتكبتها «الوحدات» في مناطق الإدارة الذاتية شمال سوريا».
وأوضح الناشط المشارك في إعداد التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2015، الذي وثق حالات تهجير قسري، وهدم منازل في مناطق الإدارة الذاتية قائلاً، «لقد زرت كلاً من كوباني، وتل أبيض ضمن وفد المنظمة، وعاينت عن قرب ما تعرض له العرب سكان تلك المناطق، من جرائم الخطف وتهجير قسري ترقى لأن تكون ممارسات تهجير طائفية، ارتكبتها وحدات حماية الشعب بحقهم»، متسائلاً «كيف لجهة كانت مسؤولة عن ارتكاب الجرائم بحق المدنيين من جهة، أن تتحول إلى راعية لحقوقهم من جهة ثانية».
وتعليقاً على تباين آراء النشطاء تجاه الصور، رأى الناشط الإعلامي أحمد محمد من مدينة منبج «أن الجميع ساهم بالترويج للوحدات»، مبيناً «لقد ساهم النشطاء على اختلاف موقفهم سواء الرافض الذي وصل به الحد للشتم في بعض الأحيان، أو المبارك، أو المجامل، في الترويج للصور، التي تعتبر جزءاً أساسياً من حملة دولية لإظهار قوات سوريا الديمقراطية، على أنها حامية للمدنيين».
وحول صدقية الصور من عدمها، رجح الناشط في حديث مع «القدس العربي»، صحة هذه الصور، مضيفاً «لم تجبر النسوة على التقاط الصور، وحتى الرجل الذي ظهر وهو يحلق لحيته كذلك الأمر أيضاً».
واستطرد محمد «قد تأتي هذه الأفعال التي أظهرتها الصور، كردة فعل ضد فرض التنظيم خلال عامين من حكمه المدينة قوانين صارمة، وذبح وقتل العديد من أبناء المدينة». وفي سياق منفصل سخر نشطاء من ترويج «الوحدات» لنفسها على أنها الجهة «المدافعة عن حقوق المدنيين» في منبج، في الوقت الذي قامت فيه باعتقال رئيس المجلس الوطني الكردي في سوريا إبراهيم برو يوم السبت، وسط مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا.
وفي بيان أدان فيه الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، اختطاف حزب الاتحاد الديمقراطي لرئيس المجلس الوطني، محملاً الحزب مسؤولية سلامة برو، ومطالباً بالإفراج الفوري عنه.
القدس العربي – مصطفى محمد