بعد يومين من المداولات والخلافات غير المسبوقة بين إيران من جهة، والدول الأعضاء في «منظمة التعاون» الإسلامي من جهة أخرى، أنهت القمة الإسلامية الثالثة عشرة للمنظمة أعمالها أمس في مدينة إسطنبول التركية.
وأكدت مصادر خاصة لـ»القدس العربي» شاركت في القمة أن جميع الجلسات شهدت خلافات إسلامية إيرانية لا سيما مع السعودية التي أصرت على تضمين البيان العديد من النقاط التي تدين إيران، متسلحة بدعم أغلب من ثلثي الوفود المشاركة في القمة، الأمر الذي أدى لانسحاب الرئيس الإيراني حسن روحاني من الجلسة الختامية، في خطوة لم تؤكدها مصادر تركية أو إيرانية رسمية.
ولفت المصدر إلى أن إيران حاولت الضغط من أجل إلغاء البنود التي وجهت انتقادات حادة لسياسات طهران، لكن النفوذ السعودي كان الطاغي على القمة ومكن الرياض من تضمين جميع مطالبها في البيان الختامي، مرجحاً أن السعودية لاقت دعماً غير مباشر من قبل تركيا التي تترأس الدورة الحالية للقمة.
وأدان البيان بوضوح «تدخلات إيران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ودول أخرى أعضاء، منها البحرين واليمن وسوريا والصومال، واستمرار دعمها للإرهاب»، مؤكداً على أن علاقات التعاون بين الدول الإسلامية وإيران «يجب أن تكون قائمة على مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام استقلالها وسيادتها ووحدة أراضيها».
وأدانت القمة «الاعتداءات التي تعرضت لها بعثات المملكة العربية السعودية في مدينتي طهران ومشهد في إيران (في يناير/كانون الثاني الماضي)» والتي «تشكل خرقاً واضحاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية واتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية والقانون الدولي الذي يحمي حرمة البعثات الدبلوماسية».
ورفض البيان الختامي»التصريحات الإيرانية التحريضية فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحق عدد من مرتكبي الجرائم الإرهابية في المملكة العربية السعودية»، معتبراً ذلك «تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للسعودية مما يتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي وجميع المواثيق الدولية».
وفيما يتعلق بحزب الله اللبناني، أدانت القمة الحزب لقيامه «بأعمال إرهابية في سوريا والبحرين والكويت واليمن، ولدعمه حركات وجماعات إرهابية تزعزع أمن واستقرار دول أعضاء في المنظمة».
من جانبه حذر عباس عراقجي مساعد وزير الخارجية الإيراني من «أن المنظمة ستندم في المستقبل على قراراتها هذه».
وأعرب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن احتجاج بلاده علي طرح السعودية وبعض حلفائها للبنود التي وصفها بالمعادية لإيران وبند آخر ضد حزب الله اللبناني في مشروع إعلان القمة.
وأكد ظريف «أن هذا السلوك من قبل السعودية يتنافى مع روح التضامن الإسلامي ولا يصب إلا في مصلحة الكيان الصهيوني».
فلسطينياً، أكدت القمة على «ضرورة عقد مؤتمر دولي للسلام في وقت مبكر لوضع آلياتٍ لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية».
أما على صعيد الملف السوري، فأعرب البيان الختامي لقمة اسطنبول «عن قلقه العميق إزاء تواصل العنف وسفك الدماء في سوريا»، وجددت القمة دعمها لإيجاد تسوية سياسية للنزاع الدائر في سوريا على أساس بيان جنيف، وللعملية السياسية برعاية الأمم المتحدة.
من جهته، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، إنه «لمن المحزن أن يُذكر اليوم ورثة حضارة بنيت على أركان السلام والعدالة، إلى جانب الإرهاب والطائفية والصراعات الداخلية «، وذلك في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني.
وأشار أردوغان إلى ضرورة إنشاء مفهوم الوحدة، وفقا لمبدأ «الوحدة قوة».
ولفت إلى أنه «في حال تشكيل هيئة مشتركة للهلال الأحمر بين الدول الإسلامية، سيصبح تقديم المساعدات لجميع دول العالم، أكثر فعالية وقوة»، مشيرًا في الوقت ذاته إلى اقتراح بلاده بتشكيل منظمة تمثّل المسلمين المقيمين في القارة الأوروبية.
القدس العربي