هناك ما يزيد عن 3.000 طفل سوري يهيمون على وجوههم في أوروبا بدون آباء أو أمهات يعتنون بهم. فهؤلاء هم من قذف بهم البحر أو نجوا من حطام حرب أهلية تدخل عامها السادس.
معظم هؤلاء أيتام، ويزيد ألم النزاع عليهم ورضوضه بؤس المنفى، وهذا أمر غير طبيعي. فكما كتب المؤرخ اليوناني هيروديت: «وقت السلام يدفن الأبناء آباءهم ، وفي وقت الحرب يدفن الآباء الأبناء». ومن هنا تعلق صحيفة «التايمز» في افتتاحيتها على وضع الجيل السوري الضائع الذي لا يواجه الآن رضوض الحرب وألم المنفى فقط بل وبرودة شتاء أوروبا. وتخشى ألا يلاحظ أحد حالة هؤلاء الأبناء والبنات المهجورين وفيما إن كانوا سيموتون أو يعيشون.
وتعتقد الصحيفة أن بريطانيا تستطيع المساعدة ويجب أن تفعل هذا خاصة أنها ردت على الأزمة المتواصلة بتقديم 1.1 مليار جنيه إسترليني لجهود الإغاثة والتي قدمت بشكل رئيسي للذين فروا من بيوتهم ويعيشون في معسكرات اللاجئين في الأردن ولبنان.
وتعتقد أن المساعدة التي قدمتها بريطانيا تتفوق على المساعدات التي تبرعت بها دول أوروبية أخرى.
كما وافقت حكومة بريطانيا على توطين 20.000 لاجىء ممن بحاجة ماسة ويعيشون في المخيمات.
وعليه فمن السهل مساعدة الأطفال الذين يعتبرون من أكثر الفئات حاجة. وأجبر الدعم من المصادر غير البريطانية غير المنظم والضغوط التي يئن تحت وطأتها لبنان والأردن عائلات أو أوصياء لإخراج الأطفال من المدارس وإرسالهم إلى سوق العمل. وزادت نسبة الأطفال العاملين في الأردن من 5 % قبل إيلول/سبتمبر العام الماضي إلى 29%.
ويتم دفع البنات، في عمر لا يزيد عن الثالثة عشرة، للزواج لتخفيف مسؤوليات توفير المعيشة للأبناء. ولوحظ انتشار التسول وهناك تقارير عن حالات من استغلال الأطفال جنسيا.
البحث عن كرامة
لكل هذه الأسباب لم تتوقف موجات المهاجرين عبر البحر المتوسط ومنه إلى قلب أوروبا. وتهرب العائلات وتعرض أبناءها للمخاطر ولا تبحث فقط عن حياة جديدة ولكن عن كرامة، كما تقول الصحيفة.
وتواصل قائلة إن هناك منطقا قويا يدعو لتوفير كميات كبيرة من المساعدات للسوريين الذين يعيشون في المخيمات. كما أن هناك حالة أخلاقية تستدعي النظر ومساعدة الأطفال العالقين في أماكن اخرى من أوروبا.
وتقوم الجمعيات الخيرية البريطانية بتوفير أكياس النوم والمواد الغذائية للعالقين في ما يطلق عليه معسكر «الغابة» في بلدة كاليه الحدودية. وتضيف أن الأطفال هناك بحاجة لأكثر من ملجأ جاف، فهم بحاجة للحماية والتعليم ومناخ آمن.
وترى أن من واجب فرنسا توفير العناية لهؤلاء اللاجئين الذين وصلوا إلى طرف منطقة «شينغين».
وتعتقد أن نقل اللاجئبن من كاليه وإرسالهم عبر القنال الإنكليزي لن يؤدي إلا لتحول الميناء مركز جذب للمهاجرين اليائسين، وستتكرر أخطاء سياسة الأبواب المفتوحة التي انتهجتها ألمانيا. ومع أن الصحيفة رحلت مشكلة اللاجئين العالقين في كاليه للدول الأخرى، إلا أنها تعود وتقول إن بريطانيا لا يمكنها تجاهل المشكلة، مشيرة لسجل هذا البلد في توفير العناية للمهاجرين. وهذا يتبدى من تاريخ جمعية «سيف ذا تشيلدرن» (أنقذوا الأطفال) التي أنشئت عام 1919 لاستقبال الأطفال الجوعى ومشردي الحرب من القارة الأوروبية.
