عمان ـ «القدس العربي»: تكاد فترة ولاية السفير الإيراني في الأردن محبتي فردوسي تنتهي من دون أن يتمكن من التواصل الرسمي فعلياً مع أي مسؤول رفيع المستوى في الهرم الأردني بسبب حجم الارتياب من جانب الحكومة الأردنية في كل ما يتعلق بالشأن الإيراني.
السفير يقترب من عامه الرابع، وهو يحتفظ بالشكوى نفسها واسطوانة التذمر من الموانع التي تحيل عمله الدبلوماسي والسياسي في عمان إلى عملية معقدة وصعبة. وضع السفير رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة في صورة المشكلة التي يستمر في المعاناة منها على أساس ان الطراونة هو المسؤول الأردني الوحيد تقريباً الذي زار طهران قبل عدة أسابيع وحاول العزف على وتر التواصل مستأذناً من القصر الملكي قبل أن يصل شخصياً إلى القناعات نفسها التي ترسخ مبدأ ان العلاقة مع إيران ملف أمني وليس سياسياً. وهو بالتالي ملف عابر للحكومة والوزراء والسفراء ويتم التعامل معه بالأجزاء وليس بالقطعة وبنظام التنقيط وليس التقسيط، كما يصف أحد السياسيين المحترفين، الأمر الذي حاول المناورة والمبادرة لتجاوزه وتجاهله أو لإعادة إنتاجه السفير الإيراني.
السفير نفسه يشكو من الأبواب الموصدة في وجهه والمماطلة والتأخير الطويل عندما يطلب موعداً مع مسؤولين في وزارة الخارجية. وخلافاً لبقية السفراء في العاصمة عمان لا يمكن رصد السفير الإيراني في سهرات السياسيين أو خلال موائد العشاء المسيسة، لأن نشطاء في مجال التواصل مع السفراء يخافون من كلف التفاعل والتواصل مع سفير الجمهورية الإيرانية.
ومؤخرا أبلغت سفارة طهران الجانب الأردني رسميا ان وزير الخارجية أحمد ظريف يرغب في زيارة عمان بعد زيارة يتيمة جدا قام بها قبل أكثر من عامين.
الجواب الأردني كان معدوما، لان مستوى التقاطع في الحسابات والسياسات والمصالح في محور عمان وطهران ليس من الممكن التغافل عنه أو تجاهله خصوصا ان العلاقة احادية دبلوماسيا، فالسفير فردوسي يقوم بمهام عمله ويتواجد في عمان بالرغم من الصعوبات الكبيرة التي يواجهها، لكن نظيره الأردني في إيران الدكتور عبد الله ابو رمان تجاوز عدة أشهر في المركز في عمان بعد استدعائه وسحبه رسميا العام الماضي ردا على الاعتداء على سفارة السعودية في طهران.
يتغافل السفير الإيراني الذي يكثر من التذمر والشكوى عن عدة حقائق ووقائع تحكم البوصلة الأردنية ولا تثير حول سفارته أيا من مناخات الارتياح.
مؤخرا كرر السفير شكواه من اغلاق الأبواب للتعاون والتفاهم أو حتى الحوار السياسي أمامه رغم انه وجه رسالة سلبية في الوقت نفسه للسلطات الأردنية عندما تقصد تمكين الجندي الشهير احمد الدقامسة من القاء خطاب باسم الشعب الأردني على هامش حفل الإفطار الرمضاني الذي أقامته سفارة طهران.
وجود الدقامسة الذي طلبت منه السلطات التزام بيته بعد الإفراج عنه في الحفل الإيراني كان بمثابة رسالة غير ودية من السفارة.
لكن الأسوأ منها في المقياس الرسمي الأردني هو تمكينه من القاء خطاب اعتبر فيه الجمهورية الإيرانية رمزا للنضال والجهاد والمقاومة في لغة تتعاكس بالمطلق مع لغة جميع المؤسسات الرسمية الأردنية.
لذلك تبدو استفسارات السفير منطلقة بقدر من التغافل أو حتى التخابث الدبلوماسي، لأن الانفتاح على المعارضين خطوة لا يمكن الترحيب بها خصوصا ان السفير نفسه يخلف سفيراً آخر اتهمته السلطات الأردنية خلف الستارة بتجاوز العرف الدبلوماسي في عدة أحداث اقتربت من نمط التدخل في الشؤون الداخلية وفي بعض الأحيان التجسس.
وبالتالي من وجهة نظر دوائر القرار الأردنية لا يقدم سفراء طهران المتعاقبون أدلة وقرائن تساعد في الانضباط ولا تثير أو تنتج الارتياب مما يعزز القناعة بإظهار الحد الأدنى من التعاون معهم والانفتاح عليهم ما دامت الخلافات السياسية الأكبر والأعمق بين البلدين توفر أصلاً مساحة كبيرة من التعاكس والتناقض وكمية لا يستهان بها من الارتياب المتبادل.
