تفاجأ سكان قطاع غزة، بترديد المساجد أذان العشاء مرتين على فترات تباعدت عن بعضها لأكثر من نصف الساعة، لعدم معرفتهم بأن الأمر كان معطى لها، يقصد فيها «العناد» للسلطات الإسرائيلية التي أقرت قبل يومين قانون حظر الأذان في المسجد الأقصى، والمناطق المحتلة عام 1948، في الوقت الذي تواصت فيه التنديدات الرسمية لهذا القرار.
وبشكل مفاجىء وعقب انتهاء صلاة العشاء في مساجد قطاع غزة، رفع المؤذنون من جديد الأذان مرة أخرى، في رسالة تحد لسلطات الاحتلال الإسرائيلية.
وجاءت الخطوة بعد ساعات فقط من إقرار الكنيست بالقراءة التمهيدية قانونا جديدا، يمنع رفع الأذان وقت الصلاة عبر مكبرات الصوت، في مدينة القدس والمناطق المحتلة عام 48، وهو ما اعتبر خطوة تحد لمشاعر المسلمين، حيث وصف الكثيرون من المسؤولين الفلسطينيين الأمر بأنه «حرب دينية»، تريدها إسرائيل.
ودعا مواطنون من غزة الى ترديد أذان العشاء رفضا للقانون الإسرائيلي، وفتح مكبرات على أعلى صوت، على مقربة من المناطق الحدودية الفاصلة عن إسرائيل، التي توجد فيها قوات جيش الاحتلال، وتلك المناطق التي تقع على مقربة منها بلدات إسرائيلية، في خطوة تحدي لحكومة إسرائيل، تظهر أن القانون لن يستطيع إسكات صوت المؤذن ولا مكبرات الصوت.
وكان وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في غزة الدكتور حسن الصيفي، قال في تصريح صحافي إن إقرار القانون يعد «جريمة». وأضاف متحديا «سنرفع الأذان في مساجدنا رغماً عن الاحتلال ولن نرضخ لقوانينه العنصرية». وأكد أن الوزارة في غزة أصدرت تعميماً لأئمة المساجد كافة في جميع محافظات قطاع غزة برفع الأذان وقت العشاء وتكراره عدة مرات، مطالبا في الوقت ذاته وزارات الأوقاف في الدول العربية والإسلامية باتخاذ ذات الخطوة في مساجدها رداً على «جريمة الاحتلال». وقال إن إقرار القانون يعد «انتهاكا لحرية العبادة»، وتساءل عن دور مؤسسات حقوق الإنسان في التصدي للقرار.
وفي إطار الاحتجاجات في قطاع غزة، نظمت حركة الجهاد الإسلامي، وقفة أكدت خلالها على «عنصرية القرار الإسرائيلي».
وبدأت الوقفة برفع الأذان عبر مكبرات الصوت، في رسالة موجهة لقيادة الاحتلال وأعضاء الكنيست الذين مرورا القانون، ورفع خلالها المشاركون لافتات كتب عليها «الأذان هويتنا»، و لن تسكت المآذن». وقال أحمد المدلل القيادي في حركة الجهاد في كلمة له «إن الاحتلال استباح دماءنا وأعراضنا، واليوم استباح عقيدتنا»، مضيفا «لن يمر القرار إلا على دمائنا وأجسامنا». وأكد أن الاحتلال لن يتمكن من منع رفع الأذان في سماء، مؤكدا أن «العدو يستهدف الشعب والمقدسات»، وأنه يعمل على تحويل الصراع الى صراع ديني، من خلال تقسيم المسجد الأقصى مكانيا وزمانيا.
وأكد أن المقاومة لن تسمح للاحتلال بأن يتغول على الشعب الفلسطيني وعلى مدينة القدس والفلسطينيين القاطنين في المناطق المحتلة عام 48، مشيرا إلى أنها «جاهزة لصد الاحتلال، وأن زمن الهزائم قد ولى».
ودعا المدلل السلطة إلى وقف المفاوضات وعملية التنسيق الأمني، كما دعا الأمة العربية والإسلامية إلى «تحشيد طاقاتها لنصرة القضية الفلسطينية والمسجد الأقصى».
وكان المجلس الوطني الفلسطيني، قد حذر من عواقب استمرار إقرار الكنيست لما وصفها بـ «القوانين العنصرية والفاشية»، وآخرها قانون إسكات رفع الأذان في المساجد. وناشد في بيان له الاتحاد البرلماني الدولي وكافة الاتحادات البرلمانية الإقليمية والدولية لتحمل مسؤولياتها لـ «لجم الكنيست الإسرائيلي، واتخاذ عقوبات رادعة بحقه». وأكد أن القوانين الإسرائيلية «تنتهك القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومواثيق حقوق الإنسان»، مضيفا أن الاستمرار في إقرار القانون «سيجر المنطقة الى أتون حرب دينية تكون وبالا على الجميع».
وقال «إن منع الضجيج والضوضاء كما يدعي (بنيامين) نتنياهو لا يأتي بإسكات الأذان، بل بتنظيفها من الاحتلال وقطعان المستوطنين والمتطرفين».
وأكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن مصادقة الكنيست على قانون « إسكات صوت الأذان»، يأتي ضمن «الإجراءات العنصرية المتواصلة» التي يمارسها ويسعى الاحتلال إلى توسيعها. واعتبرت الجبهة في تصريح لها تلقت «القدس العربي» نسخة منه، أن الاحتلال لطالما سعى إلى «محاولة تحويل» الصراع مع شعبنا إلى صراع ديني بهدف خلط الأوراق وتشريع احتلاله وتبرير وجوده وتكريس يهودية الدولة على أنقاض شعبنا، والانقضاض على الهوية الوطنية الفلسطينية». وأبدت قناعتها بأن الشعب الفلسطيني في الداخل والقدس سيسقط هذا القانون، وسيواجهه كما واجه وما زال القوانين العنصرية وسياسة الترحيل وهدم البيوت. وأكدت على ضرورة إعادة الاعتبار لـ «نهج المقاومة بكافة أشكالها أسلوباً وممارسة على الأرض»، كما طالبت بـ «تفعيل الحالة الجماهيرية» وصولاً لانتفاضة شعبية.
وقالت إن تحويل الرفض والغضب الشعبي العارم من الاحتلال وجرائمه وقوانينه العنصرية، وكافة أشكال التنسيق الأمني «سيجعل من هذه الإجراءات العنصرية الاحتلالية مكلفة ومرهقة»، مشددة أن الاحتلال «لن ينجح في فرضها على شعبنا أو تكريس معادلات جديدة».
المصدر: القدس العربي