إسطنبول ـ لندن ـ «القدس العربي» من إسماعيل جمال واحمد المصري: تتزايد المؤشرات حول وجود استعدادات تركية كبيرة من أجل القيام بعملية برية واسعة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» على الشريط الحدودي داخل الأراضي السورية، فيما تتحدث مصادر من المعارضة السورية عن نية تركيا إنشاء منطقة آمنة داخل سوريا بعمق 50 كيلو مترا تفعيلا لاتفاقية أضنة.
وبعد أيام من تسريبات إعلامية نشرتها الصحافة التركية، وتعزيزات متواصلة للجيش التركي على الحدود، وتنفيذ قوات الكوماندوز عملية برية خاطفة قبل أيام، بالإضافة إلى تعزيز التنظيم لتحصيناته على الجانب الآخر من الحدود، كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الخميس، عن أن بلاده تستعد لتطهير الحدود من «الدولة الإسلامية».
وأكد أردوغان في خطاب له أن بلاده تستعد «لتطهير» الجانب السوري من حدودها ردا على استمرار التنظيم في إطلاق صواريخ على مدينة كيليس خلال الأسابيع الأخيرة الأمر الذي أدى إلى مقتل وإصابة عشرات المواطنين الأتراك واللاجئين السوريين.
وأضاف أردوغان أن تركيا تقوم بالاستعدادات الضرورية «بسبب الصعوبات في كيليس». ولفت إلى أن بلاده مستعدة للعمل بمفردها. وشكا من أن تركيا لم تحصل على الدعم المبتغى من حلفائها
وتعقيبا على الأنباء المتزايدة من أن تركيا تعد العدة للقيام بعملية برية منفردة ضد تنظيم «الدولة»، فيما تدور شكوك سورية نظامية وروسية بأن الهدف هو إقامة منطقة آمنة داخل الأراضي السورية اتصلت «القدس العربي» بالمكتب الاعلامي لوزارة الخارجية الأمريكية إلا أن المكتب رفض التعليق.
في السياق ذاته، كشفت صحيفة «يني شفق» التركية، في عددها الصادر أمس الخميس، عن أن تنظيم «الدولة» يعمل منذ أيام على تحصين مواقعه على الجانب الآخر من الحدود، مشيرة إلى أن التنظيم زرع مئات الألغام على امتداد المناطق التي يسيطر عليها في الشريط الحدودي خشية بدء عملية توغل تركية مفاجئة ضده.
وأوضحت الصحيفة أن التنظيم يعمل على بناء تحصينات كبيرة وسواتر ترابية وزراعة مزيد من الألغام الأرضية وبناء الدشم.
وكان موقع «خبر 7» التركي المقرب من الحكومة نشر الاثنين الماضي، خبراً قال فيه إن وحدات من الجيش التركي والقوات الخاصة تقوم بعمل تجهيزات كبيرة من أجل تنفيذ عملية برية ضد مناطق حدودية يسيطر عليها تنظيم «الدولة» ويطلق منها الصواريخ على مدينة كيليس التركية.
وبحسب الموقع فإن طائرات حربية ستساند القوات الخاصة التي ستنفذ العمليات داخل سوريا، لافتاً إلى أن هذه القوات ستعود إلى الأراضي التركية فور تمكنها من تمشيط المناطق التي دخلتها وطرد جميع مسلحي تنظيم «الدولة» من جميع المناطق على عمق 50 كيلومترا من الحدود التركية.
وبحسب ما أكدت مصادر خاصة لـ»القدس العربي» من مدينة كيليس الحدودية مع سوريا، فإن الجيش التركي يواصل منذ أيام إرسال تعزيزات كبيرة إلى المنطقة تمثلت في إرسال دبابات وناقلات جند ومنصات لإطلاق الصواريخ حيث يمكن للسكان مشاهدتها وهي تتجه إلى الشريط الحدودي.
وكثف الجيش التركي في الأسابيع الأخيرة من عمليات استهداف التنظيم، حيث يضرب بشكل شبه يومي مواقع ومنصات صواريخ بواسطة المدفعية الثقيلة والصواريخ الموجهة، كما استخدم الجيش الطائرات بدون طيار في رصد مسلحي الدولة، في إشارة على وجود تفاهمات معينة مع روسيا والولايات المتحدة اللتين تسيطران على الأجواء السورية.
وقال رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أنس العبدة، إن «بروتوكول أضنة (المبرم بين تركيا وسوريا عام 1998) يهيئ الأرضية اللازمة لأنقرة لإقامة منطقة آمنة (في سوريا)».
وتابع العبدة قائلا «وفي حال تحقق ذلك، وأُقيمت المنطقة الآمنة، تكون أنقرة قد أمّنت حدودها، وعندئذٍ يمكن للسوريين أن يعودوا إلى بلادهم في أمانٍ».
يذكر أن بروتوكول أضنة الذي يعرف بـ»اتفاقية أضنة الأمنية»، سريّة البنود، وُقّع بين تركيا وسوريا عام 1998، في ولاية أضنة جنوبي تركيا.
من جانبها حذرت روسيا الاتحاد الأوروبي من دعم تركيا في مساعيها الرامية لإقامة ما يعرف بمناطق آمنة في سوريا. وقال سفير روسيا لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيشوف في تصريح لصحيفة «دي فيلت» الألمانية الصادرة أمس الخميس، إن هناك شكوكا بالغة في أن مثل هذه المناطق تخدم أغراضا إنسانية.
أضاف تشيشوف «أطالب الاتحاد الأوروبي بعدم دعم خطط تركيا بشأن إقامة مناطق آمنة».
كما رأى السفير الروسي لدى الاتحاد الأوروبي أن «الأكثر احتمالا هو أن يستخدم الإسلاميون المسلحون هذه المناطق ملاذا يعيدون فيه تسليح أنفسهم والتزود بالعتاد ثم يعودون للحرب مرة أخرى وهو ما يمكن أن يمد أمد المذبحة في سوريا».
كما حذر تشيشوف الاتحاد الأوروبي من استخدام هذا الدعم «كصفقة تبادلية مع أنقرة مقابل وقف تدفق اللاجئين للاتحاد الأوروبي». وقال إن هذه المناطق الآمنة ستكون لها عواقب «فدعم تركيا في إقامة جيوب آمنة في تركيا سيكون انتهاكا لسيادة سورية ووحدة أراضيها، ولن يساهم ذلك في توطيد حق الاتحاد الأوروبي كوسيط محايد وفاعل مسؤول في الشرق الأوسط».
والأحد الماضي نفذت وحدات من القوات الخاصة التابعة للجيش التركي عملية عسكرية برية خاطفة داخل إحدى المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة في سوريا، في حين أعلنت هيئة الأركان التركية قتل العشرات من مسلحي التنظيم في قصف مدفعي وصاروخي على مواقعهم.
وفي تطور لافت، قالت الصحيفة إن قيادة الجيش التركي قامت بإبلاغ الولايات المتحدة وروسيا عن العملية قبل انطلاقها، خشية حدوث مشاكل عسكرية في المنطقة التي تنفذ فيها عدة أطراف عمليات عسكرية ضد التنظيم. وهذه أول مرة يعلن فيها الجيش التركي التنسيق مع الجانب الروسي منذ حادثة إسقاط طائرات حربية تركية مقاتلة روسيا قرب الحدود مع روسيا وتدهور العلاقات بين البلدين، كما أنها المرة الأولى التي تدخل فيها قوات تركية الأراضي السورية منذ هذه الحادثة.
القدس العربي