ومن خلال حملة «النقل اللطيف»، قامت المنظمة سابقا بنقل 10.000 طفل يهودي من ألمانيا النازية، وشجعت المواطنين على استقبال اللاجئين في بيوتهم وتوفير الدعم المالي لهم.
وتعتقد الصحيفة أن هناك منظورا لحملة مماثلة تقوم بها الجمعيات الخيرية الخاصة وتعاونا من السلطات المحلية.
ويجب أن يتم وضع كل طفل مع عائلة وتوفير مدرسة له وعناية نفسية. وتعترف الصحيفة بأن الحملة أو البرنامج المقترح ستضع ضغوطا على مصادر الدولة، إلا أنها تعطي بريطانيا فرصة في الأوقات المظلمة للمساعدة وعليها انتهازها.
سلام فاشل
ويتزامن الحديث عن مأساة الأطفال واستمرار الرحيل السوري مع إعلان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، عن موعد جديد لمحادثات جنيف التي كان مقررا البدء بها في 25 كانون الثاني/يناير الحالي، وقال إن المحادثات ستعقد يوم الجمعة.
وعلل دي ميستورا التأخير بالخلافات وانسداد الأفق حول من يجب أن يشمل أو يستبعد من الفصائل التي ستشارك في المحادثات.
وعلقت صحيفة «واشنطن بوست» بأن التأخير والصيغة التي تقترحها الأمم المتحدة لعقد المحادثات بين وفدي المعارضة والحكومة يظهران حجم التحديات التي تواجه المجتمع الدولي لجمع طرفي الصراع السوري والذي خلف حتى الآن ما يقرب عن 250.000 قتيل وشرد ما يقرب عن 12 مليون سوري وأرسل موجات من المهاجرين إلى أبواب أوروبا. وتشير الصحيفة للخلافات حول طبيعة مشاركة المعارضة السورية ورفض روسيا ضم فصيل «جيش الإسلام» للقائمة وإصرار موسكو على مشاركة تنظيمات مثل «حزب الاتحاد الكردستاني» وهو ما تعارضه تركيا التي قالت إنها ستسحب دعمها للقاء إن شاركت الجماعات الكردية ضمن وفد المعارضة.
وفي الوقت نفسه دعت أنقرة لخطوات بناء ثقة قبل الاجتماع، مثل وقف الغارات ضد المدنيين وتوفير المساعدات الإنسانية للبلدات المحاصرة والتي يواجه سكانها خطر الموت جوعا. وقالت الصحيفة إن الإنجازات التي حققها النظام في أنحاء مختلفة من البلاد قادت للتساؤل إن كان بشار الأسد في مزاج لتقديم تنازلات على طاولة المفاوضات.
وتشير الصحيفة إلى التقارير التي تحدثت عن تحذير جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، للمعارضة في العاصمة السعودية من أن الولايات المتحدة لم تعد تضغط باتجاه رحيل الأسد كنتيجة للمفاوضات.
ونفى كيري، يوم الإثنين، أن يكون نطق بهذه التصريحات. وأكد أن موقف الولايات المتحدة لم يتغير، «ولا زلنا ندعم المعارضة سياسيا وماليا وعسكريا» وأكد أن مصير الأسد يقرره السوريون. وترى الصحيفة أن تأخير المحادثات قلل من التوقعات، مشيرة إلى أن آخر مرة التقت فيها المعارضة والنظام كانت في جنيف قبل عامين وانهارت بعد أسابيع، وكان واضحا أن الحكومة السورية لم تكن مستعدة لتقديم تنازلات للمعارضة التي تطالب بنهاية عهد الأسد. ولهذا أبدى دي ميستورا حذرا وقال إنه ليس متعجلا لتنظيم مفاوضات سلام. وقال: «أنا واع لمخاطر ما حدث في جنيف 2».
