مخيم الزعتري ـ «القدس العربي»: عادت «الكوبونات» الغذائية إلى واجهة القضايا التي تشغل اهتمام اللاجئين السوريين في المملكة الأردنية، بعد الرسائل التي وصلت من برنامج الأغذية العالمي لقسم من العائلات القاطنة خارج مخيمات اللجوء (%25 فقط) تخبرهم فيها بعودة صرف القسائم الشرائية ولكن بمبلغ مخفض عما كان عليه قبيل إيقافه منذ حوالي العام.
وجاء في نص الرسالة المرسلة للاجئين: «سيقوم برنامج الأغذية العالمي بإعادة صرف الكوبونات لأربعة أشهر مقبلة حتى شهر كانون الثاني – يناير من عام 2016م، وبقيمة 10 دنانير أردنية لكل فرد من أفراد العائلة».
ويقول محمد الفايز (رب أسرة مكونة من أربعة أفراد) لـ «القدس العربي» إن القسائم الشرائية التي أعيد صرفها للاجئين السوريين خارج المخيمات لن تقدم أو تؤخر، طالما أنها لا تسد أبسط احتياجات العائلات بسبب قيمتها المتدنية مقارنة بغلاء الأسعار في الأردن.
ويضيف: «أنا أحصل على 40 دينارا أردنيا (60 دولارا) عن عائلتي المكونة من أربعة أشخاص، وهي لا تكفي لشراء الحاجات الغذائية الأساسية من أرز، وسكر، وطحين، و خضار لمدة أسبوع، مع علم الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء أنه لا يحق لنا العمل داخل المملكة».
كوبونات بلا قيمة حقيقية
برنامج الغذاء العالمي لفت في بيانه الأخير النظر الى أن سبب إعادة القسائم الشرائية لقسم محدود من اللاجئين السوريين وهم الأشد حاجة وعددهم قرابة 210 ألاف لاجئ يسكنون خارج المخيمات إضافة لخفض قيمة القسيمة (من 35 دولارا إلى 15 دولارا للشخص الواحد)، يعود للنقص الحاد في المساعدات المادية المقدمة من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية.
ويشير الدكتور محمد أرحابي، مدير منظمة «هذه حياتي التطوعية»، إلى عدم مراعاة برنامج الغذاء العالمي ومن خلفه الأمم المتحدة لأوضاع اللاجئين المأساوية، طارحاً مثالاً بسيطاً عن قصة امرأة سورية أعيد صرف الكوبون لها، قائلا:» هذه المرأة تعيش لوحدها و قيمة القسيمة الشرائية لها 10 دنانير. وهي مضطرة للذهاب إلى المول الذي يبعد عن بيتها مسافة كبيرة، ما يعني أنها ستضع أجرة تنقلات كقيمة الكوبون تقريبا.»
وبسؤاله عن دور الفرق التطوعية في مثل هذه الأوضاع، لم يخف أرحابي عدم تكاتف الفرق بالشكل المطلوب على الرغم من الجهود الجبارة المبذولة من قبلهم لسد ثغرات الأمم المتحدة الغذائية والطبية والإغاثية كتأمين الملابس والتدفئة وخاصة مع قدوم فصل الشتاء، على حد قوله.
الكوبونات داخل المخيمات قصة أخرى
أدى إيقاف الكوبونات قبل نحو العام إلى عودة قسم من اللاجئين إلى سوريا للموت تحت القصف بدلا من الموت جوعا، على حد تعبيرهم، فيما قرر قسم آخر الانتقال للسكن داخل المخيمات المخصصة من قبل الأمم المتحدة للاجئين السوريين في الأردن والتي تعاني أوضاعا خدمية مزرية. وتختلف أوضاع اللاجئين السوريين المقيمين داخل مخيمات الزعتري والأزرق من ناحية صرف الكوبونات وقيمتها، حيث لم يتوقف صرفها منذ افتتاح هذه المخيمات نظراً لأن قاطنيها يصنفون بأنهم الأشد حاجة للمعونات الغذائية.
الصحافي فراس اللباد، المقيم داخل مخيم الزعتري، يوضح لـ «القدس العربي» أن الفرد الواحد يحصل على قسيمة شرائية بقيمة 20 دينارا أردنيا، فضلاً عن حصوله على قسائم للغاز قيمة كل قسيمة 9.5 دينار ومساعدات أخرى كمواد التنظيف وحليب الأطفال.
ويتابع قائلا: «شهد المخيم في الفترة الأخيرة حالات عودة اللاجئين من المدن الأردنية إلى المخيم بسبب وفرة المساعدات والأوضـاع المسـتقرة للمعيشة مقارنة بانقطاع الكوبونات والمساعدات الأخرى خارج المخيم».
الفن والكوبونات
الفنان السوري فراس إمام، الذي قام بتأليف وتلحين أغنية ساخرة بعنوان «سرقوا مني كوبوني» قبل نحو السنة، علق على إعادة صرف الكوبونات قائلاً: «هذه القضية اعتادت عليها الشعوب المقهورة والمظلومة من قبل حكوماتها. فهي أداة رخيصة تستخدمها تلك الحكومات لتبقي الشعب يلهث وراء لقمة عيشه وينسى قضاياه الرئيسية المحورية، تماماً كما يفعل المجتمع الدولي حالياً باللاجئين السوريين لإبعادهم عن قضيتهم الأم»، على حد وصفه.
وأكد أن موضوع حرمان اللاجئين من أبسط حقوقهم بالحياة كالغذاء والمأوى هو مخطط عالمي لإنهاك تلك الشعوب حتى آخر نفس وإرضاخها لقرارات القوى العظمى ولكن بأسلوب مدروس ومنظم.
ويشار إلى أن برنامج الغذاء العالمي هو فرع المساعدات الغذائية التابع لمنظومة الأمم المتحدة، ويقدم مساعدات غذائية لأكثر من 90 مليون شخص حول العالم منهم 550 ألف لاجئ سوري داخل المملكة الأردنية عن طريق قسائم ورقية والكترونية تصرف من الأسواق المحلية.
القدس العربي – إيلاف قداح