ما أن ظن الجميع أن معركة الرقة وتحريرها من تنظيم «الدولة» أصبح قاب قوسين أو أدنى حتى توجهت الأنظار لمدينة منبج التي يسيطر عليها التنظيم منذ ثلاثة أعوام تقريباً، فقامت القوات الكردية مدعومة بتغطية جوية أمريكية ومستشارين أمريكييّن بهجوم مفاجئ على مدينة منبج تزامن ذلك مع فتح النظام لمعركة الطبقة بدعم جوي واستشاري روسي.
وعن تفاصيل معركة منبج تحدث لـ «القدس العربي» الناشط فرج الفارس قائلاً: انسحب تنظيم «الدولة» من القرى المحيطة بمنبج فتمكنت بذلك قوات سوريا الديمقراطية من القضاء على خطوط الدفاع الأولى، حيث سيطرت على قرابة 50 قرية وبهذا تكون القوات الكردية حاصرت تنظيم «الدولة» من ثلاث جهات، لكنها لم تدخل المدينة بعد، وتجري الاشتباكات حالياً بين كر وفر على محاور «عين النخيل»و»المنكوبة» اللتين تبعدان حوالي أربعة كلم عن المدينة.
وتأتي أهمية مدينة منبج للقوات الكردية من كونها تقرب المسافة بين مقاطعات الجزيرة وكوباني «عين العرب»من كانتون عفرين غرب الفرات الأمر الذي يساهم في اقتراب الحلم الكردي السوري من التحقيق على الرغم من مخاطر ذلك من جهة تركيا، ومدينة منبج كانت تحوي العديد من الكتائب الثورية خاصة لـ»أحرار الشام» قبل أن تترك بعض تلك الكتائب فصائلها وتبايع تنظيم «الدولة» فهي بالنسبة للتنظيم خزان بشري كون أغلبية عناصره في ريف حلب الشرقي الشمالي منها، ويقطنها حالياً قرابة 20 ألف مدني وهي تحتوي على مساحات زراعية لا بأس بها، وشهدت المدينة في الأيام الماضية موجة نزوح للأهالي نحو مدينة الباب حيث سمح التنظيم لهم بذلك.
وتزامنت هذه المعارك مع عشرات الغارات الجوية من قبل التحالف، والمعركة الأخرى المتزامنة مع معركة منبج وهي لا تقل ضراوة عنها، ويهول لها الإعلام التابع لروسيا وإعلام النظام أيضاً، وهي معركة الطبقة وعن مساراتها الميدانية تحدث لـ «القدس العربي» الناشط معن الحسين قائلاً: «قاد سهيل الحسن ضابط النظام المعول عليه رتلاً منذ أسابيع متوجهاً إلى اثريا الطبقة حيث هاجمت قوات النظام مواقع التنظيم في مفرق الطبقة الرصافة، وتمكنت من السيطرة على بعض المواقع الصغيرة للتنظيم وتتم هذه المعركة بتغطية جوية روسية وبجهود استشارية من قبل الروس الذين يدعمون النظام ضد ما يسمونه حرباً على الإرهاب بحيث يظهرون جيش النظام بصورة المحارب الوحيد والجدي للإرهاب، ويريد النظام استباق سيطرة القوات الكردية على الرقة أو الطبقة حيث تصبح ليست تابعة للنظام بل كجزء من الكانتون الكردي».
ويضيف: لكن تقدم النظام ضئيل ولا يذكر مع العلم أن هناك تضخيماً إعلامياً دون أن يغير ذلك من حقيقة هذا التقدم، بل تمكن التنظيم من مباغتة النظام على طريق إثريا السلمية، كما سيطر التنظيم على حاجز للنظام بالقرب من قرية أبو العلاج على طريق الرقة ـ إثريا.
وذكرت وسائل إعلامية مقربة من النظام أن قواته سيطرت على قرية خربة زيدان التي تبعد خمسة كلم من مفرق الرصافة، وعن خيارات التنظيم إزاء هذه المعارك على الجبهتين منبج والطبقة يقول القيادي المقرب من التنظيم أبو خزيمة الشامي: «أراد تنظيم الدولة جر المعركة في منبج للمدينة لذا انسحب من تلك القرى المحيطة بالمدينة والتي تشكل جغرافياً مكاناً مكشوفاً مما يسهل على طائرات التحالف التأثير على عناصر وآليات التنظيم، ومعركة المدن هي تساعد التنظيم عسكرياً ضد عدوه، كما أن التنظيم يريد خلط الأوراق بالمنطقة، فعبور الكرد غرب ضفة الفرات يخلق حالة لأزمة تركية أمريكية هذا في حال لم يتمكن التنظيم من الصمود فإنه سيسارع لخلط تلك الأمور، كما أن معركة منبج تؤخر معركة الرقة وربما تعيقها في حال استنزفت القوات الكردية في معارك منبج، وعليه قام التنظيم مؤخراً بالإنسحاب من قرى» كلجبرين وكفر كلبين» لتدعيم جبهة منبج.
أما بخصوص معركة النظام السوري تسانده روسيا في ريف الطبقة فإن تلك المعارك لم تحقق شيئاً للنظام فسبق للنظام أن جرب الوصول لدير الزور عبر تدمر السخنة؛ لكنه فشل وسيفشل هنا لأن طرق إمداد النظام طويلة وهي مهددة كل يوم بالقطع، ويستطيع التنظيم فعل ذلك وهذا ما يحدث كل شهر تقريباً فلا يستطيع النظام الغوص أكثر في عمق تلك الصحراء والتنظيم سيحاول تشتيت النظام على محاور اثريا سلمية خناصر وكذلك في دير الزور».
القدس العربي