بمعنى آخر لدى الجانب الأردني ملاحظات أساسية على السفراء من الجانب الإيراني وبالتالي تتكرس مراقبتهم أكثر من امكانية استقطابهم والحرص منهم أكثر من الحرص على فتح العلاقات معهم مع تجنب إظهار العداء والخصومة بالرغم من الخلافات السياسية الأكبر والأعمق بين الجانبين والتي تشمل العديد من الملفات بما فيها الفلسطيني والسوري والعراقي.
تركيز ممثلي الجمهورية الإيرانية وأصدقائهم على انتقاء معارضين ونشطاء في الساحة الشعبية بعيداً عن الصف الرسمي، من المسلكيات التي تزعج السلطات الأردنية خصوصا بعد الكشف عن تمويل بعض الأردنيين والفلسطينيين في الماضي عبر بيروت وعمان وبعد استضافة أكثر من مناكف للنظام الأردني في طهران في مؤتمرات متنوعة.
في كل الأحوال لا يقدم سفراء إيران للجانب الأردني ما يخفف من الارتياب في الوقت الذي تضغط فيه الأجندات السياسية على بعضها وبصورة تجعل عمان مهتمة بالحفاظ على مسافات لا يستهان بها في الجانب السياسي مع إيران وممثليها ومؤسساتها كما تدفعها لرفض العروض الإيرانية للتعاون النفطي وتجنب الانفتاح الكبير على الوزير ظريف وسفرائه حفاظا على مصالح الأردن مع السعودية ونمط العلاقات مع إسرائيل.
في خلاصة التحليل يمكن القول ان حديث الإيرانيين عن رغبتهم في التعاون أكثر مع «الجار الأردني» هو أكثر ما يلفت النظر إلى مستوى التحايل الإيراني في اللغة والأدوات والمفردات وفي النتيجة إلى توسيع رقعة الارتياب الأردني. فكلمة بهذا المعنى هي التي تثير قبل وأكثر من غيرها هواجس الأردن ومخاوفه بدليل ان وزير الخارجية ايمن الصفدي ساوى في تصريح شهير خطر الإرهاب الجهادي في سوريا بخطر الميليشيات الإيرانية والمدعومة من إيران عندما تحدث مع نظيره الروسي فلاديمير لافروف.
القدس العربي
السفير يقترب من عامه الرابع، وهو يحتفظ بالشكوى نفسها واسطوانة التذمر من الموانع التي تحيل عمله الدبلوماسي والسياسي في عمان إلى عملية معقدة وصعبة. وضع السفير رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة في صورة المشكلة التي يستمر في المعاناة منها على أساس ان الطراونة هو المسؤول الأردني الوحيد تقريباً الذي زار طهران قبل عدة أسابيع وحاول العزف على وتر التواصل مستأذناً من القصر الملكي قبل أن يصل شخصياً إلى القناعات نفسها التي ترسخ مبدأ ان العلاقة مع إيران ملف أمني وليس سياسياً. وهو بالتالي ملف عابر للحكومة والوزراء والسفراء ويتم التعامل معه بالأجزاء وليس بالقطعة وبنظام التنقيط وليس التقسيط، كما يصف أحد السياسيين المحترفين، الأمر الذي حاول المناورة والمبادرة لتجاوزه وتجاهله أو لإعادة إنتاجه السفير الإيراني.
السفير نفسه يشكو من الأبواب الموصدة في وجهه والمماطلة والتأخير الطويل عندما يطلب موعداً مع مسؤولين في وزارة الخارجية. وخلافاً لبقية السفراء في العاصمة عمان لا يمكن رصد السفير الإيراني في سهرات السياسيين أو خلال موائد العشاء المسيسة، لأن نشطاء في مجال التواصل مع السفراء يخافون من كلف التفاعل والتواصل مع سفير الجمهورية الإيرانية.
ومؤخرا أبلغت سفارة طهران الجانب الأردني رسميا ان وزير الخارجية أحمد ظريف يرغب في زيارة عمان بعد زيارة يتيمة جدا قام بها قبل أكثر من عامين.
الجواب الأردني كان معدوما، لان مستوى التقاطع في الحسابات والسياسات والمصالح في محور عمان وطهران ليس من الممكن التغافل عنه أو تجاهله خصوصا ان العلاقة احادية دبلوماسيا، فالسفير فردوسي يقوم بمهام عمله ويتواجد في عمان بالرغم من الصعوبات الكبيرة التي يواجهها، لكن نظيره الأردني في إيران الدكتور عبد الله ابو رمان تجاوز عدة أشهر في المركز في عمان بعد استدعائه وسحبه رسميا العام الماضي ردا على الاعتداء على سفارة السعودية في طهران.