موقف واشنطن
وتعقيبا على الجهود الدبلوماسية، نشر موقع «مجلس العلاقات الخارجية» الأمريكي مقابلة مع فيليب غوردون، الزميل البارز فيه.
وعلق قائلا إن المسؤولين الأمريكيين يهدفون «للبحث عن طريق بين مطالب التغيير المباشر للنظام وبين من لا يريدون تغيير النظام». وقال غوردون، الذي عمل سابقا مسؤولا عن الملف السوري بمجلس الأمن القومي: «لكن ليس من الواضح إن كان بالإمكان إغلاق الدائرة». وأشار إلى مشكلة اختيار فصائل المعارضة وصعوبة الاختيار من عدد كبير منها، خاصة أن لكل لاعب خارجي في الأزمة السورية فصيله المفضل، «فمن يرغبون بإطاحة الأسد يتسامحون مع ضم «أحرار الشام» إلى الوفد، أما الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فيعتقدان أن الفصيل قريب من «جبهة النصرة».
وتركيا تدعم تمثيل التركمان، وهي قلقة من حضور الأكراد. ولا يريد السعوديون والقطريون والأتراك السماح لعناصر متعاطفة مع النظام بلعب دور هام في المحادثات».
ويشير إلى إصرار كل من روسيا وإيران على الحفاظ على نظام الأسد الذي تريد قطر وتركيا والسعودية رحيله.
ومن هنا يقول غوردون إن الولايات المتحدة تحاول البحث عن «موقف وسط» من خلال وضع جدول زمني لرحيل الأسد، أو تخفيض مهام الرئيس وتقوية الحكومة الإنتقالية. ويعترف غوردون بأنه لم يتم ردم هوة الخلاف بعد حول المسألة المثيرة للانقسام وهي مستقبل الأسد.
ويشير المسؤول الأمريكي السابق لحسابات موسكو حول تغيير الأنظمة في المنطقة، وأن انهيار النظام في سوريا لن يؤدي لوصول المعتدلين إلى السلطة، بالإضافة لرغبتهم بالحفاظ على مصالحهم العسكرية في المنطقة خاصة قاعدة طرطوس. وتختلف مصالح إيران عن روسيا، فهي تعتبر سوريا استراتيجية لمواصلة دعم وكلائها خاصة «حزب الله» اللبناني. ويعتقد غوردون أن بدء تطبيق الإتفاق النووي ورفع العقوبات عن إيران لا يعني رغبة الأخيرة بالتراجع عن دعمها لنظام الأسد.
ويعتقد أن أي نتيجة من نتائج الاتفاق ستتأثر بطبيعة المنافسة بين إيران والسعودية في سوريا وبالمنطقة بشكل عام.
ويصور غوردون الوضع العسكري في سوريا بالمتغير دائما. وهو ما يؤكد عدم قدرة أي فريق على تحقيق الانتصار على الطرف الآخر.
فالنظام لا يستطيع تحقيق حسم عسكري في كل سوريا كما كان عليه الحال قبل عام 2011. وبنفس السياق لا يمكن للمعارضة إطاحة نظام الأسد نظرا لدعم الأقلية العلوية والمسيحية وقطاع من الغالبية السنية له.
اتفاقيات وقف إطلاق النار
وفي ضوء هذا الانسداد يقترح بسام برابندي، مدير جمعية «الشعب يريد التغيير»، وحسن حسن، الباحث بمعهد التحرير في واشنطن، طريقة يمكن أن تلعب فيها روسيا وإيران دورا لحل الوضع الحالي في سوريا.
ففي مقال لهما، نشره موقع «فورين أفيرز»، تحدثا في بدايته عن مأساة بلدة مضايا التي عانت من محاولات النظام السوري هزيمة المعارضة رغم أن الأخيرة وافقت على اتفاق وقف لإطلاق الناس مع النظام السوري.
ولا تثق المعارضة به لأنه غالبا ما يقوم بانتهاك وقف إطلاق النار. ويرى الكاتبان أن نموذج وقف إطلاق النار، الذي رعته وضمنه داعما النظام وهما إيران وروسيا، يمكن أن يشكل أرضية لتوقيع اتفاقيات ناجحة.
