بعد سيطرة قوات النظام السوري على مدينة تدمر الإستراتيجية، وإخراج تنظيم «الدولة» منها عقب معارك ضارية بين الطرفين استمرت ثلاثة أسابيع بغطاء جوي روسي ومساندة قوات الميليشيات الشيعية الذي استقدمها النظام من كثير من الجبهات مع المعارضة التي شهدت سكونا بسبب الهدنة، واصلت قوات النظام هجومها على معاقل التنظيم في ريف حمص الشرقي والجنوبي الشرقي، حيث شنت هجوما عنيفاً من أجل السيطرة على مدن القريتين، والسخنة فتركزت المعارك في محيط مدينة القريتين الإستراتيجية.
وتكمن أهمية هذه المدينة بأنها تبعد عن مركز مدينة حمص 85كلم، وعن تدمر 160كلم، ويجاورها من الغرب مهين وصدد التي تسكنها غالبية مسيحية، ويحيط بها من الجنوب سلسلة جبال تمتد حتى سلسلة جبال القلمون التي يحاول التنظيم إيصال فرعه بالقلمون فيها. هذا من جهة ومن جهة أخرى تقع بين تدمر والحدود السورية اللبنانية، وقربها أيضا من الطريق الواصل بين مدينة حمص ودمشق.
وعن تلك المعارك يقول الناشط الإعلامي بريف حمص الشرقي خضير خشفة إن قوات النظام كعادتها اتبعت سياسة الأرض المحروقة مدعومة بالخبراء والطائرات الروسية، وقوات نخبة لحزب الله اللبناني، بالإضافة لقوات إيرانية. وعن سير المعارك بين التنظيم والنظام السوري يضيف خشفة «قوات النظام تقدمت وسيطرت على تلة ظهر الخزنوبي، ونقطة الراقمة المهمة، وعلى نقطتين على اتجاه الحزم الثاني، بالإضافة لسيطرتها على النقطة861. وفي الوقت نفسه فتحت قوات النظام جبهات عدة في البادية لتشتيت عناصر التنظيم والضغط باتجاه عمقه الصحراوي، فبعد سيطرتها على تلك النقاط في محيط القريتين، واصلت هجومها على مدينة مهين التي لا تبعد كثيرا عن القريتين.
وتأتي أهمية مهين كما يقول الناشط في ريف حمص الشرقي إنها تبعد20 كلم عن الأوتستراد الدولي دمشق حلب وقربها من بلدة صدد، «وفي حال وصل التنظيم إلى الأوتستراد الدولي فإنه سيكون على مشارف بلدة البريج جنوبا التي تعتبر بوابة شمالية للقلمون الغربي، وعلى مقربة من حسيا والقصير في ريف حمص الجنوبي»، بحسب المصدر.
في هذه الأثناء تحاول قوات النظام السيطرة على خط الدفاع عن عمق البادية، وهي مدينة السخنة ذات الأهمية البالغة للتنظيم حيث تقع على الطريق الواصل بين تدمر بدير الزور، هي معقل التنظيم ومحط أنظار النظام الذي تحاصر قواته تنظيم «الدولة»، بهدف الوصول إلى دير الزور، والتضييق على التنظيم، وذلك من خلال ربط ذلك بالتحالف الدولي الروسي.
ويرى أحد المحللين أن موسكو تريد جعل القوات السورية أحد الأضلاع الأساسية في القضاء على التنظيم من خلال الدعم الجوي وشرعنتها، وبناء تحالفات فمن جهة البادية دعم روسي لقوات النظام من ناحية الغرب لدير الزور بالتنسق مع قوات العشائر، ومن شرق الصحراء الضغط على التنظيم من جهة هيت بدعم دولي.
ويقول القيادي العسكري السابق بـ»الجيش الحر» أبو خالد «بحيث تتولى القوات الكردية مهمة مهاجمة التنظيم من الشمال باتجاه الرقة، وبذلك يتم تضيق الخناق على التنظيم من تلك المحاور الثلاثة».
وعن خيرات التنظيم يقول قيادي مقرب منه بأن الصحراء تشكل حاضنة مهمة للتنظيم، تساعده على الانتشار مما يقلل خسائره نتيجة الضربات الجوية للتحالف، ويضيف «طريقة التنظيم بالتعامل مع تلك المرحلة القادمة هي اتباع حرب ما يسمى بعرف الجهادين الإثخان بالعدو بمعنى اتباع تفجير المفخخات والعمليات الإنغماسية دون التشدد بالاحتفاظ بالمدن التي من شأنها تزيد من خسائر التنظيم في الأفراد».
وعن كيفية تعامل التنظيم إذا ما اقترب النظام من دير الزور يقول القيادي المقرب من المجموعات الجهادية «إن التنظيم سيحاول زيادة قضم المناطق من النظام داخل مدينة دير الزور».
وبخصوص طريقة دفاعه بالبادية يقول القيادي «تكمن في بعثرة القوات من خلال إنهاكها في رمال الصحراء، لأن هناك مسافة شاسعة بين تدمر ودير الزور تقدر بـ حوالي 200كلم، والتنظيم يجيد المناورة والقتال فيها».
القدس العربي