يتغافل السفير الإيراني الذي يكثر من التذمر والشكوى عن عدة حقائق ووقائع تحكم البوصلة الأردنية ولا تثير حول سفارته أيا من مناخات الارتياح.
مؤخرا كرر السفير شكواه من اغلاق الأبواب للتعاون والتفاهم أو حتى الحوار السياسي أمامه رغم انه وجه رسالة سلبية في الوقت نفسه للسلطات الأردنية عندما تقصد تمكين الجندي الشهير احمد الدقامسة من القاء خطاب باسم الشعب الأردني على هامش حفل الإفطار الرمضاني الذي أقامته سفارة طهران.
وجود الدقامسة الذي طلبت منه السلطات التزام بيته بعد الإفراج عنه في الحفل الإيراني كان بمثابة رسالة غير ودية من السفارة.
لكن الأسوأ منها في المقياس الرسمي الأردني هو تمكينه من القاء خطاب اعتبر فيه الجمهورية الإيرانية رمزا للنضال والجهاد والمقاومة في لغة تتعاكس بالمطلق مع لغة جميع المؤسسات الرسمية الأردنية.
لذلك تبدو استفسارات السفير منطلقة بقدر من التغافل أو حتى التخابث الدبلوماسي، لأن الانفتاح على المعارضين خطوة لا يمكن الترحيب بها خصوصا ان السفير نفسه يخلف سفيراً آخر اتهمته السلطات الأردنية خلف الستارة بتجاوز العرف الدبلوماسي في عدة أحداث اقتربت من نمط التدخل في الشؤون الداخلية وفي بعض الأحيان التجسس.
وبالتالي من وجهة نظر دوائر القرار الأردنية لا يقدم سفراء طهران المتعاقبون أدلة وقرائن تساعد في الانضباط ولا تثير أو تنتج الارتياب مما يعزز القناعة بإظهار الحد الأدنى من التعاون معهم والانفتاح عليهم ما دامت الخلافات السياسية الأكبر والأعمق بين البلدين توفر أصلاً مساحة كبيرة من التعاكس والتناقض وكمية لا يستهان بها من الارتياب المتبادل.
بمعنى آخر لدى الجانب الأردني ملاحظات أساسية على السفراء من الجانب الإيراني وبالتالي تتكرس مراقبتهم أكثر من امكانية استقطابهم والحرص منهم أكثر من الحرص على فتح العلاقات معهم مع تجنب إظهار العداء والخصومة بالرغم من الخلافات السياسية الأكبر والأعمق بين الجانبين والتي تشمل العديد من الملفات بما فيها الفلسطيني والسوري والعراقي.
تركيز ممثلي الجمهورية الإيرانية وأصدقائهم على انتقاء معارضين ونشطاء في الساحة الشعبية بعيداً عن الصف الرسمي، من المسلكيات التي تزعج السلطات الأردنية خصوصا بعد الكشف عن تمويل بعض الأردنيين والفلسطينيين في الماضي عبر بيروت وعمان وبعد استضافة أكثر من مناكف للنظام الأردني في طهران في مؤتمرات متنوعة.
في كل الأحوال لا يقدم سفراء إيران للجانب الأردني ما يخفف من الارتياب في الوقت الذي تضغط فيه الأجندات السياسية على بعضها وبصورة تجعل عمان مهتمة بالحفاظ على مسافات لا يستهان بها في الجانب السياسي مع إيران وممثليها ومؤسساتها كما تدفعها لرفض العروض الإيرانية للتعاون النفطي وتجنب الانفتاح الكبير على الوزير ظريف وسفرائه حفاظا على مصالح الأردن مع السعودية ونمط العلاقات مع إسرائيل.
في خلاصة التحليل يمكن القول ان حديث الإيرانيين عن رغبتهم في التعاون أكثر مع «الجار الأردني» هو أكثر ما يلفت النظر إلى مستوى التحايل الإيراني في اللغة والأدوات والمفردات وفي النتيجة إلى توسيع رقعة الارتياب الأردني. فكلمة بهذا المعنى هي التي تثير قبل وأكثر من غيرها هواجس الأردن ومخاوفه بدليل ان وزير الخارجية ايمن الصفدي ساوى في تصريح شهير خطر الإرهاب الجهادي في سوريا بخطر الميليشيات الإيرانية والمدعومة من إيران عندما تحدث مع نظيره الروسي فلاديمير لافروف.
القدس العربي