ويتحدث الكاتبان عن محادثات السلام يوم الجمعة، حيث يرى أن هناك مشاكل تعتريها وقد تؤثر على احتمال نجاحها، منها شعور المعارضة السورية بأن أمريكا لا تقوم بدعم موقفها بشكل كبير ضد الجبهة المؤيدة للنظام وهما روسيا وإيران.
فترى المعارضة أن على النظام إطلاق سراح السجناء ورفع الحصار ووقف قصف مناطق المدنيين، وهو ما دعا إليه بيان فيينا وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. وترد الولايات المتحدة بأنها تقوم بممارسة الضغط الكافي، ولكن على المعارضة أن تضع توقعات واقعية ولا تعمل على تخريب محادثات السلام.
وتظهر مقابلات، قال الكاتبان أنها أجريت مع عدد من جماعات المعارضة في الأسابيع الماضية، قبول هذه مبدئيا باتفاق وقف إطلاق النار مع النظام وإنشاء منطقة عازلة بين الطرفين تسمح بمرور المساعدات الإنسانية. ومع ذلك لا يزال قادة المعارضة يشكون في نوايا النظام وما يريد تحقيقه.
وأشار عدد منهم إلى أن اتفاقيات وقف إطلاق النار نجحت عندما لقيت دعما من طرف ثالث مثل إيران أو روسيا.
وعندما أجبر الأسد على قبولها ولو مؤقتا نظرا للضغوط العسكرية عليه وبسبب قدرة المعارضة المسلحة على ضرب مصالحه.
ويعتقد قادة المعارضة أن روسيا وإيران يمكن أن تلعبا دور العراب النزيه في اتفاقيات وقف إطلاق.
وأكدت معظم الجماعات على الحاجة لحوار سياسي مع النظام وتسوية عادلة، بدلا من توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار فقط. لاعتقادهم أن هذه الإتفاقيات ما هي إلا حلول آنية ويستخدمها النظام لإعادة نشر قواته في مناطق آخرى أو السيطرة على المناطق نفسها عندما تحين له الفرصة.
وكشف ممثل عن «جيش الإسلام» أن النظام اقترح 30 مرة على مجموعته لوقف إطلاق النار في منطقة الغوطة الشرقية التي يسيطر عليها.
ولكنه رفض نظرا للشروط التعجيزية التي وضعها النظام: استسلام، وتسليم السلاح، ووقف الأعمال العدوانية.
وقبل «جيش الإسلام» لاحقا اتفاقا أشرف عليه الروس الذين أرسلوا وفدا عسكريا للتوسط، وهو ما قدم صورة عن جدية الروس.
واشترطت المعارضة على النظام ألا يعيد نشر 15.000 من جنوده في الغوطة لمناطق أخرى، والسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى المحاصرين. لكن الإتفاق لم يتم تطبيقه في ما بعد.
وقال ممثل آخر عن «أحرار الشام» إن فصائل المعارضة عادة ما تتذمر من وقف إطلاق للنار طويل الأمد، خاصة إن لم يكن جزءا من تسوية شاملة، وهو ما يؤدي إلى انشقاق عناصر التنظيم والانضمام إلى جماعات أخرى.
وعندما تفقد الجماعات المبرر للقتال اليومي يترك عدد من أفرادها مواقعهم. ويسمح للنظام باستخدامهم لأغراض التجنيد.
ونقل الكاتبان عنه قوله إن «إتفاق وقف إطلاق النار سيساعد الروس والإيرانيين على تقوية وضعهم، ويمكن انتهاكه في غياب تسوية أو ضمانات، فإما تسوية سياسية شاملة أو لا شيء». وسجل الكاتبان الموقف نفسه لدى قادة الجبهة الجنوبية والفصائل التي تقاتل في منطقة الساحل.
ونقل عن ممثل لـ»جبهة العز»، التي تتلقى دعما من الولايات المتحدة، قوله إن جماعته لم تكن جزءا من أية ترتيبات وقف إطلاق النار مع النظام. واعترف بوجود قنوات اتصال مع ميليشيات محلية مؤيدة للنظام. ومن هنا فالطريقة الوحيدة للقبول بوقف إطلاق النار هي التوصل لحل يستجيب لمطالب الثورة. ويرى رئيس هيئة أركان الجيش الحر، الجنرال أحمد باري، أن مسألة وقف إطلاق النار تعتمد على محادثات السلام والمفاوضات حول مستقبل الأسد ونظامه السياسي، خاصة أن المعارضة «تعبت من الوعود الكاذبة».
أمثلة
ويقدم الكاتبان هنا مناقشة لعدد من مظاهر وقف إطلاق النار، حيث تمت في 30 بلدة وفي أنحاء مختلفة من البلاد.
وبعض هذه لم يتم خرقها خاصة في نواحي دمشق مثل ببيلا ويلدا والبرزة وبيت سحم، والتي لا تزال قائمة ومفتوحة تسمح للمقاتلين بإدارة شؤونهم مقابل تخليهم عن السلاح الثقيل وقيام النظام بوضع نقاط تفتيش في خارج البلدة.
وفي مناطق أخرى، مثل القابون وتشرين، ظل وقف إطلاق النار قائما رغم الانتهاكات المستمرة للنظام.
ويشير الكاتبان هنا لاتفاق ناجح بين النظام والمعارضة في قلعة المضيق في حماة، حيث اتفق الطرفان على وقف الأعمال العدائية. ولا يمنع اتفاق وقف النار أن يقوم النظام بوقف أو استهداف البلدة المعنية، كما في المعضمية، التي وقعت اتفاقا عام 2013 ولكنها اليوم تعاني من قصف، بما في ذلك تقارير عن هجمات بالسلاح الكيماوي. كل هذا رغم خطوات حسن النية من المعارضة المسلحة، بما فيها رفع علم الحكومة عام 2013 في محاولة لوقف الحصار الطويل.
ويعتقد الكاتبان أن أنجح اتفاق لوقف إطلاق النار كان الذي وقعه «جيش الفتح» مع النظام وشمل 14 بلدة في جنوب وشمال سوريا.
ووقع الإتفاق بعدما فشل «حزب الله» في هزيمة تحالف معاد للأسد في الزبداني، قرب الحدود مع لبنان ورعته إيران نيابة عن نظام الأسد.
ويرى الكاتبان أن اتفاق الزبداني علم نقطة مهمة في قدرة جماعات المعارضة على إجبار النظام لتقديم تنازلات، وأظهر أن تدخل قوى خارجية لتحقيق الاتفاق يفرض قيودا على النظام.
وتظل قدرة المعارضة على مواجهة أساليب النظام العسكرية في مناطقه الرئيسية تعتبر مفتاحا لاستمرار وقف إطلاق النار.
فقد انهارت اتفاقيات في البلدات التي وقعت فيها بناء على حسن نية من المعارضة عندما وجد النظام مصلحة في التراجع عنها.
وفي المقابل استمرت الاتفاقيات في المناطق التي كبدت فيها المعارضة النظام خسائر في الأحياء والمدن الموالية له، نظرا لعدم قدرته على سحق المعارضة.
وبناء عليه، يقول الكاتبان إن مشاركة كل من إيران وروسيا في التفاوض لاتفاق وقف النار يعطي المعارضة ضمانا.
وهناك ما يدفع روسيا لهذا، فهي لم تحقق تقدما يذكر ضد المعارضة، أما إيران فقد أجبرت حلفاء الأسد للتفاوض عندما اكتشف عدم نجاعة الحل العسكري.
وعليه فهناك رغبة لوقف إطلاق النار داخل فصائل المعارضة، كما أن كلا من إيران وروسيا مستعدتان لتحقيق اتفاقيات أحسن من الأسد. ولهذا فيجب أن تبني محادثات السلام المقبلة على هذا الزخم لا تخريبه.
وإذا لم يكن الأسد لاعبا نزيها، فحلفاؤه على الأقل مستعدون لعمل ما لا يستطيع عمله بنفسه.
إبراهيم درويش
لندن- «القدس العربي»